أكد ابراهيم موسى أن استهداف الأمازيغ في ليبيا، بدأ منذ سنة 2015، مشيرا إلى تهميشهم السياسي واستهدافهم الاجتماعي ومحاصرتهم المناطقية، وأبرز الكاتب في مقال له، التجاوز الدستوري في حق الأمازيغية وغياب التمثيل السياسي والإداري الامازيغي، وإبعاد وإهمال اللغة الامازيغية رسمياً وإعلامياً، إضافة إلى إقحام “القومية العربية” في مؤسسات الدولة، والسكوت على انتشار فتاوي ضد الامازيغ الإباضيين، وصولا إلى محاولة شق وإسكات الصف الأمازيغي باستقطاب شخصيات أمازيغية ضعيفة، اعتقال وملاحقة وإبعاد والكيد لشخصيات أمازيغية.
في ما يلي ما جاء في مقال إبراهيم موسى
إلى من يهمه الأمر: هل يُدفع أمازيغ للتمرد وحمل السلاح دفاعاً، عن قصد أم غفلة؟ حتى لا تلام الضحية لصراخها!
الخبر: “الامازيغية تحت المجموع”، كان العشم المنتظر هو التقدير والدعم، غير أن وزارة التعليم الوفاقية تصنف وتضع “اللغة الامازيغية” تحت تقييم مجموع النجاح في المناطق الامازيغية مع مواد: الرسم والموسيقى والرياضة. أي مادة “غير مهمة” وليست حتى اختيارية. المسألة سياسية مهمة بجدارة، وليست مسألة وزارية إجرائية. الغريب أن يتم هذا الإجراء بدون التشاور والتنسيق مع الامازيغ وبدون تواصل إعلامي علني مسبق، كأن الأمازيغية نكرة ولقيطة.
أولا، ما حققه امازيغ ليبيا في الفترة ما بعد فبراير 2011، وخصوصاً ما بين 2011- 2014 ليس ولم يكن هبة او منحة ولا مكرمة ولا صدفة ولا صدقة ، بل قطفوه دماء ودموعاً وعرقاً، تضحية بالحياة استشهاداً واغتيالاً وجرحاً وسجناً وتعذيباً. وبالتالي فالحقوق معمدة ومعتمدة وليست حسابات سياسية ولا توازنات اجتماعية ولا ميول إيديولوجية ولا تفضيلات عاطفية.
سؤال العنوان مثير لبيان حالة التراجع المتوالي، ووضعية التهميش المتصلة التي يعاني أمازيغ ليبيا، في الأربع سنوات الأخيرة، في وضع يشابه ما كانوا عليه قبل فبراير 2011. وإذا استمر التدهور بهذا الاتجاه والمعدل سيكون أسوأ وأشنع من ما قبل 2006.
إثارة هذه الصيغة الافتراضية والمحتملة لحد الان- وهو خيار غير مرغوب ولا مطلوب- هو تنبيه احترازي في التوقيت، بالنظر إلى الظرف الوطني والإقليمي المشتعل، وإلى انتشار وانفلات السلاح والتشدد.
هناك حالة من الإحباط والغضب المتصاعد والمتراكم لدى نشطاء وحركي الحق الأمازيغي، يمتد إلى عموم الكتلة الامازيغية.
امازيغ ليبيا عارضوا وقاوموا بقوة القذافي وشاركوا بقوة في فبراير 2011 رفضاً للظلم والتهميش والاقصاء والاضطهاد. إذا كان القذافي حاول استيعاب وإصلاح الاتجاه منذ 2006، إلا أن الاستيعاب الوقت كان متأخر جداً. وثورة فبراير لم تكن ستحسم في غرب ليبيا لولا انخراط ومساهمة امازيغ ليبيا. ولعلنا نتذكر توافد وحج ومغازلة العديد من متصدري المشهد للمناطق الأمازيغية، وتوشحهم بعلم الثقافة الأمازيغية. غير أنهم تنكروا.
غير انه منذ 2015 انتكس الاتجاه وعاد استهداف الأمازيغ، والذي من نماذجه تهميشهم السياسي واستهدافهم الاجتماعي ومحاصرتهم المناطقية، ومن امثلة ذلك: التجاوز الدستوري غياب التمثيل السياسي والإداري الامازيغي، إبعاد وإهمال اللغة الامازيغية رسمياً وإعلامياً، اقحام القومية العربية فقط في مؤسسات الدولة، السكوت على انتشار فتاوي ضد الامازيغ الاباضية، محاولات اختراق والسيطرة على مناطق أمازيغية، محاولة شق وإسكات الصف الامازيغي باستقطاب شخصيات امازيغية ضعيفة، اعتقال وملاحقة وإبعاد والكيد لشخصيات امازيغية، التذرع والتحجج والتركيز على سلوكيات امازيغية ضيقة ومنفرة متشددة…
بعد 2014 تمسك الامازيغ بالخيار السلمي فلم ينخرطوا في اي مواجهة مسلحة، واتبعوا واستنفذوا الأساليب السلمية من ضغط ومقاطعة، ولكنهم يقتربون من خلاصة ان ساسة البلاد لا يضعون اعتبار إلا للقوة المسلحة وحروب الاقتتال. كما يحسب لأمازيغ ليبيا وطنيتهم المتجذرة بعدم استقوائهم بالخارج وعدم نجاح جهود اختراقهم من الخارج.
نعم، امازيغ ليبيا- المتحدثون بالامازيغية- اقلية عددية، ولكنهم ليسوا قليلوا العدد ولا الشجاعة ولا قليلوا القوة بأنفسهم وأحلافهم في غرب ليبيا. فسياسة وتاريخ غرب ليبيا لا يكون بدونهم. كما أنه من المهم عند التعامل مع هذه الإشكالية الانتباه لتشابكها وتداخلها مع المحيط الدولي وتعقيداته ومخاطره.
علينا جميعاً الانتباه والحكمة السياسية الواعية، والتعامل معه بأنه مسألة حقوق إنسان وحقوق مواطنة، لا سياسية ولا قبلية ولا إيديولوجية. وهذه الانتباه يمتد للبعثة الأممية الناسية للامازيغية. فالامازيغ ليسوا درجة ثانية ولا هجرة غير شرعية و الأمازيغية ليست إرهاب ولا سعر صرف.