إزا: صمود في زمن الاغتراب ⵉⵣⵣⴰ: ⴰⵥⵉⴹⵕ ⴳ ⵓⵣⵎⵣ ⵏ ⵓⵣⵡⴰⴳ ⴰⵏⵉⵎⴰⵏ

الكاتبة: مليكة بوطالب

في قلب جبال الأطلس، حيث تتعانق الغيوم مع قمم الجبال الشامخة، وفي قرية تانصغارت ⵜⴰⵏⵙⵖⴰⵔⵜ البعيدة عن الأنظار والقريبة من ويركان بأسني؛ كانت تعيش إزا ⵉⵣⵣⴰ ، المرأة الأمازيغية التي كانت تجسد روح الطبيعة ومكنونها. كانت منبع الحكمة والشجاعة في قريتها النائية، وكانت تحمل في طيات قلبها حكايات قديمة عن الأجداد، وذكريات ملونة تتناغم مع ألوان الجبال وأصوات الرياح.

لم تعرف إزا شيئًا عن العالم الخارجي سوى من خلال القصص التي كانت تسمعها من تودا ⵜⵓⴷⴰ، صديقتها الحكيمة التي كانت تروي لها حكايات عن المدن البعيدة والأماكن الغريبة، كانتا تجلسان معًا تحت شجرة الزيتون العتيقة، حيث كانت تودا تتحدث بحماس عن الأضواء المتلألئة والأسواق المزدحمة، مما كان يشعل في قلب إزا رغبة عميقة في اكتشاف هذا العالم.

وذات صباح، حيث ملأت الشمس أرجاء القرية، قررت إزا أن تخرج من عزلتها وتجرب الحياة خارج أسوار قريتها، ارتدت أدال ⴰⴷⴷⴰⵍ ولفلطيطة ⵍⴼⵍⵟⵉⵟⴰ، التقاليد التي لطالما اعتزت بها، واستعدت لحياتها الجديدة، جمعت بعض الأشياء الضرورية، مثل خبز تفارنوت وزيت الأركان ⴰⵔⴳⴰⵏ وعلبة من الأملو، وقررت أن تبدأ مغامرتها.

عندما وصلت إلى المدينة، أبهرتها الأضواء والصخب. كانت الشوارع مليئة بالحركة، والألوان تتداخل مع بعضها بطريقة مدهشة، لكن بينما كانت تتجول، بدأت تشعر بنظرات الاستنكار من بعض المارة، بدا أن لباسها التقليدي يعكس خلفيتها الثقافية، مما جعلها موضع استهزاء من بعض الناس، كانت تتلقى نظرات متعالية، كما لو كانوا ينظرون إليها ككائن غريب في عالمهم العصري.

في تلك اللحظة، شعرت إزا بالارتباك، تساءلت إن كان عليها أن تتخلى عن هويتها لتندمج في هذا العالم الجديد، لكن صوت تودا، التي كانت دائمًا مصدر إلهام لها، استمر في الهمس في أذنها: “ⴰⴷ ⵓⵔ ⵜⴼⵍⵜ ⵜⴰⵎⴰⴳⵉⵜ ⵏⵏⵎ، ⵏⵜⴰⵜ ⴰⴷ ⵉⴳⴰⵏ ⴰⴱⴰⵢⵏⵓ ⵏⵏⵎ، لا تتخلي عن هويتك، فهي كنزك.”

وهي تتجول في سوق ممتاز وتندهش بالسلع والعربات والراشد استغرابا كيفية جر الناس خاص النساء لتلك العربات، استجمعت شجاعتها وبدأت تتحدث إلى الناس، استخدمت مهارتها في تقديم خبز تفارنوت ⵜⴰⴼⴰⵔⵏⵓⵜ وأملو ⴰⵎⵍⵓ، وتحدثت عن تراثها وثقافتها. روى البعض قصصها بفضول، وأعجب الكثيرون بنكهة الأطعمة التي كانت تحملها معها، ومع مرور الوقت، بدأ الناس يدركون أن لباسها ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمز لقصة تاريخية وثقافة غنية.

إزا رمزًا للمرأة الأمازيغية القوية التي لا تتخلى عن هويتها

وفي أحد الأيام، التقت بفنان محلي يدعى ياسين، كان يسعى لتوثيق جمال الطبيعة في لوحاته. استمع إلى قصص إزا وشغفها بالأرض، فأخبرها بأنه يود رسم صورة لها في وسط الطبيعة، ترمز إلى ارتباطها بتراثها، جلست إزا تحت شجرة زيتون في إحدى الحدائق العامة، حيث رسم ياسين تفاصيل أدال ولفلطيطة، أي اللباس الذي ترتديه بتأمل عميق.

بينما كان ياسين يرسم، أدركت إزا أن التحديات التي واجهتها في المدينة كانت بمثابة اختبار لصلابتها وارتباطها بجذورها. كانت اللحظة بمثابة تجسيد لحياتها: امرأة جبلية تحمل روح الأرض، وتعكس جمال ثقافتها الفريدة.

عندما عادت إزا إلى قريتها، كانت محملة بالتجارب والمعرفة. لم تعد تشعر بالخوف من نظرات الآخرين، بل أصبحت فخورة بموروثها الثقافي، أدركت أن الهوية ليست مجرد مظهر، بل هي شعور عميق بالانتماء والقدرة على التأثير في العالم من حولها.

تحت ضوء القمر، جلست إزا مع تودا لتشاركها تجاربها، كانتا تضحكان، وتتناقشان، وتحتفلان بشجاعتهما في مواجهة التحديات. أدركتا أن الحفاظ على الهوية والثقافة ليس واجبًا فحسب، بل هو فن من فنون العيش الذي ورثاه عن الأجداد.

ومنذ تلك اللحظة، أصبحت إزا رمزًا للمرأة الأمازيغية القوية التي لا تتخلى عن هويتها، مهما كانت التحديات. كانت تجربتها في المدينة تجسيدًا للروح الأمازيغية الحقيقية، التي تتحدى الصور النمطية وتحتفل بالثقافة، محولة كل لحظة من حياتها إلى عمل فني يعكس فن العيش والثقافة الأمازيغية التي تناقلتها الأجيال عن الأمهات والجدات.

شاهد أيضاً

تسليم أصناف الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية برسم سنة 2023

تمت مراسيم تسليم الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية برسم سنة 2023، اليوم الخميس 17 اكتوبر بمقر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *