كل إنسان كردي في مخيلته حلم إقامة دولة كردستان الكبرى
في حوار حصري مع «العالم الأمازيغي» أوضح عبد الصمد محمود، نائب رئيس اتحاد كتاب كردستان بسورية، أن إقصاء وإنكار حقوق الشعب الكردي لم يعد مجديا، وأضاف أن أي محاولة لطمس الهوية الكردية وإنكار حقوق الشعب الكردي لاحقا لن يكتب لها النجاح، وشدّد المتحدث في حواره أن لا حلا لمعضلة الشرق الأوسط من دون حل القضية الكردية، وطالب الشاعر الكردي الدول التي ترغب في العيش بسلام وأمان واستقرار أن تعترف بالوجود الكردي، وبحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه.
حبذا لو تقربنا أكثر من رابطتكم؟ هل نضالكم ينحصر في المجال الثقافي أم لكم مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية..؟
اتحاد كتاب كردستان سوريا، منظمة مدنية مستقلة إدارية تهتم بشؤون الإبداع الأدبي والثقافي والمعرفي، وتعمل على خلق نوع من التضامن والتكافل بين الكتاب، ورسالتها في الحياة هي القلم الحر الذي يعبر عن الحقوق القومية والإنسانية للشعب الكردي والسوري، ولذلك فإننا رغم تحملنا للمسؤولية التاريخية في الدفاع عن حقوق شعبنا إلا أننا لسنا جهة سياسية، بل ينصب جهدنا على المجال الثقافي فقط.
هل أنتم في الرابطة مع التطلعات الكردية الساعية لقيام دولة كردستان الكبرى؟أم لكم مواقف وماهي هاته المواقف؟
كل إنسان كردي في مخيلته حلم إقامة دولة كردستان الكبرى، ولكن الواقع شيء آخر، فإن كردستان لها وضع إقليمي ودولي بالغ الحساسية، فهي مقسمة جغرافيا بين أربع دول، وعملت القوى العظمى على تشتيت الشعب الكردي بين هذه الدول في مؤامرة عالمية لوأد أي طموح كردي في الاستقلال والحرية، ولكن كل ذلك لم يمنع الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان من تقديم آلاف الشهداء قرابين على محراب الحرية وتحقيق الحلم الكردي الأبدي، ونحن في اتحاد كتاب كردستان سوريا لا نختلف على مبدأ الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سوريا، ولكننا لسنا جهة سياسية لنعلن ذلك في بيانات رسمية.
حدثنا قليلا عن واقع وأوضاع الكورد في سورية اليوم؟
الكورد هم جزء من الثورة السورية، ولذلك فإن الأزمة الإنسانية التي عصفت بسوريا قد أتت على الكورد أيضاً، ولكن للكورد وضع آخر، فقد عاشوا في ظل أنظمة سياسية توالت على سوريا لم تتوان عن قمع التطلعات الكردية، وطمس هويتهم، وتغييب وجودهم، وممارسة كافة أشكال الاستبداد والاضطهاد عليهم بما فيها حرمانهم من الجنسية والتحدث بلغتهم، وهي من أبسط الحقوق الإنسانية، وفي ظل الثورة الحالية التي سرعان ما تحولت إلى ثورة مسلحة دخلت سوريا مرحلة تاريخية جديدة كان للكورد فيها نصيب كبير، فقد استطاعوا أن يحافظوا على مناطقهم ويردعوا الجماعات المسلحة الإرهابية التي حاولت اقتحامها، وطردوهم بعيدا، وتضاءل نفوذ النظام كثيرا واستطاع الشعب الكوردي بناء نظام خاص به لإدارة مناطقه، ورغم ذلك فإن الأوضاع المعيشية ما زالت قاسية، وتأثر نظام التربية والتعليم كثيرا بسبب الحرب، ونزح مئات الآلاف من الشعب باتجاه دول الجوار، وما زال المستقبل غامضا وغير واضح المعالم.
هل يمكن اعتبار أن زمن إقصاء الكورد واضطهادهم في حقوقهم المشروعة قد ولى؟
بالتأكيد، لن تستطيع أي قوة استبدادية في العالم أن تمحو شعب كامل عن أرضه التاريخية، واستمرار النضال الكردي ضد الأنظمة الغاصبة لكردستان أجبرها على الإقرار بهذا الواقع، ولهذا فإن التاريخ لا يعود إلى الوراء أبداً، وما قدمناهم من شهداء كان كفيلا بأن يجعل الكورد رقما صعبا في المعادلة الإقليمية والدولية، ولذلك فإن إنكار حقوقهم لم يعد مجديا ولا بد لهذه الدول إن كانت ترغب في العيش بسلام وأمان واستقرار أن تعترف بالوجود الكردي، وبحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه، ولن يكون هناك حلا لمعضلة الشرق الأوسط من دون حل القضية الكردية.
كيف ترى موقف المعارضة السورية، أقصد المعارضة للنظام السوري في الخارج من الحقوق الكوردية؟
هناك وثيقة موقعة بين المجلس الوطني الكوردي والائتلاف، فيها اعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي في سوريا، ولكن هناك اختلاف في وجهات النظر بين المعارضة والأحزاب الكوردية، إذ تطالب الأحزاب الكردية بالحل الفيدرالي لسوريا المستقبل، بينما تصر المعارضة السورية على اللامركزية الإدارية، فالخلاف في نوعية الحل وليس في جوهر الاعتراف بالوجود الكوردي، وأعتقد أن سوريا المستقبل سيكون فيها للكورد دور مميز.
هل يمكن أن تشهد الفترة المقبلة تغيرات في مواقف القوى المعارضة للحقوق الكوردية؟
هذه مرهونة بعدة عوامل، منها القوة الفعلية التي يشكلها الكورد على الأرض، ومنها القوة العسكرية والسيطرة على منطقة روج آفا برمتها، وكذلك مواقف الدول الإقليمية والعالمية، فلها تأثير بالغ الأهمية على مستقبل سوريا، ونوعية الحل السياسي فيها، ومدى ارتباط هذه المعارضة بالقوى الخارجية التي تتفاوت مواقفها من حقوق الشعب الكوردي، وبرأيي لا أعتقد أن قوى المعارضة لها مصلحة في التنكر لحقوق الشعب الكوردي لأنها بذلك ستترك ثغرة في الحل ستهب منها أسباب الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة.
هل لكم علاقات بالقوى والحركات المدنية في سورية وهل تؤمن هذه القوى بحقوق الكورد؟
بالتأكيد، ما زال الكورد يعتبرون أنفسهم مكونا أصيلا من مكونات الشعب السوري، ولذلك فمن الطبيعي أن تكون علاقتنا جيدة معهم، وخاصة مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، ومعظم الذين يعملون في هذا المجال يحترمون حقوق الشعب الكوردي، ولذلك نحاول تعزيز هذه العلاقات بما يخدم حل الأزمة السورية والحفاظ على سوريا دولة مستقرة يعيش فيها الجميع بسلام وأمان.
كيف تقاربون موضوع كورد سورية وهل يمكن أن نرى تطورات في حقوق الكورد في قادم السنوات؟
أعتقد أن الحل السياسي في سوريا ما زال بعيداً، ولذلك فإن النضال سيستمر لفترة طويلة، وخلال السنوات الخمس الماضية استطاع الكورد الحفاظ على وجودهم وإثبات قدرتهم في الدفاع عن أنفسهم وأرضهم، ولا تراجع عن المكتسبات التي حققها الكورد في هذه السنوات، وأي محاولة لطمس الهوية الكوردية وإنكار حقوق الشعب الكوردي لاحقا لن يكتب لها النجاح، ولذلك من المفروض أن تأتي قادم السنوات بما يعزز هذه الحقوق ويرسخها ويجعلها مضمونة في دستور عام للبلاد.
إذا ما تعنتت الحكومة السورية اتجاه مطالبكم، هل لكم خطط نضالية بديلة لنزع حقوقكم على المستوى الوطني والدولي؟
نحن ماضون في نضالنا حتى تحقيق جميع مطالب الشعب الكوردي، ولم نتقاعس لحظة في المطالبة بحقوقنا حتى في أحلك الظروف سوداوية واستبدادية وفي ظل أنظمة دكتاتورية قمعية، ولذلك فإن عزيمتنا لن تلين، وإصرارنا على نيل حريتنا سيزداد قوة وشكيمة، وكي نوفر على سوريا مزيدا من الدماء والفوضى والاضطرابات لا بد من حل عادل للقضية الكوردية يضمن لسوريا وحدتها واستقرارها.
قراءة وتحليل لما يحدث في سورية، هل نستطيع القول أن داعش استغلت التجادبات السياسية والصراعات أو التطاحنات إن صح التعبير التي يعرفها المشهد السوريا للتوسع أكثر في الأراضي السوري وبالأخص المناطق الكوردية؟.
داعش حالة دخيلة على الشعب السوري، وهي منظمة متطرفة لها أفكار لا تناسب الظرف التاريخي للتطور الإنساني، ولكنها استطاعت بفضل القوى العالمية التي تدعمها، واستغلالها للفوضى التي لحقت بالمنطقة، واستثمار بعض الجهات الحكومية لها في دول الصراع، من اجتياح المنطقة والسيطرة على بقعة جغرافية عابرة للحدود الإقليمية، وهي في انحسار، لما شكلت من خطورة جمة على مصالح بعض الدول الإقليمية والعالمية، وكان للكورد دور متميز في محاربتها وكسر شوكتها.
حاوره: منتصر إثري