أكد وزير الخارجية الإسباني، جوسيب بوريل، استعداد بلاده للاعتراف وجبر الضرر وتضميد الجراح وطي صفحة مآسي حرب الريف، وذلك بالتزامن مع مرور مائة عام على هذه الحرب التي جرت أحداثها ما بين 1920 و1928.
وطرح الوزير، أثناء مثوله أمام لجنة الخارجية في البرلمان الإسباني، مساء الأربعاء، 19 دجنبر 2018، إمكانية التنسيق مع المغرب من أجل بدء عملية “تضميد الجراح في هذا الجانب وذلك”، مع الأخذ بعين الاعتبار “الأضرار التي لحقت الطرفين”، فيما يخص حرب الريف ومعركة أنوال، وذلك في رده على سؤال للناطق الرسمي باسم حزب اليسار الجمهوري الكتالوني، جوان تاردا، الذي أصر على ضرورة قيام إسبانيا بمبادرة جبر الضرر وتعويض الريفيين، ضحايا استعمال الأسلحة الكيماوية في حرب الريف.
و سبق لجوان تارذا، أن طرح في 17 يوليوز 2018، بتنسيق مع التجمع العالمي الأمازيغي، قضية الدين التاريخي لإسبانيا المرتبط بملف حرب الغازات السامة ضد الريف، مؤكدا أنه على الدولة الإسبانية الاعتراف بجرائمها ضد الإنسانية، باستعمالها للغازات الكيماوية ضد مدنيين إبان حرب الريف التحريرية في عشرينيات القرن الماضي، مذكرا الرئيس الإسباني بالآلام التي تسبب فيها الجيش الاستعماري الإسباني بالريف، وداعيا للاعتراف بالضرر الذي سببته الحرب الكيماوية.
وتجدر الإشارة أن التجمع العالمي الأمازيغي كان قد بدأ الترافع على موضوع استعمال الغازات السامة في حرب الريف منذ سنة 2004، ووجه، في 12 فبراير 2015، رسالة إلى الملك الإسباني فيليب السادس حول الموضوع، وطالبه بتعويض ضحايا حرب الغازات السامة ضد الريف في عشرينيات القرن الماضي، والمساهمة في جبر الضرر الجماعي وأداء الدين التاريخي اتجاه سكان المنطقة نتيجة ما طالهم من أضرار خطيرة لا زالت مستمرة بسبب تفشي مرض السرطان بين الأبناء والأحفاد.
وفي رد رسمي وجهه ديوان الملك فيليب السادس، إلى التجمع العالمي الأمازيغي، أكد إحالة الرسالة على وزارة الخارجية والتعاون الإسبانية نظرا لكونها القطاع المؤهل من ناحية الاختصاصات لدراسة والرد على مضمون الرسالة.
وفيما يلي نص رسالة التجمع العالمي الأمازيغي لملك إسبانيا:
جلالة الملك،
هل تحتاج إلى تذكيركم بالمسؤولية المباشرة لجدكم الملك ألفونسو الثالث عشر في اتخاد قرار استخدام الأسلحة المذكورة أعلاه؟ إننا نعتقد أنه لا يمكنكم أن تبقوا غير مبالين بالظلم وانتهاك الحقوق الأساسية والأذى الذي يتعرض له المدنيين العزل.. كما نود أن نصدق أنه بإمكانكم، بدافع إنساني، العمل على إنصاف منطقة الريف الكبرى وسكانها وتعويضهم عن خسائر الحاضر والماضي المترتبة عن الحرب الكيميائية المذكورة آنفا. لقد تمكنت عدة شعوب من الحصول عل تعويض كجبر للضرر الذي طالها جراء الجرائم التي ارتكبت من طرف الاستعمار، وقد آن الأوان لكي يُنصف سكان الريف من خلال الحصول على تعويضات عن الجرائم التي ارتكبت ضدهم…
لذا، نطلب من جلالتكم التدخل بما لكم من سلطة معنوية وسياسية وذلك لحمل الدولة الاسبانية على:
1 – الاعتراف الرسمي بمسؤولية الدولة الاسبانية في الحملات الحربية ضد السكان المدنيين في الريف الكبير خلال سنوات 1921-1927.
2-تنظيم تظاهرات والقيام بأعمال وأشكال احتفالية للتصالح والتضامن مع الضحايا واحفادهم وكذا المجتمع الريفي، وذلك كشكل من اشكال التعبير عن الاعتذار من طرف الدولة الاسبانية لضحايا هذه الحرب.
3-تسهيل أعمال البحث والتحقيق التي يقوم بها المؤرخون وكل من يريد معرفة الحقائق التاريخية من خلال فتح الكريق امامهم للاطلاع على الأرشيفات العسكرية..
4- مراجعة وإعادة النظر في الشروح والمراجع والفصول المتعلقة بالحملة العسكرية التي شنتها الدولة الاسبانية على الريف والتي عمدت إلى إخفاء والتعتيم على استخدام الاسلحة الكيماوية و/أو المراوغة والالتفاف على الحقيقة التاريخية..
5- دعم الجمعيات الثقافية والعلمية الاسبانية والمغربية المهتمة بالعمل والبحث في مجال الآثار المترتبة عن استخدام الأسلحة الكيماوية بالريف الكبير..
6-أداء وتسوية التعويضات الاقتصادية ذات الطابع الفردي المتعينة في حال المطالبة بجبر الضرر.
7- المساهمة في جبر الضرر الجماعي وأداء الدين التاريخي تجاه سكان الريف.
8- تجهيز مستشفيات الريف وخاصة بالحسيمة والناضور بوحدات صحية مختصة في علاج الاورام السرطانية والتي تساهم في تقليص نسبة الامراض المسببة للسرطان..
جلالة الملك،
إذا كان لوالدكم الفضل في وضع اسبانيا على سكة الديمقراطية، فإننا نأمل أن يكون لكم فضل من سيعترف له التاريخ بكونه قائد مسلسل جبر الضرر الذي ألحقته اسبانيا بالريف وذلك من خلال استرداد هذا “الدين التاريخي” وتعويض الساكنة الريفية، وخاصة عبر/ ومع المجتمع المدني المهتم بهذا الملف..
وتقبلوا جلالة الملك، أسمى عبارات التقدير والاحترام..
أمضال أمازيغ: كمال الوسطاني