فجرت الدكتورة أسماء حمبلي نقاش على وسائل التواصل الاجتماعي عقب تصريحات صادمة للمسلمات العقائدية لم يتمكن الكثير من هضمها وقد تبعتها حملة تجريح نالتها من طرف بعض الجزائريين، فدعونا نناقش المسألة بالخشيبات ليتسنى لنا الفهم والإدراك بعيدا عن العاطفة الدينية والتقوقع الفكري …
أولا : لديك موروث ديني اسلامي فيه أحاديث وأقوال بعض كبار علماء الاسلام ومفسريه من بينهم حبر الأمة ابن عباس وما أدراك ما هو ومؤرخين يقولون لك أن آدم أب البشرية عاش في الأرض قبل سبعة ألاف سنة أو عشرة ألف سنة ومن بين هذه الأقوال على سبيل المثال لا الحصر :
عن عبد الله بن بسر ، قال : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي ، فقال : « هذا الغلام يعيش قرنا» . قال : فعاش مائة سنة . قال الواقدي : يقول الله عز وجل : ( وقرونا بين ذلك كثيرا ) . فكان بين نوح وآدم عشرة قرون ، وبين إبراهيم ونوح عشرة قرون ، فولد إبراهيم خليل الرحمن على رأس ألفي سنة من خلق آدم.
قال حبر الأمة ابن عباس : “وبين آدم ونوح عشرة قرون، وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون، وبين إبراهيم وموسى 700 سنة، وبين موسى وعيسى 1500 سنة، وبين عيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم 600 سنة”
المستدرك على الصحيحين،كتاب التفسير، من سورة البقرة ، حديث رقم 3039
أن رجلا قال : يا رسول الله أنبي كان آدم ؟ قال : نعم معلم مكلم قال : كم بينه و بين نوح ؟ قال : عشر قرون قال : كم كان بين نوح و إبراهيم ؟ قال : عشر قرون
تاريخ إبن خلدون ” الجزء الثاني صفحة 182 – في الموسوعة الشاملة يقول : ” فجميع سنى العالم من آدم إلى الهجرة على ما يزعمه اليهود… وعلى ما يدعيه النصارى في توراة اليونانيين … وأما عند أهل الاسلام فبين آدم ونوح عشرة قرون والقرن مائة سنة وبين نوح وابراهيم كذلك وبين ابراهيم وموسى كذلك ونقله الطبري عن ابن عباس وعن محمد بن عمرو بن واقد الاسلامي عن جماعة من أهل العلم وقال ان الفترة بين عيسى وبين محمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة ورواه عن سلمان الفارسى وكعب الاحبار والله أعلم بالحق في ذلك والبقاء لله الواحد القهار”
وتجدر الاشارة أن نفس الارقام والكلام تقريبا نجده في الموروث الديني اليهودي والمسيحي .
ثانيا : لديك معطيات علمية لا يحق لك تكذيبها ما دام الجهاز الذي تقرأ به حاليا هذا المقال هو نتيجة هذه العلوم الحديثة، تقول لك هذه المعطيات العلمية أن العلماء قد عثروا على رفات بشر كشف لنا الكربون C14 وتقنية التصوير الطبقي المبرمج بالأشعة السينية (x-ray synchrotron microtomography) وعلم تاريخ المقارن… أنهم عاشوا في شمال افريقيا قبل آلاف السنين وحتى الملايين ومن أمثال هذه الاكتشفات :
- انسان عين بوشريط (سطيف) 2.4 مليون سنة .
- انسان تغنيف ( معسكر) 700 ألف سنة حسب العلماء الفرنسيين وهو رقم يرفضه العالم الجزائري البروفسور سحنوني ويقدم بدله الرقم 900 ألف سنة الى مليون عام .
- الانسان العاقل (Homo sapiens) الذي ننحدر منه نحن يعود الى 315000 سنة وهو إنسان جبل إغود المكتشف في بمقاطعة شيشاوة الأمازيغية بالمغرب والذي درسه العالم البليونتولوجي جون جاك هوبلن ( Jean-Jacques Hublin ) وأعلن عنه في المجلات العلمية في 2015 احدث ضجة اعلامية عالمية .
- إنسان دار السلطان العاتري (بئر العاتر تبسة) الذي عاش قبل 200 الف سنه الى العشرين الف سنه قبل الميلادالآن هل هؤلاء البشر الذين عاشوا قبل آدم التوراتي أمازيغ؟ علميا لا نقول هذا لأننا نجهل اللغة التي تحدثوا بها، وتاريخيا تلك مرحلة سابقة لفكرة القوميات، لكن اصطلاحا نعم هم امازيغ بحكم المنطقة الجغرافية التي عاشوا وماتوا و عثروا فيها، فإنسان عين بوشريط سمي بذلك نسبة الى تلك المنطقة التي وجد فيها وكذلك نفس الشيئ الى انسان تغنيف و الانسان العاتري ودار السلطان ….
أما القول أن الأمازيغية أم اللغات فهي فرضية منطلقها هو: بما أن الانسان العاقل Homo sapiens الذي يعتبر جد البشرية حتى الآن قد عاش في شمال افريقيا ومنه تمت الهجرة الى باقي مناطق العالم واعتمادا على دراسات كل من العالم شاملا(M. C. Chamla) و وفرمـباخ ( D. Ferembach) اللذان إهتما بفكرة الانحدار المباشر والمتواصل منذ النياندرتاليين شمال-أفريقيين (إنسان جبل ارحود) ثم إنسان دار السلطان العاتري إلى غاية الكرومانيونيين (إنسان المشتى Mechtoïde ) يحق علميا الافتراض بأن اللغة التي تحدث بها السكان الأوائل لشمال افريقيا هي ام اللغات .
فعلى من تضحكون يا بتوع المدارس الباديسية على الدكتورة أسماء حمبلي التي نحييها على الجرأة والشجاعة في طرح مثل هذه المسائل في مجتمع مبوء بالظلامية والتعصب الديني حتى وإن اختلفنا معها في بعض الجزئيات أم على كتب التراث الديني التي تقول أن عمر آدم بين7 الاف سنة و 10 الاف ؟
بقلم مصطفى صامت- الجزائر