تستحق سنة 2014/2964 أن نطلق عليها إسم السنة “صفر” من حيث ما تحقق للأمازيغية، إذ لم يبقى واقع الأمازيغية على حاله المزري فقط بل أكثر من ذلك ثمة تراجعات خطيرة وتجاهل تام لحقوق الأمازيغية، بل أحيانا تحدي لهم من قبل جهات ومؤسسات لها نفوذها في الدولة المغربية.
وعلى الرغم من أن الدستور المغربية أقر الأمازيغية كلغة رسمية، إلا أنه لا يوجد في الواقع المغربي للسنة الثالثة على التوالي ما يؤشر على أي تغيير عما كان عليه الحال قبل إقرار الأمازيغية كلغة رسمية.
الإعتراف برأس السنة الأمازيغية
الحركة الأمازيغية طوال عقود ظلت تطالب بإقرار رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني بعطلة، وعلى الرغم من رمزية الخطوة إلا أن الدولة المغربية تجاهلت ذلك الحق تماما، بل أكثر من ذلك وحتى بعد أن استبشر الأمازيغ خيرا بترسيم لغتهم وإن بشكل فيه سعي لإرضاء خواطر المحافظين، إلا أن الدولة لا زالت للسنة الثالثة على التوالي ونحن على بعد أيام من تخليد الأمازيغ لرأس السنة الأمازيغية ترفض الاعتراف بعيد يعني على المستوى الرمزي الكثير، لكنه لن يكلف تلك الدولة شيئا، وحتى لو كلفها فهي تسير وتدار بأموال دافعي الضرائب من عشرات الملايين من المواطنين الأمازيغ.
الأمازيغية في التعليم
في تصريح خطير للغاية ضد الأمازيغ قال وزير التربية الوطنية والتكوين المهني السيد رشيد بن المختار، يوم الثلاثاء23 سبتمبرفي ندوة صحافية عقدها بمقر وكالة المغرب الكبير للأنباء التي لا تزال تسمى وكالة المغرب “العربي”، قال “أن دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية بالمغرب لا يعني تدريسها”.
وزير التعليم المغربي جاء تصريحه ردا على سؤال للعالم الأمازيغي تناول التراجع عن الأمازيغية في التعليم وتكليف أساتذة تكونوا في الأمازيغية بتدريس لغات أخرى كالعربية والفرنسية، إلى جانب إلغاء تدريس الأمازيغية حتى في المدارس النموذجية التي زارها ملك المغرب بمناسبة افتتاح الموسم الدراسي الحالي.
وزير التربية المغربي قال كذلك أن إدماج الأمازيغية في التعليم لا يمكن الحديث فيه حاليا إلى حين إصدار القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للغات والثقافة، وأن لا علم له بأي تراجع عن تعليم الأمازيغية في حدوده السابقة.
وأضاف بلمختارالذي حل ضيفا على ملتقى وكالة المغرب الكبير للأنباء، لمناقشة موضوع “تحديات الدخول المدرسي ورهانات إصلاح النظام التربوي”، أنه من أجل تغيير المدرسة المغربية لتمنح، بشكل منصف، لكل المواطنين تعليما وتكوينا ذي جودة، مرتكزا على القيم والمبادئ العليا للوطن، في إطار المشروع الجديد الذي يحمل عنوان “مدرسة جديدة من أجل مواطن الغد“،تم جعل التدابير ذات الأولوية خلال الموسم الدراسي الحالي للمضي نحو تحقيق تلك الرؤية، تتمحور حول التحكم في اللغة العربية والتمكن من التعلمات الأساسية، عبر اعتماد منهاج جديد للسنوات الأربع الأولى من التعليم الابتدائي وتحديد عتبات الانتقال بين الأسلاك.
وزارة التربية الوطنية المغربية أعلنت عن مشروع تعليمي جديد في أفق سنة 2030 لا ذكر فيه للأمازيغية ويرتكز على العربية فقط.
موقع أمدال بريس توصل حينها من مصادر موثوقة بجرد لجملة من المشاكل والعراقيل المسجلة السنة الماضية فيما يتعلق بتدريس الأمازيغية بعدد من مدن المغرب، إذ هناك تراجع عن تكليفات الأساتذة بتدريس الأمازيغية في مدينة خنيفرة وبالتالي تغييب الأمازيغية من المنظومة التربوية، ونفس الأمر حدث بمدينة المحمدية أي إلغاء تدريس الأمازيغية عمليا.
وبأزيلال تم الضغط على أساتذة لتدريس العربية عوض الأمازيغية وقد قبل بذلك بعضهم في نهاية المطاف، أما خريبكة فقد مارس النائب والمديرون ضغوطا على الأساتذة للتخلي عن تدريس الأمازيغية.
هذا وفي تعبئة واسعة وردود فعل قوية تحركت الإطارات الأمازيغية بالمغرب مصدرة بيانات منددة كما أقدم بعضها على الإحتجاج ضد التراجع وإلغاء تدريس الامازيغية، لكن وزارة التربية الوطنية مضت في مخططها دون الإستجابة لمطالب الأمازيغ لتنتهي سنة 2014 صفرا بالنسبة للأمازيغية في التعليم.
الأمازيغ ومعركة الإحصاء
عقب الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران بخصوص الإحصاء العام السادس للسكان والسكنى الذي أجري شهر شتنبر 2014، عبر عدد من النشطاء الأمازيغ عن رفضهم لإشراف أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط على أي إحصاء بالبلاد، خاصة وأن الإحصاء الذي أشرف عليه سنة 2004 يفتقد كليا للمصداقية، وحاول إظهار الأمازيغ كأقلية هامشية في المغرب، بحديثه عن كون الأمازيغ لا يتعدون نسبة ثمانية وعشرين بالمائة من السكان.
واعتبر الأمازيغ أن إحصاء سنة 2004 تم فيه تزوير نسبة الأمازيغ بالمغرب بشكل فظيع جدا، وأن أي إحصاء سيجرى بالمغرب هذه السنة لن يقبل الأمازيغ أن يشرف عليه نفس الشخص الذي زور بحدة إحصاء المغاربة قبل عشر سنوات، وأنهم سيوجهون الدعوة لمقاطعة إحصاء سنة 2014 في حالة لم تتم الاستجابة لمطالبهم وفي مقدمتها عدم إشراف الحليمي عليه.
وهو ما حدث إذ قرر التجمع العالمي الأمازيغي مقاطعة الإحصاء العام للسكان وقام بحملة ميدانية شملت كل التراب المغربي تضمنت لقاءات مع المواطنين والإطارات الأمازيغية، بالإضافة لتوزيع منشورات تدعو المواطنات والمواطنين لمقاطعة الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، وقد لجأ التجمع العالمي الأمازيغي لخيار المقاطعة بعد رفض كل مطالبه فيما يتعلق بضرورة احترام التوصيات الأممية فيما يتعلق باللغة الأم أثناء القيام بالإحصاء، إلى جانب إقالة أحمد الحليمي العلمي لتورطه في تزوير إحصاء سنة 2004 وجعل نسبة المتكلمين بالأمازيغية 28 في المائة فقط، أي أقل من الفرنكفونيين.
واستنكر التجمع العالمي الأمازيغي تجاهل الدولة المغربية للمعايير الأممية في إجراء الإحصاء، وأعلن للرأي العام الوطني والدولي تنديده بعدم إقالة ومحاسبة أحمد الحليمي بسبب تزويره لنسبة الأمازيغ في إحصاء سنة 2004 حيث جعلهم أقل حتى من نسبة المغاربة الذين يتحدثون بالفرنسية، وسعيه لتزوير إحصاء 2014، وتجاهله للمعايير الأممية في إجراء الإحصاء بل أنه صرح لوسائل الإعلام برفضه لسؤال اللغة الأم واعتبر طرحه خطيرا.
كما ندد التجمع العالمي الأمازيغي بعدم تطبيق ما ورد في تقرير الأمم المتحدة المراجع والمنقح من طرف شعبة الإحصاءات للأمم المتحدة برسم دورة إحصاءات 2009، إذ فيما يخص اللغة أورد ثلاث أنواع من البيانات المتعلقة باللغة الأم يمكن جمعها في التعداد، وتشمل:
– اللغة الأم، وتعرف بأنها اللغة التي يتكلمها الفرد في طفولته المبكرة.
–اللغة المستخدمة عادة، وتعرف بأنها اللغة التي يتكلمها الفرد في الوقت الراهن، أو في أغلب الأحيان، في منزله…
– القدرة على التخاطب بلغة معينة أو أكثر.
وفي سياق جمع البيانات عن اللغة المستعملة أو عن اللغة الأم، تؤكد الأمم المتحدة على “أهمية بيان كل لغة لها أهمية عددية في البلاد لا اللغة السائدة فحسب“.
إلى جانب ذلك أورد التجمع العالمي الأمازيغي الذي تزعم المقاطعين للإحصاء جملة من الخروقات والإختلالات التي شابت الإحصاء العام للسكان والسكنى، وقد خلق موقف الأمازيغ جدلا إعلاميا واسعا داخل المغرب وخارجه دفع المندوب السامي للتخطيط للهجوم إعلاميا على الأمازيغ.
هذا ولا زالت معركة الإحصاء العام للسكان مستمرة إذ قام التجمع العالمي الأمازيغي بصياغة تقرير شامل حول مختلف الخروقات التي شابت العملية، ومن المنتظر أن تمتد تلك المعركة إلى سنة 2015.
منع الحديث بالأمازيغية في البرلمان
في جلسة للبرلمان المغربي مساء يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2014 قام وزير التشغيل المغربي عبد السلام الصديقي بمحاولة للحديث بالأمازيغية، حين تناول مشاكل الجالية المغربية بهولندا الذين لا يعرفون سوى لغتين وهما الأمازيغية والهولندية، ما عرضه لهجوم شرس من قبل نواب برلمانيين مع مغادرة آخرين لقاعة الجلسات احتجاجا بدعوى أنهم لا يعرفون الأمازيغية ما دفع الوزير للرد عليهم بالقول “اذهبوا لتتعلموها”.
ما أقدم عليه ثلة من نواب البرلمان المغربي ضد وزير التشغيل ليس سابقة إذ حدث نفس الأمر مع نواب برلمانيين ووزراء حاولوا الحديث بالأمازيغية، كما سبق وشكل مجموعة من البرلمانيين منذ 27 ماي 2014 لجنة لتفعيل الأمازيغية داخل البرلمان المغربي، بعد مرور سنتين على منع الحديث بالأمازيغية داخل قبة البرلمان المغربي، وذلك بعد إعلان النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة السيدة خديجة الرويسي التي ترأست جلسة يوم الإثنين 07 ماي 2012، قرار رؤساء الفرق البرلمانية منع الحديث بالأمازيغية داخل البرلمان لحين توفير أجهزة للترجمة للعربية، وذلك عقب سؤال شفوي بالأمازيغية للنائبة البرلمانية فاطمة تباعمرانت التي حاولت مرات أخرى إلى جانب برلمانيين آخرين الحديث بالأمازيغية، وحتى كتابة إسمها بتفيناغ في جلسة تصويت وهو ما قابله نواب آخرون بالاستنكار، ما أثار حنق وسخط النشطاء الأمازيغ الذين اعتبروا منع الحديث بالأمازيغية والاحتجاج على من يتحدث بها داخل البرلمان عنصرية يجب وضع حد لها، كما اعتبروا أن قصر الترجمة على الأمازيغية دونا عن العربية عنصرية بالغة لا تراعي ملايين المواطنين الأمازيغ الذي لا يعرفون العربية، ناهيك عن أنه منذ أكثر من نصف قرن يتم استعمال العربية فقط دون أن يثير ذلك احتجاج نواب الأحزاب المغربية نظرا لتهميش الأمازيغية لغة أغلبية المغاربة.
الأمازيغية في الإعلام
استمرت القنوات التلفزية والإذاعية وشركات التواصل وشركات الإنتاج السمعي البصري في إقصاء الفنانين والرياضيين والممثلين الأمازيغيين من الوصلات الإشهارية والبرامج التواصلية والترفيهية، مما يدل على استمرار التمييز العنصري وغياب نية واضحة للقطع مع ماضي العنصرية والتهميش رغم تنصيص الدستور المغربي الجديد على مبادئ التعددية والمساواة، كما واصلت مختلف القنوات والإذاعات المغربية خرق دفاتر التحملات فيما يتعلق بنسب الأمازيغية فيها.
وبخصوص القناة الأمازيغية فلا جديد هذه السنة فيما يتعلق بساعات البث إذ بقيت على حالها كما هي منذ انطلاقها قبل سنوات، كما لم تشهد الإعتمادات المالية المخصصة لها أي تطور يستحق الذكر.
وتواصل استثناء الأمازيغ والأمازيغية، من الحملات الوطنية للتوعية والتحسيس والوقائية، على سبيل المثال، مؤسسة محمد الخامس للتضامن، الحملة التي نظمت مؤخرا ضد الرشوة بكل اللغات باستثناء اللغة الأمازيغية والحملة الوطنية للوقاية من حوادث السير الخ…
وضعية الأمازيغية في الإعلام إذا سلبية موازاة مع وضعيتها الكارثية في التعليم والقضاء وباقي مناحي الحياة العامة.
تفعيل ترسيم الأمازيغية
للسنة الثالثة على التوالي يبقى ترسيم الأمازيغية دون أي تفعيل، لكن الجديد سنة 2014 هو رمي الكرة في ملعب المؤسسة الملكية من قبل رئيس الحكومة والأحزاب السياسية، إذ بعد ان ظلت تلك الأحزاب تضيع الوقت طوال سنوات وتوحي بأنها ستعمل على إخراج القانون التنظيمي لتفعيل ترسيم الأمازيغية فجأة.. صرح رئيس الحكومة المغربية ان تفعيل ترسيم الأمازيغية بيد هيأت عليا، كما صرح ممثلون لأحزاب سياسية بنفس الموقف في ندوة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمناسبة تأسيسه.
إقرار حرف تيفيناغ:
على الرغم من إقراره منذ سنة 2003، ورغم ترسيم الأمازيغية قبل ثلاث سنوات، ظل استعمال حرف تيفيناغ من قبل الدولة بمختلف مؤسساتها على حاله ولم يشهد أي تطور يذكر، بل أكثر من ذلك حتى لو كتب به فإن ذلك يتم على نحو ضيق وبحروف صغيرة وبعد الكتابة باللغتين العربية والفرنسية، في خرق سافر حتى لمنطوق الدستور المغربي الذي يجعل الأمازيغية والعربية وحدهما اللغتين الرسميتين للمغرب.
الكتابة بالأمازيغية وبحرفها تيفيناغ بقيت حبرا على ورق ولم يشهد استعمالها أي تطور وأحيانا يتم التذرع بإنتظار صدور القانون التنظيمي لتفعيل ترسيم الأمازيغية، وذلك على الرغم من أن المجالس البلدية والجماعية مثلا لا يوجد ما يمنعها من الكتابة بذلك الحرف الذي كان إقراره سابقا على ترسيم الأمازيغية بأزيد من سبع سنوات ولو على واجهات المؤسسات التابعة لها.
يتبع…
أمدال بريس
تنبيه المرجو من المواقع التي تعتمد على الموقع في اخبارها ذكر المصدر..