حملة بوتفليقة: عرس بدون عريس

اختتم عبد المالك سلال يوم الأحد الماضي، في الجزائر العاصمة، الحملة الانتخابية للمرشح عبد العزيز بوتفليقة بحضور جمهور غفير حضر من جميع المدن الداخلية. وشارك فيه كل منظمي الحملة، ولكن بغياب بوتفليقة.

حضر الجميع وغاب ولي الأمر. الكل كان في انتظار إطلالة قصيرة من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في آخر مهرجان انتخابي له نظم صباح اليوم الأحد “بالقاعة البيضاوية” بأعالي الجزائر العاصمة. لكن الانتظار طال والرئيس لم يأت ولم يظهر حتى عبر الفيديو.

إلا أن هذا لم يمنع آلاف المناصرين والمدافعين عن عهدة رئاسية رابعة أن يرقصوا على صوت “الزرنة” و”البندير” رافعين صورا لبوتفليقة مكتوب عليها شعارات مختلفة، أبرزها “تعاهدنا مع الجزائر” وحاملين أعلاما جزائرية ولافتات تشيد بالعمل “الجبار” الذي قام به “أب الجزائر” و”سيد الأسياد“.

لقد جاؤوا بالآلاف على متن حافلات قديمة وشاحنات وسيارات أجرة، من مستغانم ووهران وباتنة والبليدة والمسيلة، ومن جميع المدن الجزائرية الأخرى، لحضور آخر مهرجان انتخابي للرئيس الجزائري قبل يوم التصويت المقرر في 17 أبريل/نيسان الجاري.

الرب في السماء وبوتفليقة في الأرض

ولإنجاح هذا العرس الذي غاب عنه العريس، أعطت الشركات الوطنية تصريحا خاصا لعمالها من أجل المشاركة في المهرجان، ووفرت لهم كل الإمكانيات الضرورية من أكل وشرب ونقل ومياه وقبعات بيضاء تحمل صورة بوتفليقة وهو يبتسم.

بلعبسي الحاجي، 37 سنة، أحد المشاركين في المهرجان، قدم من مدينة مستغانم، وهي مدينة ساحلية تقع على بعد نحو400 كلم غرب الجزائر. قال الحاجي في تصريح لفرانس24: “أنا هنا من أجل الدفاع عن عهدة رابعة. الله في السماء وبوتفليقة في الأرض. وطالما هو حي فأنا سأنتخبه وأدعمه”. وأضاف هذا الشاب الذي قضى الليل في السفر على متن حافلة قديمة من مستغانم إلى الجزائر: “المجاهد بوتفليقة هو الذي حقق المصالحة الوطنية بين جميع الجزائريين وجاء بالوئام المدني. أنا لا أريد أي شيء آخر سوى النوم في أمان. نحن لا نريد أن تعيش الجزائر ما عاشته تونس وليبيا وسوريا. بلدنا يملك كل الثروات والدولة قدمت لنا كل ما نريده. نحن نعيش أحسن منكم في فرنسا“.

الجزائر تنادينا وتطلب أن نهدي لها صوتنا

من جهته، عبر شاب آخر يدعى جمال مختاري عن فرحته “العارمة” بمشاركته في آخر مهرجان انتخابي لبوتفليقة. قدم جمال من مدينة ورقلة في الصحراء، تقع على بعد حوالي 800 كلم جنوب العاصمة الجزائر، على متن حافلة.

ورغم التعب ونقص النوم وطول المسافة، إلا أن فرحته اكتملت حسب تعبيره. “اليوم تمكنت من اصطياد عصفورين بحجر واحد. من جهة تمكنت من حضور آخر مهرجان لرئيسنا الحبيب، ومن جهة أخرى تمكنت من زيارة الجزائر العاصمة للمرة الأولى في حياتي“.

يبلغ جمال مختاري 29 سنة من العمر، وهو يعمل كموظف في شركة للبناء بورقلة. وبمناسبة مجيئه إلى الجزائر، اختار لباسا جديدا لأن “زيارة الجزائر العاصمة حلم كان يطاردني منذ أن كنت صغيرا” حسب تعبيره.

ورغم السفر الشاق، إلا أنه في غاية السعادة كونه سيقضي يومين كاملين في فندق بالعاصمة وسيزور شوارعها دون أن يصرف ولو دينارا واحدا، كون كل شيء ممول من الدولة الجزائرية ومن منظمي حملة بوتفليقة الانتخابية.

وفي سؤال هل ستصوت حقا لبوتفليقة؟ الجواب كان واضحا: “طبعا سأصوت له. الجزائر تنادينا وتطلب منا أن نهدي لها صوتنا. بوتفليقة هو رجل المصالحة الوطنية والوئام وهو الذي جعل علم الجزائر يرفرف بين الأمم بكل عزة وكرامة“.

الجزائر دون عظمة ليست جزائر

الساعة تشير الآن إلى تمام العاشرة صباحا. القاعة “البيضاوية” اكتظت بالمناصرين الذين يرقصون على أغاني الشاب خالد ومامي والمغني القبائلي علاوة والعديد من المغنيين الجزائريين الآخرين الذين قرروا مساندة المرشح بوتفليقة. النساء تزغرد والرجال يرددون شعارات موالية لبوتفليقة “واحد، اثنين ثلاثة، يحيا بوتفليقة” أو “جيش، شعب معك يا بوتفليقة” وسط إجراءات أمنية مشددة وتغطية إعلامية وطنية ودولية مكثفة.

لحظات قليلة بعد ذلك، دخل مسؤولو حملة المرشح عبد العزيز بوتفليقة إلى المنصة مثل مشاهير السينما. سلال رئيس الحملة، وعمار غول وعمارة بن يونس مسيري الحملة، ثم ولد خليفة رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية، وعمار سعيداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني. كلهم وقفوا على المنصة رافعين أياديهم إلى السماء وشاكرين الجمهور الغفير.

وفي خطابه، شكر عبد المالك سلال، الوزير الأول السابق ورئيس حملة بوتفليقة الانتخابية، كل الذين شاركوا “فرحة الرئيس”، وكل الجزائريين الذين التقى بهم في المدن التي زارها خلال الحملة الانتخابية. وبصوت مرتفع طغى عليه الحماس، طرح سلال سؤالا مباشرا للجمهور: “من هو رئيسكم؟” القاعة أجابت “بوتفليقة”. ثم “من هو حبيبكم؟” أجابت القاعة: “بوتفليقة”. وأضاف: “الجميع مع بوتفليقة. الشرطة، العسكر، الفلاحون والأطباء والمستثمرين

وواصل: “كنا في نفق مظلم، لكن بوتفليقة أخرج الجزائر من الظلمات إلى النور. هذه هي معجزة بوتفليقة، هذه هي الجزائر”. وأثنى سلال على حصيلة بوتفليقة السياسية والاقتصادية وعلى شجاعته بالقول: “لقد استرجعنا البيئة التحتية واليوم الجزائر أصبحت دولة محترمة من الجانب السياسي والاقتصادي. رأسنا سيبقى دائما مرفوعا إلى السماء لأن الجزائر دون عظمة ليست جزائر“.

تأهل المنتخب الوطني لكأس العالم كان بفضل نعمة بوتفليقة

وتجاوب الجمهور مع هذا الخطاب الذي وصفه مناهضو بوتفليقة “بالخطاب الشعبوي” الذي “لا يستند إلى الواقع الجزائري”، بالمزيد من التصفيق والهتافات والزغاريد.

فيما وعد سلال الحاضرين بجزائر جديدة لا توجد فيها “الحقرة” (أي الظلم) والبيروقراطية. وقال في هذا الخصوص: “الحقرة خلاص (كفى). البيروقراطية خلاص. الرشوة خلاص”، مضيفا: “كونوا على يقين بأن التجديد السياسي الذي سيقوم به بوتفليقة سيعطي للجزائريين كل حقوقهم. كل الشعوب تنظر إلى الجزائر. ينبغي أن نبين لهم بأننا أقوياء. الجزائر لديها جيش قوي وشعب قوي“.

وطمأن سلال الشباب بالقول بأن سياسة تمويل المشاريع ومنح عشرات الآلاف من الدولارات ستستمر، أكثر من ذلك، الدولة الجزائرية ستقدم أموالا أكثر للشباب الذين يريدون دخول عالم الاستثمار. كما رسم عبد المالك سلال صورة مثالية للجزائر وقال: “هذا العرس هو نتيجة الديمقراطية المسؤولة التي ساندها عبد العزيز بوتفليقة. الحمد لله لدينا صحافة حرة، والأبواب أصبحت اليوم مفتوحة أيضا أمام السمعي والبصري. وحتى تأهل المنتخب الوطني لكأس العالم مرتين على التوالي كان بفضل نعمة بوتفليقة“.

وكلما تحدث دون انقطاع وبصوت مرتفع، كلما ازداد حماس الجمهور الذي يصرخ وينادي “بوتفليقة رئيس للجزائر“.

وأنهى سلال خطابه مستلهما بآية من القرآن: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات، فأدوا الأمانة وكونوا أقوياء وفي الموعد يوم الخميس 17 نيسان/أبريل وقولوا نعم للجزائر ونعم لبوتفليقة“.

نقلا عن فرانس 24

اقرأ أيضا

“تمازيغت” تُكرم الإعلامي الأمازيغي ابراهيم باوش بمناسبة إحالته على التقاعد

بمبادرة من مجموعة من الاعلاميين والأطر العاملة داخل القناة، أقيم اليوم الخميس، 09 يناير 2025، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *