في إطار أنشطتها وندواتها الوطنية الإشعاعية، تنظم جمعية “أزا فوروم” بشراكة مع اللجنة الخاصة للنمودج التنموي الجديد، سلسلة ندوات حول موضوع “أي موقع للأمازيغية في النموذج التنموي الجديد؟” عن بعد، وذلك أيام 22 و23 و24 أكتوبر الجاري، ابتداء من الساعة الثامنة مساء، عبر تقنية المباشر على صفحة الجمعية، بمشاركة عدد من الأساتذة والباحثين والحقوقيين.
وسيتناول محور الندوة الأولى، يوم 22 أكتوبر، موضوع :”المحور الحقوقي” بمشاركة كل من المحاميين، الأستاذة عائشة ألحيان، والأستاذ عمر كزم بالإضافة إلى الأستاذ والفاعل الحقوقي بلعيد بودريس.
فيما ستتناول الندوة الثانية، يوم 23 أكتوبر، موضوع ” المحور الاقتصادي والاجتماعي والبيئي” من تأطير كل من المحامي حميد بنصالح والباحث عبدالله حتوس، والمهندس موحا أوحساين.
وستختم “أزا فوروم” سلسلة ندواتها، بندوة يوم 24 أكتوبر، بموضوع يتناول “محور الثقافة والتنمية” من تأطير كل من المدير الفني، إبراهيم المزند، والأستاذ الباحث عبد السلام خلفي، والباحث خالد ألعيوض.
أرضية الندوة:
يعتبر تعيين لجنة ملكية لإعداد مشروع النموذج التنموي الجديد إعلانا صريحا بفشل النماذج التنموية السابقة والتي تجد جذورها في مخلفات فترة الحماية الفرنسية وإشكالات بناء الدولة الوطنية وغياب تصور واضح للمقصود بالتنمية وطرق تحقيقها. وبعد أكثر من 60 سنة من الاستقلال لا زال سؤال التنمية مطروحا رغم الجهود المبذولة طيلة السنوات السابقة. ويبدو أن من عوامل فشل النماذج السابقة تغييبها للإنسان باعتباره محور كل عملية تنموية, وبذل أن يكون هذا الأخير المنطلق والمبتغى تحول لأداة تتقاذفها الصراعات الإيديولوجية ومصالح الشركات الرأسمالية الكبرى لتحقيق أهداف أخرى بعيدة عن التنمية نفسها. وإقصاء الإنسان من التصورات التنموية السابقة هو الذي أدى لإقصاء أهم ما يميز هذا الإنسان ألا وهو لغته وثقافته. وفي هذا الإطار تحضر أهمية مناقشة موقع الأمازيغية في النموذج التنموي المنشود لأن فشل النماذج السابقة منذ الاستقلال إلى اليوم صاحبه أيضا إقصاء ممنهج للأمازيغية.
وليس غريبا أن تطرح فكرة إعداد مشروع تنموي جديد في نفس سياق بداية الاعتراف الرسمي بالأمازيغية مما يجعل الربط بين الاثنين أمرا ملحا، إذ أن كل تجاهل للأمازيغية سيؤدي لإعادة إنتاج بعض أسباب فشل النماذج السابقة. وتحضر الأمازيغية في علاقتها بالتنمية من جهة باعتبارها لغة حية تؤدي وظائف معينة في المجتمع وهي مدعوة الآن منذ 2011 لتكون لغة مؤسسات، ومن جهة أخرى كحاملة لثقافة عريقة تشكلت عبر قرون طويلة وتختزل تجارب إنسانية عميقة سمحت للإنسان الذي يحملها من التعامل مع محيطه الطبيعي وتدبيره وتطويعه أحيانا لتحقيق تنمية تستجيب وحاجات هذا الإنسان في كل زمان ومكان، مع الحفاظ على التوازن البيئي الذي تسعى له الإنسانية اليوم معبرة عنه بصيغة “التنمية المستدامة”.
لا نسعى من خلال طرح علاقة الأمازيغية بالتنمية للبحث عن حلول للمستقبل في الماضي، في تعطيل للعقل الإنساني المعاصر واستهانة بقدراته على الإبداع، أو تمجيدا للذات في نرجسية مقيتة، لأن من شأن ذلك أن يجعل من طرحنا نوعا من “السلفية” بصيغة أخرى، ولكن نروم من خلال هذا النقاش تجديد الدعوة لضرورة الاهتمام بالثقافة الأمازيغية لأنها تشكل صلب الهوية المغربية والبحث فيها عما يمكن استثماره في المشروع التنموي الجديد تحقيقا للإقلاع المنشود الذي سيستمد قوته من التربة المغربية الأصيلة مع الانفتاح على آخر ما وصل إليه العقل البشري.