جينوم مصري عمره 4600 عام يكشف أصولًا مغربية بنسبة 80%

نجح فريق دولي من الباحثين في فك شفرة أقدم جينوم كامل لإنسان من مصر القديمة، يعود إلى رجل عاش بين عامي 2855 و2570 قبل الميلاد، خلال الفترة المبكرة من عصر الدولة القديمة، وهي الحقبة التي شهدت بدايات تشييد الأهرامات وازدهار الفنون والعلوم.

وتمكن العلماء، بقيادة الباحثة أديلين موريز جاكوبس، وفق “لايف ساينس” من استخلاص الحمض النووي من جذور أسنان الرفات البشرية التي عُثر عليها سنة 1902 في مقبرة صخرية بمنطقة النويرات في صعيد مصر، حيث دُفن الرجل داخل إناء فخاري، وهي ممارسة جنائزية تشير إلى مكانة اجتماعية مميزة. غير أن التحليل العظمي كشف عن مؤشرات عمل بدني شاق، ما يطرح تساؤلات بشأن مركزه داخل المجتمع.

وأظهرت النتائج، التي نُشرت في مجلة Nature العلمية يوم 2 يوليوز، أن نحو 80% من الحمض النووي للرجل المصري تعود أصوله إلى سكان شمال إفريقيا في العصر النيوليتي، وبالضبط إلى العصر الحجري الحديث في المغرب، فيما تظهر نسبة الـ20% المتبقية ارتباطاً بسكان بلاد الرافدين القدماء”.

ويُعد هذا الإنجاز نقطة تحول في دراسة التاريخ الوراثي لمصر القديمة، بعدما كانت المحاولات السابقة لاستخلاص الحمض النووي من المومياوات تعاني من الفشل بسبب المناخ الحار والجاف، الذي يُتلف المادة الوراثية. إلا أن ظروف الدفن في إناء خزفي داخل صخرة صلبة ساهمت في حفظ استثنائي للحمض النووي، مكّنت الباحثين من الحصول على تسلسل جيني كامل بدقة غير مسبوقة.

وبحسب الباحث لينوس غيرلاند-فينك من جامعة أبردين، فإن عملية الحفاظ على هذه البقايا وفرت “فرصة نادرة لفهم أصول سكان مصر الأوائل”، بينما أشار الباحث بونتوس سكوغلوند من معهد فرانسيس كريك إلى أن “فرص النجاح في مثل هذه العينات القديمة كانت شبه معدومة”.

وعلى الصعيد الأنثروبولوجي، أظهرت العظام علامات هشاشة متقدمة والتهاب مفاصل، ما يدل على أن الرجل عاش عمرًا يتراوح بين 44 و64 عامًا، وهو عمر طويل نسبيًا في ذلك الزمن، كما كشفت وضعيته الجسدية عن نمط حياة قد يشير إلى ممارسة حرفة دقيقة مثل صناعة الفخار.

وأكد الباحثون أن هذا الجينوم يمثل فردًا واحدًا فقط، ولا يمكن تعميمه على سكان مصر القديمة كافة، ما يفتح آفاقًا جديدة لأبحاث مستقبلية تهدف إلى رسم صورة أوضح وأكثر شمولاً لتركيبة المجتمع المصري القديم وأصوله الوراثية.

اقرأ أيضا

وزارة الثقافة تدعم ترجمة عمل توثيقي حول “مراسلات جنود إسبان خلال حرب الريف”

ضمن نتائج دعم قطاع النشر والكتاب برسم سنة 2025، منحت وزارة الشباب والثقافة والتواصل دعما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *