أت مزاب.. ظلم و ابتزاز، تحت إسم “المصالحة”، بتنظيم من المذنبين

أدانت “جمعية إزمولن من أجل حقوق أت مزاب” بشدة اللقاء الذي نظمه والي تغردايت (غرداية) “حول المصالحة” بمناسبة اليوم العالمي للسلام، شارك فيه ممثلين عن المزابيين وعن العرب، وكذا زوجتَيْ السفيرين المصري والفلسطيني، إضافة إلى ممثلي سفارتي فرنسا وجنوب أفريقيا.

وقال بيان للجمعية، توصلت “العالم الأمازيغي” بنسخة منه، “إن هذا اللقاء الذي لا يمكن إلا أن يوصف بلقاء العار، وأنه تم الاحتفال به نِفاقًا باسم المُثُل العُليا للسلام بتوظيف اليوم العالمي للسلام”.

وطالب البيان بإنشاء لجنة تحقيق ذات مصداقية ومستقلة لتسليط الضوء على أسباب وعواقب هذه المأساة.

وفيما يلي نص البيان:

بيـــــــــان 31/2017

ظلم و ابتزاز، تحت إسم “المصالحة”، بتنظيم من المذنبين

بأمر من الجزائر العاصمة قام والي تغردايت (غرداية)، عزالدين مشري، في 21 سبتمبر 2017 بمناسبة اليوم العالمي للسلام، بتنظيم “لقاء حول المصالحة”، شارك فيه ممثلين عن المزابيين وعن العرب، وكذا زوجتَيْ السفيرين المصري والفلسطيني، إضافة إلى ممثلي سفارتي فرنسا وجنوب أفريقيا. بينما تتواصل إلى يومنا هذا، على أرض الواقع، مطاردة النشطاء المزابيين السلميين والاعتقالات التعسفية.

إن هؤلاء المزابيين عديمي الضمير الذين تألقوا بصمتهم عندما هاجم البلطجية السكان العزل أمام أنظار قوات الأمن التي لم تحرك ساكنا، قاموا بطريقة مخجلة بصياغة طلب إلى “فخامته” عبد العزيز بوتفليقة متوسلين “رحمته” و” كرمه” من أجل إطلاق سراح السجناء الذين يقبعون في السجون الجزائرية بشكل غير عادل، بمناسبة أول نوفمبر. حيث يمكن للأبرياء الإنتظار شهرا إضافيا في السجن! ناهيك عن عشرات القتلى وآلاف الجرحى والمصدومين نفسيا وآلاف العائلات المهجرة من منازلها. وقد نهبت الممتلكات والمنازل وأحرقت. والي تغردايت (غرداية) يؤكد أن طلبه لرئيس الدولة بالإفراج عن السجناء لا يشمل المجرمين! مصرحا “….ما عدا المساجين الذين إرتكبوا جرائم دم … “. إعتراف بأن السجناء أبرياء.

إن نفس هذا السيناريو المشؤوم يتكرر دوريا منذ عقود. عدوان على المزابيين مع تواطؤ قوات الأمن، تليه إعتقالات تعسفية لمواطنين أبرياء والنشطاء السلميين الذين ينددون بهذه الجرائم وبهذا التواطؤ مع عدم محاكمة المجرمين الحقيقيين رغم أنهم غالبا ما يرتكبون جرائمهم في وضح النهار وبوجوه مكشوفة. ويتم النطق بأحكام قاسية ضد الأبرياء. ومن أجل طي الصفحة يتم الابتزاز من خلال تنظيم “المصالحة” بين المزابيين والعرب من قبل السلطة بمباركة من شخصيات لمعوا بصمتهم أمام جرائم الدولة الجزائرية.

بالفعل كانت هناك اشتباكات بين المزابيين والعرب وإننا ندعو للعمل على عدم تكرار الاشتباكات وعلى هاتين الطائفتين إيجاد حلا حقيقيا للعيش معا. ولكن يجب ألا نخطيء في المُعاينة؛ فالمشكلة الحقيقية ليست بين المزابيين والعرب، بل بين المزابيين والسلطة الجزائرية التي تستعمل العرب. إن المصالحة الحقيقية، إذا ما أُريد القيام بها، هي بين المزابيين والدولة الجزائرية، وهذا يمر بالضرورة من خلال لجنة تحقيق ذات مصداقية ومحاكمة جميع المسؤولين الجزائريين المتورطين في هذا العنف أيا كانت رتبهم. بعد ذلك فقط يمكن تحقيق مصالحة حقيقية، ولا سيما ضمان عدم تكرار ما حدث أبدا.

قدّم الوالي التعويضات كبادرة من السخاء من قِبل السلطة التي تجاوزت القانون من أجل تهدين النفوس بتعويض مرتين الذين أحرقت منازلهم مرتين. ولكن كيف كان التعويض فعليا على أرض الواقع؟ كثيرا ما يتم تعويض ضحايا غير حقيقيين بينما تمنح مبالغ رمزية للضحايا الحقيقيين لتبرير التعويض. الجميع في بريان يتذكر، بعد فيضانات عام 2008، تخصيص 150 شاليهاا من أجل إيواء المنكوبين في حين أن عدد الأسر المنكوبة وبدون مأوى كان أكثر من 500 أسرة، والفضيحة الأكبر هي تخصيص 75 شاليها للمزابيين و75 شاليها للعرب “حرصا على المساواة” في حين لم يتعدَّ عدد الأسر العربية المنكوبة اثنتي عشر (12) أسرة. وقد ذهب رئيس دائرة بريان آنذاك، مختار العون، إلى المنطقة الفلاحية لروي الواقعة على بعد 14 كم من مدينة بريان والتي لم يمسها الفيضان من أجل إحضار ضحايا مزيفين عربا.

إن المجرمين الحقيقيين لم يتم أبدا إقلاقهم. وهذا هو السبب في أن “مصالحة” 1990 و2009 في بريان لم تمنع وقوع أحداث أخرى أكثر عُنفا، مع مزيد من القتلى ومن النهب والتخريب والحرق للمنازل والمحالات التجارية في كل مرة. بل على العكس من ذلك، فإن هذا الإفلات من العقاب هو الذي شجع المجرمين على التكرار أو غيرهم من المجرمين على القيام بنفس التصرف.

لا يمكن خِداع أي أحد، فالجميع يعرف أن المسؤولين السياسيين والأمنيين هم المحركين الحقيقيين وأن عصابات البلطجية لم تقم إلا بتنفيذ هذا المخطط الجديد المضاد للمزابيين. إن الوالي الحالي وسابقيه وكذا مسؤوليهم المدنيين والعسكريين قد أثاروا بكراهيتهم المؤسساتية كارثة حقيقية على المستوى الإنساني والإجتماعي والإقتصادي ويتجرؤون الآن على الحديث عن التعويضات بعد عشرات القتلى وآلاف الجرحى والمصدومين نفسيا والمُرغمين على ترك منازلهم عُنوة.

إن السلطة الجزائرية قد جعلت من مزاب مشكلة وقضية منذ عام 1962 وهذا بكل بساطة، لأنها تكره خصوصياته اللغوية والدينية. لم يُدّخر شيئا في هذه المنطقة : تجريد السكان من أراضيهم، إستيطان الرحل واستيطان أعداد كبيرة من سكان آخرين نازحين إلى المنطقة … الخ. لقد تم تنفيذ إبادة جماعية ثقافية حقيقية الغرض منها إزالة حضارة عمرها ألف سنة.

في نفس وقت تنظيم هذه المهزلة، كان بكير علواني ومحمد بابانجار في إضراب عن الطعام. بابا نجار لا يزال مضربا عن الطعام لحد الآن وقد تم نقله من سجن سعيدة إلى مدينة بليدة، بعد أن خارت قِواه، في ظل عدم اكتراث كامل من جانب السلطات، وصمت ممثلي المزابين الذين حضروا هذه “المصالحة” الشكلية.

إننا ندين بشدة هذا اللقاء الذي لا يمكن إلا أن يوصف بلقاء العار، الذي تم الإحتفال به نِفاقًا باسم المُثُل العُليا للسلام بتوظيف اليوم العالمي للسلام.

نكرر مطالبتنا بإنشاء لجنة تحقيق ذات مصداقية ومستقلة لتسليط الضوء على أسباب وعواقب هذه المأساة.

إن موازين القوى جُعلت ليتم تغييرها وسوف تَمثُل السلطات المدنية والعسكرية الجزائرية المسؤولة عن هذه المأساة أمام محكمة وطنية أو دولية آجلا أم عاجلا.

إن السلطة الجزائرية تنتهج سياسة واضحة ضد المزابيين. فقد إتهم السيد سعداني، الأمين السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، رئيس جهاز المخابرات السابق بالاسم، الجنرال محمد مدين المدعو “توفيق” مُحمِّلا إياه مسؤوليه أعمال العنف التي وقعت في تغردايت. ومن الغريب أن العدالة بقيت صامتة أمام هذه الاتهامات. إنها نفس العدالة التي تصرفت بأمر من والي تغردايت، عزالدين مشري، ومسؤوليه المدنيين والعسكريين من أجل وضع المحامي صالح دبوز تحت الرقابة القضائية، ولقد صرح بذلك الوالي شخصيا في خطاب رسمي.

نرفض أن يمر العنف الذي جرى في مزاب كأنّه وقائع تافهة أو كأنّه لم يحدث شيئا. نعتقد أن التوصل إلى تسوية نهائية لهذه المأساة يقتضي أن يطّلع السكان المعنيين على الحقيقة. كما نعتبر أن تسمية سيئة للأشياء هي إضافة بؤس آخر إلى بؤس العالم. بالنسبة لنا، يتعلق الأمر في الواقع بصراع جهاته الفاعلة هي آت مزاب (أمازيغ على مذهب إباضي)، والقبائل الأخرى التي تعيش في المنطقة (عرب على المذهب المالكي) من جهة والدولة الجزائرية من جهة آخرى. وعليه فالحل يجب أن ينبثق من الممثلين الشرعيين لكل من السكان المعنيين والسلطة القائمة. لا يمكن الإكتفاء بالإجراءات الأمنية ومرافقتها باللاعقاب، لأنه، بالإضافة إلى التضحية بالعدالة، مثل هذه السياسة محكوم عليها بالفشل عاجلا أم آجلا. ويكفي أن نرى نتائج الحلقات السالفة في 1990 و 2008-2009. إن هذا الحل يجب أن يستند بالضرورة إلى الحقيقة لأن أية سياسة لا تبحث عن الحقيقة هي سياسة إجرامية. في الوقت نفسه، فإننا نعتقد أنه من الضروري والملح أن يتم الافراج عن السجناء والمعتقلين السياسيين فورا لوضع حد للظلم الذي يعانون منه ولمعاناة أسرهم، كما يجب على الدولة الجزائرية أن تقوم بتعويض جميع الأشخاص الذين تم سجنهم ظلما.

للمسؤولين الجزائريين نقول : “لديكم السلطة والقوة، ولدينا القيم والأمل. إن مزاب التاريخي سوف ينتصر”.

المجد لشهداء مزاب والحرية لجميع المعتقلين.

باريس : 31 أكتوبر 2017

رئيس إزمولن

محـمد دبوز

اقرأ أيضا

الاتحاد الأوروبي يرد على الصحفي هشام عبود بشأن اختطافه في إسبانيا

تلقى الصحفي الجزائري هشام عبود ردًا على رسالته التي وجهها إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *