إلى متى سنظل نحتقر لغاتنا؟

بقلم: أمينة ابن الشيخ أوكدورت

إلى متى سنظل نحتقر لغاتنا ونستهين بأنفسنا؟
في كل مرة يخرج فيها مسؤول بتصريح يسفه الدارجة المغربية أو يقلل من شأن الأمازيغية، نكتشف أننا لا زلنا نعاني من عقدة نقص اتجاه هويتنا اللغوية والثقافية. آخر هذه السقطات جاءت من برلماني عن حزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، حين اعتبر أن كلمة “تخربيق” كلمة قدحية، يا للعجب! أي جهل هذا بلغتنا؟ وأي احتقار هذا لما ينطق به ملايين المغاربة كل يوم؟

“تخربيق” ليست شتيمة، وليست كلاما سوقيا، بل هي كلمة دارجة مغربية أصيلة، تعني الاضطراب والخلط والتصرف بلا منطق. لا وجود لها في معاجم العربية الفصحى، لكنها تعبر بدقة عن مفهوم مألوف في ثقافتنا الشعبية. جذورها ربما موجودة في الأمازيغية، حيث نجد ألفاظا مشابهة تدل على الارتباك أو التشويش، وهو ما يؤكد أنها كلمة محلية خالصة، مغربية المنشأ والهوى.

فمن العار أن نصف لغتنا اليومية بأنها “قدحية”، وكأننا نتبرأ من أنفسنا، من أصواتنا، من ماضينا، من أمهاتنا وآبائنا. والأكثر غرابة أن يحمل من يتحدث بهذا الازدراء اسما امازيغيا بامتياز، مثل “بوانو”، الذي يعني “صاحب البئر” (Bu Anu)، ثم يتنكر لجذوره دون خجل.

الدارجة ليست لهجة دخيلة، وليست عربية منحطة كما يروج البعض. إنها لغة المغاربة، لغة الشارع والمقهى والمدرسة والبيت، لغة الأغاني والضحك والنقاش. هي ابنة شرعية للتمازج الثقافي العريق بين الأمازيغية والعربية، وليست أقل شأنا من أي لغة أخرى.

أما الأمازيغية، فلن نقبل بعد اليوم أن تختزل في الجبال أو تعزل في القرى. هي لسان هذه الأرض، روحها، وهويتها الأعمق.

كفانا تبخيسا، كفانا عقدا، كفانا استصغارا لأنفسنا.
اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي مرآة للكرامة والاعتزاز.
ومن لا يحترم لغته، لا يحترم ذاته، ولا يستحق أن يتحدث باسم هذا الشعب.

اقرأ أيضا

“إيقاعات أمازيغية”.. إصدار جديد يرصد مسارات مبدعين أمازيغ بلغة الحوار

عن منشورات “إديسيون أمازيغ”، صدر حديثا كتاب “إيقاعات أمازيغية: حوارات في الأدب والفن” يضم مجموعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *