معهد لوڭوس للتكوين في مهنة التمريض يدرج الأمازيغية في برنامج التكوين

قدمت الحركة الأمازيغية ، بمختلف تنظيماتها و فعالياتها ، تضحيات جسام لعقود من الزمن ، و بصمت على ملاحم نضالية منقطعة النظير من أجل حماية الأمازيغية لغة و أرضا و إنسانا ، تضحيات نابعة من إيمانها الشديد بأن بناء مجتمع حداثي ديموقراطي متماسك و قوي لا يمكن أن يتم دون الاعتراف بأمازيغية المغرب و دون الارتكاز على مقومات الهوية المغربية التي تعد الامازيغية عنصرها الأساسي ، فالمخططات الاستراتيجية و المشاريع التنموية الكبرى يجب أن تأخذ بعين الاعتبار لغة الشعب و ثقافته و تاريخه و إلا سيكون مصيرها الفشل و سنجد أنفسنا نرصد ملايير الدراهم لمشاريع عملاقة دون أن يكون لها أي أثر يذكر على المجتمع و الأفراد .

إن المشروع المجتمعي الحداثي الديموقراطي الذي نسعى جميعا لبنائه ، و تعمل الدولة على تنفيذه مستعملة خيرات البلاد و ثرواتها، هو مشروع يفترض أن يستفيد جميع أفراد المجتمع من ثماره فيحمي حقوقهم و يصون كرامتهم و يقدم لهم الخدمات الاجتماعية الأساسية من تعليم و صحة و غيرها و يضمن لهم القدرة على الولوج لهذه الخدمات و الاستفادة منها ، و من بين ” الولوجيات ” التي لا نستطيع صرف النظر عنها أو إنكار أهميتها نجد دعامة اللغة ، فكيف ذلك ؟

لقد انتقلنا في مسيرة الدفاع عن الأمازيغية من معركة الاعتراف إلى معركة الإنصاف ، أي من البحث عن الاعتراف باللغة و الثقافة الأمازيغية كمقوم أساسي للهوية الوطنية و كرأسمال رمزي له جذور تنتمي لهذه الأرض ، إلى المطالبة بإدماجها في دواليب الدولة و إيلائها المكانة اللائقة بها على جميع المستويات و المراهنة عليها للدفع بعجلة التنمية في بلادنا إلى الأمام ، لكن الأمر لم يتجاوز إلى يومنا هذا بعض الجوانب “التقنية” من قبيل الترسيم و الاعتراف و التشريع ، و هي الجوانب التي لا ننكر أهميتها ، و لكننا أسميناها “تقنية” لأنها بقيت مفارقة للواقع و لم تدب حرارة الواقع المعاش إلى شرايينها ، مما جعل المجتمع يتكبد خسائر فادحة و يضيع سنوات من التنمية و ينسف مؤشرات التنمية التي استثمرنا من أجلها جهدا و طاقة و وقتا لا يستهان به ، و لنا في زلزال الأطلس الكبير الذي ضرب عدة مناطق من المغرب في شهر شتنبر من السنة الماضية كل الدروس و العبر.

لقد تتبعنا و تتبع العالم كيف أن فرق الإغاثة و الفرق الطبية التي تجندت لإنقاذ المتضررين من الزلزال وجدت صعوبة كبيرة لأداء مهمتها على أكمل وجه بسبب عدم إتقانها للغة الأمازيغية و هو ما جعل التواصل مستحيلا و تقديم المساعدة متصفا بالصعوبة و جعل الحق في الصحة و الحق في الحياة في مهب الريح ، حيث أن الموارد البشرية ، من أطباء و ممرضين و صيادلة و أطر شبه طبية ، التي توجهت إلى الأقاليم المتضررة من زلزال الأطلس الكبير ، مشكورة على المجهودات التي بدلتها ، بقيت مكتوفة الأيدي بسبب عدم فهمها و لا إتقانها للغة الأمازيغية ، و بالتالي عدم القدرة على التشخيص و التوجيه و الإنصات و التفاعل لأن الجامعات و المعاهد و المراكز التي تختص في التكوين في المهن الطبية و التمريض و ما شابهها ، تكون ( التكوين) طلبتها في الجوانب المعرفية و التقنية دون أن تستحضر لغة و ثقافة المستفيدين ، الشيء الذي يشكل عائقا حقيقيا أمام أداء عملهم كما يجب و يحرم فئات واسعة من الشعب من الاستفادة من الحق في الصحة و يضرب قيم العدالة و المساواة و نكافؤ الفرص بعرض الحائط .

في هذا السياق ، و من أجل تثبيت الهوية المواطنة لمدرسة لوڭوس لتكوين الممرضين والممرضات بأيت أورير نقرر إدراج الأمازيغية في قائمة الدروس التي يتلقاها طلبة المدرسة لتمكينهم من الأدوات الكفيلة بجعلهم يؤدون المهام المنوطة بهم في المستقبل على أكمل وجه ، و لتقديم خدمة صحية قوامها الفعالية و صون كرامة المستفيدين ، و ذلك من خلال الاستعانة بأطر تكوينية مشهود لها بالكفاءة ، لنضع بذلك اللبنة الأولى في مسار تصالح مؤسسات التكوين مع لغة تستعملها شرائح عريضة في بلادنا و إيجاد موطئ قدم لها في برامجها من أجل تسليح خريجيها بالمعارف الأساسية التي تلزمهم لتجويد العرض الصحي في بلادنا كما و كيفا . و نستغل هذه الفرصة لنوجه دعوة نناشد من خلالها القيمين على التكوين في المهن الطبية إلى إقرار إلزامية إدراج الامازيغية في الجامعات و المعاهد و المدارس المختصة في هذا المجال ، كما ندعو هذه المؤسسات إلى التفاعل الجدي مع هذه المبادرة التي تروم إعطاء الأولوية لقداسة الحق في الصحة و الحق في الحياة على أي اعتبارات أخرى ، فالتكوين الذي يمثل الخدمة الأساسية التي نقدمها يعد وسيلة أساسية للتمكين من الولوج إلى الحق في الصحة و التي لا يمكن أن نضمن الاستفادة منها دون إلمام المتدخلين فيها باللغة الأمازيغية .

 

شاهد أيضاً

مباراة توظيف أستاذ محاضر تخصص الدراسات الأمازيغية بفاس

أعلنت كلية الأدب والعلوم الإنسانة سايس بفاس، عن تنظيم يوم 07 نونبر 2024، مباراة توظيف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *