طالب المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بتفعيل الطابع الدستوري للغة الأمازيغية كلغة رسمية مثلها مثل اللغة العربية. كما طالب بـ”التأسيس لجهوية ديمقراطية حقيقية تراعي المميزات الثقافية والتاريخية لا تخضع للهاجس الأمني ولوصاية وهيمنة وزارة الداخلية”.
وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بيان لها بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية، استمرار “نضالها إلى جانب كل القوى الديمقراطية والحية في البلاد من أجل مجتمع الكرامة والديمقراطية وكافة حقوق الإنسان”.
وقالت في هذا الصدد إن هناك “استمرار العمل بدستور لا يستجيب لمقومات ومعايير الديمقراطية من ضمان سيادة الشعب، وفصل للسلط، واستقلال القضاء وربط المسؤولية بالمحاسبة وفصل الدين عن الدولة، وسمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتسييد القيم الحقوقية من ضمنها المساواة بين الجنسين …”.وفق تعبيرها.
وأضافت أن هناك “تمرير الحكومة لقوانين تراجعية في كافة المجالات، وانفراد الدولة في تمرير القوانين والتشريعات، بعيدا عن المنهجية التشاركية والنقاش العمومي”. إضافة إلى “تواصل الدولة المغربية إحكام قبضتها على جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، ونهج أسلوب مناقض للديمقراطية ومعادي لحقوق الإنسان”. على حد قولها.
وأشارت إلى أن هناك “إصرار على اعتماد المقاربة الامنية كأسلوب وحيد للتعاطي مع مطالب الشعب المغربي بالديمقراطية والحرية والكرامة عبر قمع الاحتجاجات والزج بعشرات المعتقلين السياسيين في السجون”. واستمرار “توظيف القضاء لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين في محاكمات تفتقر لأدنى معايير وشروط المحاكمات العادلة”.
وأضاف ذات المصدر أن “تخليد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لليوم الدولي للديمقراطية هذه السنة، هو فرصة للتأكيد على أن احترام حقوق المواطنات والمواطنين وإقرار الديمقراطية الشاملة وبناء دولة الحق والقانون”، مبرزة أن ذلك يتطلب “إقرار دستور ديمقراطي يحترم حق الشعب المغربي في تقرير مصيره على كافة المستويات ويقر بكونية وشمولية حقوق الإنسان وبسمو المواثيق الدولية على القوانين المحلية دون قيود أو شروط بالفصل الحقيقي بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية”.
وفي ما يلي بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كاملا:
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحيي اليوم الدولي للديمقراطية بتأكيد استمرار نضالها إلى جانب كل القوى الديمقراطية والحية في البلاد من أجل مجتمع الكرامة والديمقراطية وكافة حقوق الإنسان للجميع
دأبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومعها الحركة الحقوقية والديمقراطية المغربية والدولية، على إحياء اليوم الدولي للديمقراطية، في 15 شتنبر من كل سنة؛ سعيا منها إلى إبراز الأهمية القصوى للترابط الوثيق بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز ودعم المبادئ الديمقراطية، وتعبيرا منها عن التزامها بمواصلة النضال من أجل بناء مجمتع الحرية والديمقراطية، الذي ينتفي فيه القمع والاستبداد، ويضمن تحقيق حكم ديمقراطي ينعم فيه كل المواطنين والمواطنات بالكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والمساواة، كقيم إنسانية، في كافة المجالات السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وباعتبار أن الديمقراطية هي الركيزة الأساسية لحماية حقوق الإنسان؛ فإن الأمم المتحدة ارتأت اختيار “المشاركة” كموضوع لسنة 2019 معتبرة أن “اليوم الدولي لهذا العام فرصة للتذكير بان الديمقراطية مرتبطة بالناس” مضيفة أن ” الديمقراطية تبنى على الشمولية والمعاملة والمشاركة على قدم المساواة، فهي بالتالي لبنة أساسية للسلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان. وتتيح الديمقراطية بدورها بيئة طبيعية لحماية الإعمال الفعال لحقوق الإنسان… والديمقراطية هي كالسبيل باتجاهين، مبنية على الحوار الدائم بين منظمات المجتمع المدني والطبقة السياسية. ولابد أن يكون لهذا الحوار أثر حقيقي في القرارات السياسية. ولهذا السبب تعتبر كل من المشاركة السياسية والفضاء المدني والحوار الاجتماعي ركائز أساسية للحكامة الجيدة”.
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وانطلاقا من انشغالاتها بكافة قضايا حقوق الإنسان كحقوق كونية لا تقبل التجزئة، تعتبر المناسبة فرصة لتقييم وضع الديمقراطية على المستوى العالمي، وتدرك حجم التحديات ومبلغ الإكراهات التي تواجهها إقليميا ووطنيا، في سياقات اقتصادية واجتماعية وسياسية وقيمية متقلبة، تبطن العديد من التهديدات التي تقوض المبادئ والأسس التي تنبني عليها الديمقراطية وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، ومن أبرز ما يطبع تخليد شعوب العالم، هذه السنة، لليوم العالمي للديمقراطية، هو أنه يجري في ظل أوضاع تتسم بما يلي:
- على المستوى الدولي والإقليمي:
– تزايد واتساع نظام الهيمنة الرأسمالية المتوحشة وتسخير كل إمكانياتها السياسية والمالية والعسكرية لضرب حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، وانتهاك حق هذه الأخيرة في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والثقافي، الأمر الذي ازدادت معه مناطق التوتر وتعددت بؤر الحروب (اليمن، العراق، ليبيا،…)؛ وقد نتج عن هذا الوضع مساس خطير بالحقوق والحريات في مختلف المجالات؛
– الهجوم والتضييق على عمل المدافعات والمدافعين على حقوق الإنسان من طرف القوى المناهضة لحقوق الإنسان في العديد من الدول، حيث تسجل انتهاكات صارخة للحق في التظاهر وتقمع الحركات الاحتجاجية، كما حصل في فرنسا (السترات الصفراء)، وفي اسبانيا (حركة الغاضبين 15 ماي)؛
– توجه القوى العظمى نحو إخضاع الشعوب والأمم، والسيطرة على قرارها السياسي والهيمنة على مقدوراتها وثرواتها في إطار ليبرالية متوحشة، والإجهاز على حقها في تقرير مصيرها وعرقلة طموحها في بناء الديمقراطية عبر إشاعة الفوضى وتشجيع العنف والإرهاب وإشعال الحروب في العديد من المناطق العربية والمغاربية، بسبب التدخل الأجنبي المباشر أو بالاعتماد على حلفائها من أنظمة متخلفة ومستبدة (تدخل السعودية والإمارات في اليمن ..) ودعم الاحتلال الصهيوني لفلسطين واستمراره في اغتصاب الحقوق الأساسية والتاريخية للشعب الفلسطيني، وانتهاك حقه التاريخي الأصيل في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة؛
كما أن الشعوب الإفريقية لا زالت هي الأخرى تعيش تحت نير الحروب وانعدام الأمن وغياب أبسط شروط العيش التي تحفظ كرامة الإنسان، ومنها من يخوض مقاومة شرسة من أجل الحرية والديمقراطية ولعل أبرزها ما حققه شعبا السودان والجزائر من نهوض جماهيري من خلال حراكيهما السلمي للمطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية بهدف القضاء على أنظمة الاستبداد والفساد بالبلدين، وهما إحدى أبرز نماذج تنامي وتطور الوعي لدى الشعوب المقهورة والمضطهدة وقوى التقدم والديمقراطية والمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية ودمقرطة المجتمعات على كافة المستويات.
- على المستوى الوطني:
– استمرار العمل بدستور لا يستجيب لمقومات ومعايير الديمقراطية من ضمان سيادة الشعب، وفصل للسلط، واستقلال القضاء وربط المسؤولية بالمحاسبة وفصل الدين عن الدولة، وسمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتسييد القيم الحقوقية من ضمنها المساواة بين الجنسين …،
– تمرير الحكومة لقوانين تراجعية في كافة المجالات، وانفراد الدولة في تمرير القوانين والتشريعات، بعيدا عن المنهجية التشاركية والنقاش العمومي ؛ تواصل الدولة المغربية إحكام قبضتها على جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، ونهج أسلوب مناقض للديمقراطية ومعادي لحقوق الانسان، ويتمثل ذلك في:
– الاستمرار في التضييق والقمع الممنهج على الحركة الحقوقية والديمقراطية والصحافة المستقلة؛
ــ الاصرار على اعتماد المقاربة الامنية كأسلوب وحيد للتعاطي مع مطالب الشعب المغربي بالديمقراطية والحرية والكرامة عبر قمع الاحتجاجات والزج بعشرات المعتقلين السياسيين في السجون؛
ــ استمرار توظيف القضاء لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين في محاكمات تفتقر لأدنى معايير وشروط المحاكمات العادلة؛
ــ سيادة الاستبداد وتفشي الفساد بمختلف اشكاله، وضرب الخدمات الاجتماعية وتكريس اقتصاد الريع…؛
إن تخليد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لليوم الدولي للديمقراطية هذه السنة، هو فرصة للتأكيد على أن احترام حقوق المواطنات والمواطنين وإقرار الديمقراطية الشاملة وبناء دولة الحق والقانون، يتطلب ما يلي:
- إقرار دستور ديمقراطي يحترم حق الشعب المغربي في تقرير مصيره على كافة المستويات ويقر بكونية وشمولية حقوق الانسان وبسمو المواثيق الدولية على القوانين المحلية دون قيود أو شروط بالفصل الحقيقي بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية؛
- تصديق الدولة على جميع المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان وإدماج كل مقتضياتها في القوانين المحلية؛
- اعادة النظر في مجموعة من القوانين وتغييرها لمواكبة التطورات المجتمعية والمعيارية الدولية، (القانون الجنائي، مدونة الأسرة، قوانين الحريات العامة، ….)
- التأسيس لجهوية ديمقراطية حقيقية تراعي المميزات الثقافية والتاريخية لا تخضع للهاجس الأمني ولوصاية وهيمنة وزارة الداخلية؛
- مراجعة مدونة الانتخابات وكافة القوانين المرتبطة بالعملية الانتخابية، واقرار هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات ؛
- اقرار فعلي للقضاء كسلطة مستقلة باتخاذ التدابير التشريعية والاجرائية اللازمة وجعل حد لتغول النيابة العامة التي أصبحت ألية للاستبداد والقمع؛
- تفعيل الطابع الدستوري للغة الأمازيغية كلغة رسمية مثلها مثل اللغة العربية؛
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومن خلال مكتبها المركزي تعبر وتؤكد على قناعتها المبدئية الثابتة بضرورة مواصلة النضال الوحدوي ببلادنا من أجل تحقيق المطالب والأهداف الأساسية للحركة الحقوقية والديمقراطية المتمثلة في بناء نظام ديمقراطي يضمن احترام حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها ويحقق الكرامة لجميع المواطنات والمواطنين وذلك عبر تفعيل الميثاق الوطني لحقوق الإنسان كقاعدة للعمل الوحدوي المشترك؛
كما يؤكد المكتب المركزي أن التحرك نحو الديمقراطية في عالم تتراجع فيه الديمقراطية وتهدد فيه المكاسب في مجال حقوق الإنسان يتطلب مزيدا من تكاثف وتضافر جهود الحركة الديمقراطية العالمية لمواجهة العولمة الليبرالية المتوحشة وهيمنتها على مقدرات الشعوب وما تنتج عنه من انتكاسات اجتماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان سواء في الدول المتقدمة صناعيا أو في الدول التابعة، وذلك من أجل غاية كبرى هي الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية.
المكتب المركزي:
الرباط، في 15 شتنبر 2019