مسيرة أمازيغية حاشدة في مراكش تُحيي ذكرى “الربيع الأمازيغي”

خرج الأمازيغ في مسيرة حاشدة يوم 20 أبريل 2025 بمدينة مراكش، تخليدًا للذكرى الخامسة والأربعين للربيع الأمازيغي “تافسوت ن إيمازيغن”.

وردد المحتجون في المسيرة، التي جابت شوارع المدينة، شعارات منددة بـ”استمرار المعاناة التي يعيشها الأمازيغ جراء التهميش والانتهاكات الحقوقية التي تمسّ مختلف مجالات الحياة، والتجاوزات من طرف الدولة في مجالات التعليم، والصحة، والإدارة”. كما نددوا بـ”استمرار سياسة التهجير القسري لإيمازيغن”، و”ما يعيشه ضحايا زلزال الحوز من معاناة وحرمان، وإقصاء العديد من الأسر المتضررة من الدعم والتعويضات المخصصة للضحايا”.

وشهدت المسيرة، المنظمة تحت شعار: “تافسوت ن إيمازيغن: وقفة لمساءلة الإرادة السياسية للدولة حول الاعتراف الملغوم بالأمازيغية، في ظل التشريع للتهجير، نزع الأراضي، والتقنين لسلب الحرية… وشجب المقاربة السلطوية للتعاطي مع ضحايا الكوارث الطبيعية”، مشاركة مختلف الفعاليات والإطارات الأمازيغية والجمعوية، بالإضافة إلى ضحايا الزلزال.

وأكد المشاركون في “مسيرة تافسوت” أن هذا الحدث “يعكس ارتباط إيمازيغن وتشبتهم بهويتهم واستعدادهم للتضحية في سبيل العيش أحرارًا وكرماء في مناخ ديمقراطي يضمن صون حقوقهم والتصرف في كل مواردهم، المادية منها والرمزية”.

وسجّل المبادرون لتافسوت مراكش ما وصفوه بـ”استمرار التنكيل بإيمازيغن واضطهادهم في كل ربوع تامزغا (شمال إفريقيا)، وإن اختلفت درجات هذا الاضطهاد حسب وضع كل بلد”.

وانتقد المنظمون “عدم جدية الدولة في إدماج الأمازيغية في مناحي الحياة العامة”، مشيرين إلى أن “الإجراءات المتخذة لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب”.

وأوضح البيان الختامي للمسيرة أنه “في مجال التعليم، ما تزال الأمازيغية تتعرض للميز واللاعدالة اللغوية، سواء ما تعلق باللغة الأمازيغية نفسها من خلال إقصائها من مشاريع الدولة في قطاع التعليم، كمدارس الريادة والبعثات التعليمية، أو من خلال تعنّت الدولة في تعميم الأمازيغية عموديًا بغيابها في مختلف أسلاك التعليم، وأفقيًا بعدم تعميمها في كل المؤسسات التعليمية والجامعية، حيث لا تزال شعبة الدراسات الأمازيغية غائبة في عدد من الجامعات”.

وأشار البيان إلى “الكثير من الارتجالية والتباطؤ المتعمد في مجال الإنتاج الفني والأدبي باللغة الأمازيغية”، موضحًا أن هذا التأخير أو التأجيل “شرّعه القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، ما يبيّن أن “السلطة السياسية تراهن على الزمن لضياع الرصيد اللغوي والثقافي الأمازيغي”. والأمر ذاته ينطبق على قطاع الإعلام والإدارة، حيث “لا يزال الميز ضد الأمازيغية مستمرًا بشكل مهول”. كما تم تسجيل “تغييب اللغة والثقافة الأمازيغيتين في المحافل الدولية، وكأن الأمازيغية لم ترتقِ بعد إلى أن تكون سمة مميزة للبلاد، بل وتُعامل كملف مزعج داخليًا يتم تدبيره حسب المناخ السياسي”.

كما سجل البيان الختامي للمسيرة “استمرار التضييق على الحريات، من خلال قمع الاحتجاجات المشروعة لفئات متضررة من قرارات السلطة”، وكذلك من خلال “سن قوانين لتكميم الأفواه، ومحاكمة الصحفيين، وتقييد العمل النقابي بقانون مجحف للإضراب”.

وندّد المحتجون بـ”استمرار سياسة التهجير القسري عبر تجريد السكان من أراضيهم تارة، وإخضاعهم لثنائية المركز/الهامش تارة أخرى، وهي الثنائية التي تجعل من الهامش مجرد خزان انتخابي ومورد للمعادن والموارد الطبيعية”، هذه الأخيرة التي “لا تخلف سوى استنزاف الفرشة المائية وتسميمها بالمواد الكيميائية، دون أن يكون لها أثر إيجابي على مستوى التنمية أو البنيات التحتية”.

وسجّل المبادرون لتافسوت مراكش “تعثر إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال الأخير”، رغم أن “الدولة استغلت معاناة الضحايا لتلقي مساعدات خارجية، لم تغيّر شيئًا من الوضع الكارثي الذي تعيشه تلك المناطق، نظرًا لربط الاستحقاق بالدعم والتعويضات بمنطق الولاءات الحزبية والقرابات مع رجال وأعوان السلطة”.

ودفع هذا الواقع المتضررين إلى الاحتجاج، “رفضًا للوضع المأساوي من جهة، والممارسات اللامسؤولة واللاإنسانية التي تميز تعامل الدولة مع الملف من جهة أخرى، حيث تحضر المقاربة الأمنية بقوة، إذ يكون الهاجس هو إخماد الاحتجاج وقمع واعتقال مؤطريه، بدل إيجاد حل للأزمة التي فجّرته”.

وطالب المنظمون بـ”الإفراج عن معتقلي الحركة الثقافية الأمازيغية، ومعتقلي حراك الريف، ومعتقلي ملف ضحايا الزلزال والفيضانات”، و”تسريع وتيرة إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال والكوارث الطبيعية الأخرى، بطريقة تحترم البنيات السوسيوثقافية لتلك المناطق وتضمن كافة شروط العيش الكريم”.

كما دعوا إلى “مواجهة النخب السياسية التي تستغل مواقعها لتوسيع أنشطتها الاقتصادية وزيادة أرباحها على حساب القدرة الشرائية للمواطنين”، و”إلغاء التشريعات الاستعمارية والقوانين المستحدثة الرامية إلى تجريد السكان من أراضيهم”.

وعبروا عن رفضهم لكل “أشكال التضييق على حرية التعبير”، وطالبوا بـ”إلغاء كل أشكال التمييز ضد الأمازيغية، ومنها نسب إنجازات رموز الوطن إلى صفة عربية”، داعين إلى “تبني سياسة تنموية ديمقراطية مغايرة لنهج تمركز السلطة والثروة والموارد”.

ونددت “مسيرة تافسوت مراكش” بكل “أشكال مصادرة حق إيمازيغن في تنظيم أنفسهم وفق الآليات والمرجعيات التي يرونها مناسبة للترافع حول قضيتهم”. كما نددت “بقمع ومحاصرة مسيرة تافسوت ن إيمازيغن بالرباط”.

اقرأ أيضا

الرباط: السلطات تمنع وتحاصر مسيرة “تافسوت ن إيمازيغن”

تدخلت السلطات الأمنية بمدينة الرباط، صباح الأحد 20 أبريل، لمنع ومحاصرة المسيرة الوطنية التي دعت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *