أستلم الكاتب الجمعة الموافق 22 مايو 2020 على بريده الإلكتروني خطاب موجه تقريباً إلى جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي يذكر فيه التجمع العالمي ألأمازيغي وبصفة المخول من أمازيغ ليبيا، وبدون علم المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا المنتخب، ليتكلم بلسان أمازيغ أوروبا ويطالب التالي ذكرهم:
– السيدة أورسولا فون دير لين، رئيسة المفوضية الأوروبية ؛
– السيد تشارلز ميشيل ، رئيس المجلس الأوروبي ؛
– السيد ديفيد ساسولي ، رئيس البرلمان الأوروبي ؛
– السيد جوزيب بوريل، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية؛
بوقف التدخل التركي في ليبيا الذي أيده كل أحرار فبراير-الأمازيغ وجميع أنصار الدولة المدنية في ليبيا.. الواضح أن المخابرات الفرنسية استطاعت أن تتسلل إلى بعض الأمازيغ وتهمس في آذانهم بما يشكك في الاتفاقية الدولية التركية الليبية الشرعية وتعزف على وتر العواطف بدون أي عقلانية وتنشر بأنه في هذه الحرب: ” الشعب الليبي الخاسر الوحيد فيها ” وهذا صحيح ولكن لم نسمع لهم صوتاً عندما هاجم الداعشي حفتر العاصمة طرابلس في 4/4/2019 وقصف المدنيين بها، وللعلم يقطن بطرابلس أكثر من نصف تعداد الأمازيغ الناطقين والمقيمين خارج طرابلس، ولكن بدأنا نسمع أصواتهم، وبالتأكيد بتوجيه استخباراتي فرنسي، بعد توقيع الاتفاقية الأمنية والبحرية بين دولتين عضوين في الأمم المتحدة ليبيا وتركيا! كل ما جاء بعد الاتفاقية والتعاون التركي الشرعي من نقد هو دفاعٌ عن الداعشي حفتر قاتل أطفال ونساء وعجائز طرابلس .. ففي أول استهداف للعاصمة قتل المجرم الداعشي عائلة أصولها من مدينة يفرن تتكون من أم وابنتيها. وقبل أن يباشر الكاتب استعراض ما ورد بالخطاب من أخطاء فادحة يود التذكير بالأتي:
· لو كان الخطاب موجها للأمم المتحدة أو لمجلس الأمن لكان مقبولاً ولكن مخاطبة مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي تفرض عليها فرنسا توجهاتها فهذا مثيرٌ للشك !!!
· لم يتم التنسيق مع المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، وهذا المجلس المنتخب على تواصل وعلم تام بما يحدث في ليبيا عموما والهجوم على العاصمة طرابلس تحديداً من قبل مرتزقة وعصابات الداعشي حفتر!
· يسمي الداعشي حفتر عصاباته ومجرميه ومرتزقته بـ :”الجيش العربي الليبي” في إشارة عنصرية واضحة ضد الأمازيغ. بل يتضمن هذا الجيش المجموعة السلفية المدخلية (صناعة المخابرات السعودية) التكفيرية للأمازيغ الأباضية.
· اللجنة العليا للإفتاء تحت سيطرة الداعشي حفتر تصدر بتاريخ 9 يوليو 2017 فتوى بتكفير الأمازيغ الأباضية بالقول “عندهم عقائد كفرية” كرد لسؤال من سلفي مدخلي بتاريخ 9/7/2017 وجاء تأكيد الفتوى في 22/7/2017 : ” فكلّ من يعتقد هذه العقائد (الأباضية) لا تجوز الصلاة خلفه سواء كان عربياً أم أمازيغياً، إباضياً كان أم أشعرياً.” وأكدت الحكومة المؤقتة في الشرق بتاريخ 25/7/2017 لتوسع من دائرة التكفير فكفرت : “الشيخ الصادق الغرياني وهيئة علماء ليبيا وقناتي النبأ والتناصح”.
· تعتبر السلفية المدخلية التكفيرية التي تقاتل مع الداعشي حفتر بأن كل من يخرج عن طاعة ولي أمرهم خليفة أبولقاسم حفتر يجب قتالهم!
المطلع على خطاب ماس رخا المحترم يجد أنه يتضمن عدة مغالطات لا يمكن السكوت عليها ونوردها على النحو التالي:
· ورد بالخطاب بأن:” تركيا والإمارات العربية المتحدة، تواصلان تمويل وتسليح المعسكرين الليبيين المتحاربين، وذلك في تحدٍّ خرقٍ سافر لجميع قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الموقعة في فرنسا خلال المؤتمر الدولي المنعقد بقصر الإليزيه في مايو 2018، وكذا في إيطاليا (باليرمو) يوم 12 نوفمبر 2018 ومؤخرًا في ألمانيا (برلين) في 19 يناير 2020.” ونحن نعلم بأن الاتفاقية تم توقيعها في نهاية 2019 واعتمد البرلمان التركي إرسال قوات ومعدات عسكرية في يناير 2020 .. والسؤال أين حرصكم أيها الأمازيغ على أمازيغ ليبيا عندما تآمرت فرنسا وإيطاليا وخمسة دول عربية وروسيا على الشعب الليبي؟؟؟؟
· ذُكر بأن جمهورية : ” تركيا لم تتوقف قط عن إرسال أسلحتها الثقيلة ونقل آلاف المرتزقة الجهاديين السوريين إلى طرابلس ” هذه الجملة تحتاج لتصحيح لأن تركيا أعتمد تعاونها العسكري مع ليبيا من قبل برلمانها المنتخب في الأسبوع الأول من شهر يناير 2020 وهي ليست مضطرة لتهريب مرتزقة أو عسكريين يتبعونها لليبيا كما تفعل فرنسا وروسيا والسعودية والأردن والأمارات ومصر!!! والجثث والأسرى بحوزة حكومة الوفاق يثبت ذلك.
· تضمن الخطاب بأن : ” جدول أعمال مختلف اجتماعات بروكسل وستراسبورغ، لمجلس الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، المزمع عقده هذا الشهر وخلال الفترة ما بين 7-11 و 15 يونيو المقبل ، يكشف الغياب التام للمسألة الليبية ، رغم كونها من الطوارئ التي يجب التطرق اليها بشكل مستعجل، قبل أن يؤدي هذا الوضع إلى زعزعة كاملة لاستقرار جميع دول شمال إفريقيا ، الممتدة من مصر إلى موريتانيا. ” نتفق مع ظاهر النص ولكن نُذكر بأن عملية أيريني، والتي بالتأكيد من بنات أفكار فرنسا، بشأن مراقبة حظر السلاح على ليبيا التي أطلقها الاتحاد الأوروبي متجاوزاً مجلس الأمن والأمم المتحدة اقتصرت على المراقبة البحرية بهدف محاصرة حكومة الوفاق وأحرار فبراير وترك الحدود البرية للداعشي حفتر في الشرق لتتدفق آلاف الأطنان من السلاح والمعدات العسكرية عبر مصر وكذلك المجال الجوي.
كلمة ختامية:
لا نشكك في نية ماس رشيد رخا الذي يكن له أمازيغ ليبيا كل احترام وتقدير ولكن العاطفة قد تخوننا أحياناً لذلك نود التأكيد على ما يلي:
· ليبيا تعيش على مفترق طرق بين عسكرة الدولة والدولة المدنية وقد اكتشف الشعب الليبي بأن الدول الداعمة لعسكرة الدولة عديدة وهي تنظر بشكل براغماتي وترى بأن مصالحها تتحقق بشكل ميسر من خلال دكتاتور عسكري مستبد أفضل وأسرع من حكومة مدنية منتخبة تحتاج اتفاقياتها للتصديق من برلمان منتخب.. والأمازيغ لن تحفظ أرواحهم ولا لغتهم ولا ثقافتهم إلا من خلال دولة مدنية ديمقراطية تؤمن بالتعددية الحزبية والفكرية والثقافية.
· فرنسا منحازة للمشروع الاستبدادي العنصري ومصالحها مع الأمارات والسعودية ومصر والأردن والأمازيغ في نهاية قائمة اهتماماتها! ولا ننكر الدور الذي تلعبه فرنسا في أوروبا لذلك هي تشكل خطراً على استقرار ليبيا وطموح الأمازيغ في دولة مدنية دولة العدل والحق والقانون!
· صحيح تركيا لها مصلحة بالاتفاقية البحرية مع ليبيا لفك حصار أوروبا لها وربط خط بحري مع ليبيا سيسمح لها بالقانون الدولي الحق في التنقيب على الغاز بالبحر الأبيض المتوسط وستفتح آفاق المشاركات الاقتصادية مع ليبيا! كذلك تتميز تركيا بأنها مصنع للسلاح ولا تحتاج لإستراده لتفعيل الاتفاقية الأمنية والدفاعية مع ليبيا، زد على ذلك فهي منفتحة على دول العالم ولها شارات اقتصادية وأمنية مع ألمانيا، اسرائل، أمريكا، روسيا، الصين، والعديد من الدول الأخرى، وبهذه العلاقات تستطيع أن تناور لفرض حل سياسي في ليبيا وبدون مكان لدكتاتور مستبد مثل الداعشي حفتر!
عاشت ليبيا حرة .. تدر ليبيا تادرفت
أ.د. فتحي سالم ابوزخار
مدير المركز الليبي للدراسات الأمازيغية
تانميرت ماس فتحي بوزخار،
تانميرت ي مامو اياكز لحق ماني د اس يدول.