من محاسن الامم بناء حضارتها، وتسجيل محطات نضالية في مسارها وعبر نشأتها، ومن أجل شعبها وقيادتها، ولكل أمة أو شعب ما يفتخر به، ويحتفل به من أعياد ومناسبات تذكره بأمجاده، و تجدره وعبقريته وحسن تدبيره بمراحل في حياته .
وللشعب المغربي تاريخه وفي سجله تواريخ لمحطات تجسد مجد شعب وقيادة رشيدة من أجل تحرير الوطن واستكمال أشواط التنمية .
ومن بين تلك المحطات النضالية الوطنية الماجدة، ملحمة المسيرة الخضراء السلمية، ذلك الحدث التاريخي العظيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى ودلالة، ليس فقط من حيث التدبير والحكامة ، ولكن كذلك من خلال رسائل قوية لمغرب ما بعد الاستقلال.
ومنذ خمسة وأربعين سنة من قيام الحدث الإنساني مازالت قضية الصحراء قضية وطنية تشغل الجميع رغم ما تعرفه هذه الأقاليم من تنمية وتقدم وبناء وتشييد تحث راية المغرب .
وظهور كيان وهمي تحث مسمى البوليزاريو بمرجعية قومية عربية في فترة كانت القومية العربية في أعلى درجة من هيجان قومي عربي بأموال النفط وهستيرية القضاء على الشعوب وأقوام ليست عربية ، والمغرب نفسه كان في إتجاه الشرق وفي ولاء تام له، ومنه جاءت ضربة البوليزاريو والتي مازال أنصارها يحلمون بالمستحيل في أرض لم تكن من قبل و لا من بعد عربية.
هذا الوضع الشاذ تاريخيا وجغرافيا وكونيا يتطلب إعادة قراءة التاريخ بعقلانية وموضوعية ، واستحضار البعد الامازيغي في قضية الصحراء لاهميته ومكانتها رغم الاصرار على تجاهله والنقص من قدرته وجديته .
وحتى لا تعوض كثيرا في هذا الموضوع رغم أهميته، ساتحدث عن ءيمازيغن والمسيرة الخضراء الاعتبارات عديدة ، أهمها نسبة المشاركة ومعرفه بالصحراء وتحمل صغارها ومشقتها وانخراطهم الكلي فيها بطواعية في احترام تام للواجب الوطني تجاه الارض والوطن، ومن حيث المكان في اختيار بقعة بسوس العالمة سميت في ما بعد بالمسيرة لكونها منطقة تجمع المتطوعين ذكورا واناثا قبل الانطلاقة .
ولا يمكن نسيان أو تجاهل ما كانت تعرفه المخيمات أثناء فترة الإقامة من عروض ثقافية وفنية غنائية ورقصات أمازيغية ، وحضور الجانب الديني وخاصة شقه التصوف السوسي المغربي المعتدل .
ومازال أحياء المسيرة الخضراء يتذكرون تلك اللحظات ومن عايشهم من الاهل والاقارب والجيران، وما كانت تحمله من دلالة العظمة ونكران الذات والاستعداد التام من أجل الوطن .
وسيجل التاريخ أن ءيمازيغن رغم ايديولوجيا قومية عربية شرقية وأطماع قومية عربية من أجل طمس هويتهم وتعريبهم أو القضاء على جذورهم أنهم أهل الحق والارض والثورة والتاريخ .