إقرار السنة الأمازيغية عيدا وطنيا تثمين لمكتسبات ملف الأمازيغية

جاء القرار الملكي التاريخي القاضي بإقرار السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، ليتمم سلسلة من المكتسبات التي حققتها الإرادة الملكية للقضية الأمازيغية منذ خطاب أجدير 17 أكتوبر 2001 المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي كان من أبرز أهدافه تحقيق الحماية الثقافية واللغوية للأمازيغية، إلى جانب مكتسب ترسيم اللغة الأمازيغية وجعلها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في دستور 2011، كما جاء هذا الإقرار ضمن سياق وطني ودولي عرف تحولات ثقافية واجتماعية متعددة كرس فيها المغرب توجهه الصريح والمؤكد على حماية الحقوق الإنسانية بكل أنواعها.

وفي نفس السياق هذا الإقرار اعتراف من المملكة المغربية بتعدد روافدها الثقافية، التي تعمل دائما على تثمينها وحمايتها، بالإضافة إلى التأكيد على أن الأمازيغية حضارة وإرث وتاريخ مشترك بين كل المغاربة بدون استثناء، ورافد أساسي للهوية الوطنية جمعاء.

وإلى جوار الإرادة الملكية السامية ومبادئ الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا السياق… نجد الحكومة المغربية التي جعلت الأمازيغية ضمن التزاماتها العشر في البرنامج الحكومي، في سنتها الأولى من تشكيل مجلس الحكومة جعلت الاهتمام باللغة والثقافة الأمازيغيتين يتضح والذي تم تدشينه بداية بترجمة الندوات الصحفية الأسبوعية، التي يقدمها الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة والمكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، عقب اجتماعات مجلس الحكومة إلى اللغة الأمازيغية، كما شرع مجلس النواب في بث جلسات الأسئلة الشفهية الأسبوعية باللغة الأمازيغية، وبالتنسيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الطاقي وإصلاح الإدارة، تم توفير الترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية في مجلس المستشارين، كما قامت هذه الوزارة بإصدار منشور يحث القطاعات الوزارات والمؤسسات على دمج الأمازيغية واعتمادها وفق ما هو منصوص عنه قانونيا، وكذا توفير خدمة الترجمة للناطقين بالأمازيغية في عدة قطاعات منها قطاع الصحة والعدل، كما أبرمت الوزارة عدة اتفاقيات مع وزارات ومؤسسات عمومية من أجل التنسيق والتعاون لتعزيز استعمال اللغة الأمازيغية.

وفي سنة 2022 تمت مراجعة شاملة للإطار القانوني لصندوق تحديث الإدارة العمومية، وانضافت إلى التسمية عبارة «واستعمال الأمازيغية» لتكون من بين أولويات الوزارة، كما تم احداث مرسوم يعطي مرونة لصندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية، لمواكبة وتسريع تنزيل هذا الورش الحكومي.

ومثل حضور الترجمة من وإلى اللغة الأمازيغية في البرلمان المغربي بغرفتيه خطوة جد مهمة في مسار تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وجعل فصول مساءلة الحكومة في متناول المغاربة الأمازيغ، خاصة وأن حصص الترجمة حققت نسب مهمة من المشاهدة، إلى جانب تمكين البرلمانيين من حقهم الدستوري في طرح السؤال أو التعقيب باللغة الأمازيغية، كما سيحقق هذا الاعتراف الانخراط الإيجابي لمؤسسات الدولة في مسار تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية لاسيما تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي رقم 16.26 المتعلق بتعزيز استخدام اللغة الأمازيغية في كل مناحي الحياة العامة، وادماجها في مجال التعليم والصحة والعدل والإعلام، الأمر الذي يؤكد أن هذا الإقرار بمثابة نفس جديد لتحقيق ما لم يتحقق بعد في ملف الأمازيغية، وسيعمل على اتمام مسار تثمين المكتسبات التي تحققت.

كما يحمل هذا الإقرار دلالات تاريخية ومستقبلية في نفس الوقت، ترتبط الأولى بضرورة تصحيح التاريخ على ضوء المستجدات، أي تعميق التاريخ المغربي بعمق تاريخ الحضارة الأمازيغية، ودحض كل تقزيم تاريخي يحجم عراقة الإمبراطورية الشريفة في 12 قرن، وهو الأمر الذي يستلزم تحيين المناهج الدراسية الخاصة بمادة التاريخ، لتتلاءم والتقدم الذي يشهده المغرب على مستوى ترسيخ الحقوق الثقافية واللغوية، وبالنسبة للدلالات المستقبلية فهي تؤيد العمل الحكومي الذي يعمل على تحقيق هذه الغاية، من خلال انخراط مجموعة من القطاعات الوزارية في هذا الورش الذي كان من بين أولوياتها، وتنتظر منها المزيد لتدارك الجمود والركود الذي طال ملف الأمازيغية فيما مضى.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *