في نقاش مع مجموعة من الشباب الأمازيغي المنتمين لمنطقة الريف حول موضوع: الريف و علاقته بالآخر، بين من يأخذ قضية الريف من منطلق جغرافي قبلي محض بمعزل عن الآخر الذي هو أيضا في هذه الحالة أمازيغي لكن من رقعة جغرافية خارج مناطق نفوذ الريف، و بين من يعمل على ربط قضايا الريف بقضايا كل شعوب تمازغا بمعزل عن الحسابات الجهوية و الحسابات القبلية الغير المجدية. و هذه بعض الإشارات التي ارتأيت مشاركتها من اجل رفع اللبس القائم و المساهمة بكل حيادية ممكنة في إثراء الموضوع:
4- فيما يخص القضية الأمازيغية ليس هناك الآخر في مقابل الأنا، الآخر هو أنا و أنت و هن و هم و الأنا هي الآخر الذي هو أنت و هي و هو و هن وهم و نحن…، فخصوصية الريف هي نفسها في مناطق الجنوب الشرقي المهمشة و المعزولة و هي نفس خصوصية نزع الأراضي في سوس أو الملك الغابوي في الأطلس، و هي نفس خصوصية أمازيغ المزاب الذين يعانون الويلات من جراء آلات التعديب القمعية، و هي نفس خصوصية مناطق القبائل التي تنهشها الجريمة و عدم الأمن بسياسة ممنهجة من النظام الجزائري..
5- الكل يتشارك مع منطقة الريف انتصاراتها المجيدة في معارك ضد المستعمر ك”ظهر أباران” بتمسمان وأنوال و غيرها كثير، كما يتشاركون معها ألم و معانات الغازات السامة و قمع الثمانينات و جريمة طحن محسن فكري بواسطة شاحنة جمع القمامة …الخ.
6- إن الأمازيغ لن يتحرروا إذا لم يكونوا شموليين في تفكيرهم و نضالهم، فالتفكير القبلي الجغرافي عانى منه الجنوب الشرقي سنوات التسعينات و بداية الألفية الثالثة ولازل يحصد نتائجه الوخيمة إلى الآن من تفرقة و تشتيت للصفوف و التخوين المتبادل…الخ. و من هذا المنطلق لا أتمنى لا لأبناء الريف أو أي بقعة من بقاع تمازغا ما يجعل صفوفهم تتشتت أو ما يجعلهم معزولين عن الآخر الذي ليس إلا الأنا الجمعية الجامعة و المحتضنة للكل.
7- يجب أن تكون حرقة الأمازيغ أينما وجدوا من أجل الريف هي نفسها من أجل كل بقاع تمازغا، فالانتماء الجغرافي القبلي يذوب و ينصهر و ينجلي أمام الانتماء الهوياتي الوجداني الجامع و المحتضن للكل.
8- يجب أن يعلم الجميع أن أمامنا الكثير من الطريق، و تمازغا متحدة هي القضية الجوهرية التي يجب أن نؤمن بها و نسعى لتكوين أفراد و جماعات متماسكين و متحدين يساعد بعضهم البعض حتى تحقيق المبتغى.
9- لا يجب أن ينساق الأمازيغ لدعوات البعض المغرر بهم أو ممن تقودهم العاطفة من أجل التهجم على إخوانهم في الريف، و بالتالي السعي من أجل خندقتهم و عزلهم عن باقي الأمازيغ، بدعوى انهم لا يتشاركون مع باقي مناطق تمازغا نفس الهدف و نفس الوجهة، بل إن الهدف و الغاية واحدة و إن اختلفت الطرق، فقط لا يجب رد الإساءة بالإساءة و الفعل برد الفعل، نحن كلنا أمازيغ و من هنا يجب أن تكون لدينا سعة الصدر لتقبل زلات البعض، فليس منا من هو معصوم عن الخطأ، فتاريخ البشرية جمعاء هو تاريخ اخطاء، و إن كان لابد من النقاش و العتاب فليكن على عتبات التعقل بكثير من التبصر و الرزانة اللازمتين، فلن نكون يوما من مناصري جلد الذات الأمازيغية أمام الملأ و بحضور الأعداء الذين ينتظرون أنصاف الفرص للانقضاض على مشروعنا الحداثي و قضيتنا المشروعة، فيعملون على ضرب بعضنا ببعض لكي يهنئوا هم و يحتفلوا بانكساراتنا و تشتتنا، الأمازيغ لا يخذل بعضهم بعض و الأمازيغية رؤوفة بأبنائها البرارة و لن تلفض الأم وليدها مهما بلغت درجة خطيئته.
10- لنكن أذكياء فليس كل ما لا يعجبنا نجهر و نصرح به، بل نحتفظ به لأنفسنا درءا للصرعات البينية بين بني جلدة واحدة، فأعظم المعارك و الانتصارات هي تلك التي يمكن تجنبها.
مودتي إخواني و أخواتي، انا لا أحبد بل أتجنب دائما مناقشة أناس يشاركونني نفس الانتماء و نفس القضية، لأني أؤمن بكل واحد منهم و أعرف جد المعرفة أنه سيعمل كل ما في وسعه من أجل الدفاع عن قضيتنا العادلة و المشروعة.