“تاوالا ن الطالب” قراءة للعادة

بنضاوش الحسن

منذ قرون مضت، وساكنة البوادي والقرى، التي أسست وشيدت المساجد القروية، بخصوصيات محلية، بعيداً عن اللغو والتطرف، في استحضار تام لخصوصية الإنسان الأمازيغي، والمجال المغربي المعتدل والوسطي .

وقد تجسد الاعتدال والإهتمام في تعاقد الساكنة، إضافة إلى التكلف بالإنارة، واصلاح البنايات، وتوفير الماء الصالح للشرب، وتوفير الأكل لإمام المسجد بشكل دائم ومستمر طيلة إقامته بالمسجد .

وتختلف طريقة تدبير ” تاوالا ن الطالب” من منطقة إلى أخرى، ومن قبيلة إلى أخرى، ومن دوار إلى أخر، إلا أنها تبقى تعاقدا ثابت بين الساكنة والإمام يصل إلى درجة الواجب والفرض المرغوب فيه والمحبوب لدى كل العائلات .

وتتكلف العائلات بإعداد الوجبات الرئيسية في اليوم، تبدأ بالفطور والغذاء والعشاء، تصل في أقصاها إلى وجبتين لكل عائلة، تنتظم في شكل تناوب، يحترمه الجميع وينصاع له .

ويتم إخبار العائلة قبل موعد ” تاوالا” للاستعداد التام لها، واحترام توقيت وجبات الإمام .

و”تاوالا ن الطالب” لم تدخل ضمن الشرط السنوي للإمام إلا مؤخرا .

ومع تطور مناحي الحياة، وإزدياد وتيرة الهجرة نحو المدن، وتدخل الدولة في المجال الديني وهيكلته وإعادة تأهيله، حصل تحاول كبير في علاقة الساكنة بالمساجد، وبالائمة بالخصوص، وصلت في أغلب القرى والمداشر إلى الاستغناء على طريقة ” تاوالا ن الطالب” وتحويلها إلى تعاقد مادي مع الإمام يتكلف بموجبه الإمام بوجباته اليومية ويستغني عن “تاوالا ن الطالب” من طرف الساكنة .

وبين من يرى فيها حلا للإشكالية المجتمعية في ظل واقع مجالي وسكاني لم يعد يوفر شروط نجاح ” تاوالا ن الطالب”، ومن يتأسف لتراجع الكبير في علاقة راسخة، قوية، تضامنية، إنسانية كانت تربط بين الساكنة والائمة، يبقى مستقبل علاقة الساكنة مع المساجد القروية مجهولا إلى إشعار أخر .

اقرأ أيضا

بقلم: الحسين بوالزيت - صحفي وباحث في التاريخ

الحضارة الأمازيغية

تعد فكرة وجود حضارة أمازيغية ضاربة في عمق التاريخ، فكرة قديمة جدًا، فقد قال المؤرخ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *