الكورد والأمازيغ.. الكفاح من أجل الهوية بين تشابه الواقع واختلاف أساليب النضال

بلال عتي

الحدود السياسية التي رسمتها الدول الاستعمارية بعد بسط نفوذها على أرث الامبراطورية العثمانية وفرض هيمنتها تحت مسمى الانتداب وجلائها عن تلك الدول المصطنعة بعد زرعها انظمة تابعه لها، أحدث خللاً كبيراً في تركيبة تلك الدول بين سلطة الشعب والزمر الحاكمة.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بين هوية الدولة وهوية الشعب، الشعب الأمازيغي الذي يعد من الشعوب الاصلية في شمال إفريقيا او في دول مايسمى ( بدول المغرب العربي ) وله جذور ثقافية ومجتمعية واقتصادية وسياسية عميقة في تلك المنطقة، وكذلك الشعب الكوردي يعد من الشعوب الاصلية في غرب آسيا وله جذور ثقافية ومجتمعية واقتصادية وسياسية عميقة في تلك المنطقة، هذا التجذر كان احدى اهم المقومات في الحفاظ على الهوية المتميزة لكلا الشعبين ، بالرغم من كل اساليب التي اتبعتها الانظمة المتعاقبة في تلك الدول المصطنعه – من صهر قومي ، وتطبيق قوانين استثنائية، والتهجير القسري، والمجازر الجماعية .

تم تجزئة كوردستان الوطن التاريخي للشعب الكوردي ورسمت الحدود السياسية في قلب كوردستان لأربعة دول مصطنعة هي : تركيا ، وايران ، وسوريا ، والعراق
وكانت الحركات القومية الشوفينية التركية، والفارسية ، والعربية تفرض سلطتها الشوفينية والعنصرية المطلقة على تلك الدول وسط توازن القوى العظمى آنذاك بين المعسكرين – المعسكر الغربي ( الناتو ) بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والمعسكر الشرقي ( وارسو ) بقيادة الأتحاد السوفياتي ، وقد لعب المعسكرين دوراً مباشراً في تكريس واقع التقسيم ، وتجلى ذلك في مساهمة الاتحاد السوفياتي في افشال قيام جمهورية مهابد الكوردية عام 1946 في شرق كوردستان بعد انسحابها من اذربيجان، بالرغم من أن الملك محمد رضا بهلوي ملك ايران كان حليف للمعسكر الغربي وكذلك المعسكر الغربي كان يتغاظى عن الجرائم التي كانت ترتكبها تركيا والعراق وسوريا بحق الكورد .

كفاح الشعب الكوردي من اجل الهوية اخذ اسلوب النضال المسلح والنضال السياسي لعقود من الزمن بسبب غياب الفاعل الرئيسي في تقسيم المنطقة / فرنسا وبريطانيا / وتسابق القوى العظمى لفرض نفوذها ضمن الخرائط الجديدة ، لكن بفضل التضحيات الهائلة استطاع الشعب الكوردي ان يثبت قضيته كقضية سياسية دستورياً وعالمياً .

اما الشعب الامازيغي الذي تم تقسيم ارضه التاريخية بين عدة دول افريقية وتبعية اغلب انظمة الدول المصطنعة لدول المعسكر الغربي، والحضور المباشر للدول الاوربية في الحياة السياسية والاقتصادية لتلك الدول ادى الى لجم الحركة القومية العربية بأيدولوجيتها الشوفينية العنصرية في مراحل متعددة وفشلت الحركة القومية العربية من استخدام العقيدة الدينية لترهيب الحركة الثقافية الامازيغية وبفضل التضحيات الكبيرة للشعب الأمازيغي استطاع ان ينتزع الحقوق الثقافية وتثبيت الحقوق القومية دستوياً .

الخلاصة :

حقوق الشعوب لاتسقط بالتقادم ولايمكن اصباغها بصبغات عقائدية دينية ولابمفاهيم ايديولوجية، لأن الشعوب والاوطان صنوان لاينفصلان كل يكمل الآخر، وأي انتصار لشعب مضطهد هو انتصار للشعوب الأخرى واغناء للثقافة والحضارة العالمية ويعزز الامن والتعايش المشترك .

نضال الشعبين الكوردي والأمازيغي لاتنحصر في إعادة الحقوق لأصحابها وحسب ، وانما هو تأسيس لنظام عالمي جديد قائم على العدل والأمن والتعايش المشترك وازالة رواسب الفكر الاستعماري الذي كبد العالم ملايين الضحايا .

اقرأ أيضا

في الدفاع عن العلمانية المغربية: رد على تصريحات ابن كيران

اطلعت على تصريحاتك الأخيرة التي هاجمت فيها من وصفتهم بـ”مستغلي الفرص لنفث العداء والضغينة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *