عقد حزب “الإنصاف”، أمس الأحد، 13 ماي 2018، مجلسه الوطني بالرباط، بحضور أزيد من ستين مؤتمرا ومؤتمرة.
وتم خلال هذا اللقاء، الأول من نوعه بعد المؤتمر الوطني الرابع للحزب، يومي 21 و22 أبريل 2018، انتخاب عبد الواحد الملياني رئيسا للمجلس الوطني، وثريا جوهر ونور الهدى العساسي نائبتين له، إضافة إلى عشر أعضاء آخرين تم ترشيحهم عن طريق التصويت باللائحة
وتتمثل اختصاصات المجلس الوطني في تحديد السياسة العامة للحزب وتوجهاته الإستراتيجية، واتخاذ القرار فيما يخص ترميم الهياكل المنبثقة عن المجلس الوطني، كما يمكن للمجلس الوطني احتضان أعضاء جدد ضمنه يقترحهم المكتب التنفيذي.
ويتشكل المكتب التنفيذي من رئيس الحزب، شاكر أشهبار، الذي حضي بثقة المؤتمر الرابع للحزب، إضافة إلى نائبه حميد السلماني، والكاتب العام للحزب عشور أزوكاغ، وأمين ماله عبد الحميد العساسي، الذين تم انتخابهم من طرف المجلس الوطني للحزب، إلى جانب رؤساء اللجن الدائمة.
وفي كلمة لرئيس حزب “الإنصاف”، شاكر أشهبار، بالمناسبة، قال إن المكتب السياسي مطالب بإشراك مناضلي الحزب من أجل الرفع من عدد المنخرطين، وأعضاء المجلس الوطني “بمعدل 30 عضوا في كل دورة”، داعيا لتجديد روح المنافسة السياسية من خلال استراتيجية تواصلية تعتمد على الإنصات لمطالب الشعب، والانخراط في قلب الاستراتيجية الشعبية في التواصل الجديد.
ودعا أشهبار أيضا لاعتماد استراتيجية بناء الهيكلة الترابية عن طريق تأطير المناضلين وتقوية الهياكل الترابية للحزب من فيدراليات ومجالس إقليمية، واعتماد استراتيجية استقطاب مناضلين فاعلين، واستراتيجية المبادرات وتشجيع الأفكار الجادة.
وفي برنامجه السياسي، يدعو حزب “الإنصاف” إلى ضرورة تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية ويؤكد على أهمية الإسراع في إدماجها في النسيج التربوي والتعليمي والأكاديمي وكذا في النسيج الإعلامي وفي الإدارات العمومية ومختلف مرافق الحياة العامة.
وعلى هذا الأساس، “بات من الضروري الإسراع بتحرير القطاع السمعي البصري بالشكل الذي يسمح ببروز فاعلين إعلاميين جدد على الساحة الإعلامية الوطنية، وتحفيز الدولة من أجل خلق صندوق لدعم الثقافة الوطنية من خلال دعم الأنشطة الثقافية والفنية والإعلامية المرتبطة بها، وكذا الحفاظ على جميع أشكال وتعابير ومكونات الثراث الثقافي في بلادنا”.
وعلى المستوى الاقتصادي ينطلق حزب الإنصاف في منظوره الهادف إلى تقوية النسيج الاقتصادي الوطني من ثوابت أساسية تهم بالخصوص بتشجيع الاستثمار باعتباره قاعدة النمو الاقتصادي وكذا الإطار الأمثل لخلق مناصب الشغل، وأيضا فرض مراقبة صارمة على الميزانية العامة للدولة للتقليص من حجم تبذير المال العام بغية الحفاظ على التوازنات الماكروإقتصادية.
ويرى أنه من الضروري اتباع سياسة وطنية فعالة لمحاربة كل أشكال اقتصاد الريع والامتيازات وبلورة سياسة جديدة لترشيد النفقات داخل المؤسسات العمومية والاستمرار في مسلسل الخوصصة بالشكل الذي يفترض وتوظيف عائداتها لتمويل مشاريع التنمية المستدامة. أيضا، ولتشجيع الاستثمار، يرى حزب الإنصاف أنه من الضروري تسهيل المساطير الإدارية لخلق المقاولات والتعامل معها وسن سياسة تشجيعية في المجالات الضريبية والجبائية بالمساهمة في تقليص كلفة عوامل الإنتاج خاصة بالنسبة للطاقة والتجزئات الصناعية.
كما يجب، في منظور الحزب، تشجيع المقاولة المغربية عبر تخصيص نسب فائدة منخفضة. ولمواكبة التطور الحاصل في الاقتصاديات الصاعدة، لابد من الرقي بمستوى البنيات التحتية الأساسية لتسهيل المهام أمام الفاعلين الاقتصاديين خاصة منها البنيات المتصلة بقطاع النقل والمواصلات والتقنيات الجديدة للتواصل.
وتماشيا مع هذا المنظور الإصلاحي، يرى حزب الإنصاف أنه بات من الضروري تحفيز القطاعات الغير المنظمة على الاندماج في النسيج الاقتصادي الرسمي والتفكير بموازاة ذلك في ضرورة إصلاح النظام الضريبي بالشكل الذي يسمح في الرفع من مستوى الوعاء الضريبي من جهة، ومن جهة ثانية يسمح بالتقليص من حدة الضغط الضريبي الغير معقلن على المستثمرين، “وفي إطار نفس المنظور الشمولي، لابد من تحديد استراتيجية مندمجة للتنمية الإقتصادية للعالم القروي وذلك بتجهيز القرى بالبنيات الضرورية لجلب الإستثمارات في مجال الصناعة والخدمات المتطورة”.
وفي المجال السياسي يعلن حزب “الإنصاف” تمسكه بالتعددية السياسية وبالحريات العامة الفردية والجماعية، ويعتبر أنه “قد حان الوقت لترسيخ ديموقراطية فعالة تلعب فيها المؤسسات التمثيلية دورها الأساسي الكامل، هذه المؤسسات التي يجب أن تفرزها عمليات انتخابية نزيهة وشفافة مؤطرة بقانون الانتخابات ومراقبة بجهاز مستقل، كل ذلك من أجل إعادة زرع بذور الثقة والأمل في العمل السياسي الجدي والمنظم والهادف. على هذا الأساس، فالأحزاب السياسية مطالبة بمراجعة آلياتها التأطيرية وإعادة النظر في العديد من طرق اشتغالها وذلك بترسيخ الديموقراطية الداخلية والسماح بتجديد النخب والأفكار وبلورة برامج سياسية تعتمد الصدق والدقة والموضوعية كمعايير لنبذ الديماغوجية ولتخليق الحياة السياسية”.
وعلى هذا الأساس، يوجه حزب الإنصاف نضاله من أجل إفراز سياسة إصلاحية جذرية شاملة، ولابد في هذا السياق من إطلاق دينامية جديدة تركز أساسا على تخليق الحياة العامة سواء انطلاقا من المؤسسات العمومية والشبه العمومية التي يجب أن تجري افتحاصات سنوية عادية لتدقيق الحسابات، مرورا بالإدارة التي يجب أن تنضبط لميكانيزمات التحديث والفعالية ونبذ السلوكات المشينة من قبيل الرشوة والبيروقراطية وظاهرة التبذير.
ويرى حزب الإنصاف أن هذه السياسة الإصلاحية الجذرية الشاملة لايمكن أن تتم إلا في إطار من الحزم والجدية اللازمة، ولابد في هذا الإطار من تفعيل اصلاح القضاء بالشكل الذي يضمن استقلاليته ونزاهته وفعاليته ونبذ كل أشكال الشطط في استعمال السلطة. من هنا تأتي أهمية ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان كما هي معترف بها دوليا وقيم المواطنة وتكريس الديموقراطية داخل المؤسسات التمثيلية، وكذا الديمقراطية التشاركية التي أقرها الدستور، كذلك لابد للإعلام أن يلعب دوره كسلطة رابعة تعتمد الحرية والاستقلالية، لكن كذلك المسؤولية والدقة في استقصاء الأخبار.
مؤكدا أن العمل الإصلاحي الحقيقي لابد أن ينطلق من إصلاح الإدارة، وعلى هذا الأساس يرى حزب الإنصاف أنه من اللازم الرفع من مستوى التنسيق بين الوزارات لجعل الإدارة تواكب البرنامج الحكومي في تنفيذ بنوده وتحقيق أهدافه التي صوت من أجلها الناخبون. “لكن في نفس السياق، ولإنجاح عملية الإصلاح الإداري، فإنه من الضروري بلورة سياسة جديدة لتدبير الموارد البشرية تعتمد معايير تشجيع الكفاءات بالاسـتحقاق ، ولابد كذلك من الاستمرار في تكريس اللاتمركز الإداري وتبني مقاربة جديدة للامركزية التي تعتمد الجهوية الموسعة كمحور أساسي لبلورة السياسات العمومية وتحقيق التنمية وفي هذا الإطار من الضروري إشراك ساكنة كل جهة في تحديد خريطتها وإعطاء كل جهة صلاحيات سياسية واسعة تمكن أبناء كل جهة من تدبير شؤون جهتهم كما انه من الضروري توسيع اختصاصات الجماعات المحلية مما يستدعي تحولا جذريا في مفهوم الوصاية التي تمارسها الإدارة المحلية والمصالح المركزية لوزارة الداخلية على الجماعات الترابية وتمكينها من تسيير أمورها وفق مبدأ التدبير الحر كما جاء في منطوق الدستور”.
أما على المستوى الاجتماعي، فيولي حزب “الإنصاف” أهمية خاصة للقضايا الاجتماعية داخل المجتمع المغربي، وينطلق من استراتيجية للتأهيل الاجتماعي من منظور واقعي وموضوعي يرى ضرورة الحفاظ على توازن وتماسك وتضامن الأسرة المغربية وصون كرامة وحقوق جميع أفرادها وتمتيعهم جميعا بالحق في سكن لائق وتغطية صحية مناسبة ومعممة وتعليم حديث يسهل الولوج الطبيعي والمباشر لسوق الشغل.
كما يولي حزب الإنصاف عناية خاصة للتعليم والتكوين، “كونه ينطلق من أهمية تفعيل مضامين ميثاق إصلاح التربية والتكوين مع ضرورة الحفاظ على الغنى اللغوي الذي تتمتع به بلادنا وضمان لكل الشباب المغربي التمكن من لغة أجنبية واحدة على الأقل وذلك قصد تقوية مميزات أصالتنا وهويتنا الوطنية وكذا ترسيخ توجهنا الحضاري المنفتح على كافة الثقافات، وكذلك الاتجاه تدريجيا لفرز تعليم يتماشى مع متطلبات الإقلاع الاقتصادي وهو ما يفرض الزيادة في أعداد الشعب والتخصصات المرتبطة بالتكوين المهني وتحرير قطاع التعليم العالي من خلال استلهام تجارب الدول الرائدة في هذا المجال”.
ويرى أنه في نفس الإطار، تقتضي المقاربة الجديدة للتأهيل الاجتماعي ضرورة النهوض بالحياة التعاونية من خلال سن شراكة حقيقية لخلق شبكة وطنية للمراكز التعاونية قصد تطوير وتنمية الأنشطة الاجتماعية والثقافية كما يجب تزويد الجماعات المحلية بفضاءات عمومية وتجهيزات رياضية وثقافية وشبابية.
مؤكدا أن سياسة التأهيل الإجتماعي تقتضي أيضا تنمية وتفعيل كل أشكال التضامن والتكافل في مجالات نظام المعاشات ودعم القدرة الشرائية للفئات المحتاجة كما انه من الضروري التقليص من نسبة الأمية والعمل على تأهيل النساء وذلك بتشجيع المجتمع المدني على العمل التطوعي فضلا عن سياسات عمومية ناجعة.
أمضال أمازيغ: كمال الوسطاني