منذ فيضانات 2014، لم تعرف منطقة أدرار ما يكفي من التساقطات المطرية، مما أثر سلبا على الفرشة المائية للوديان الدائمة الجريان، وكذا المخزون المائي الاستراتيجي للساكنة من مطفيات خاصة وعمومية ، وبعض الأحواض والآبار ، مما تسبب في عجز مائي كبير على مستوى الاحتياط من المادة الأساسية والحيوية للحياة الا وهي الماء.
ورغم الانخراط المبكر للمجتمع المدني بالدعم والتعاون مع المجالس المنتخبة، وبعض سفارات الدول الخارجية، خاصة اليابان وبلجيكا ، وتمكين عدد من الدواويير والمداشر من الماء الصالح للشرب ، والربط الفردي، وتفعيل الدولة لمشروع محاربة الفقر والهشاشة والذي يستهدف كل سنة تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب عبر التزويد المباشر بالشاحنة الحاملة للصهاريج، خاصة المناطق التي لا تعرف مشاريع الربط بالماء الصالح للشرب، وتقدم أشغال المشروع الكبير لربط كل الجماعات الترابية للمنطقة الجبلية بالماء الصالح للشرب، الممول من طرف البنك الإسلامي.
يبقى تدبير الموارد المائية بالمنطقة الجبلية، أهم إجراء يضمن هذه الموارد، في إنتظار غيث من السماء يملأ الوديان والسدود، ويغذي الفرشة المائية، وبالعودة إلى العرف المحلي الأمازيغي، وما يحمله من قيم إنسانية وكونية، في تدبير الماء بالمجال البوري، والمسقي، وكيفية المحافظة على هذه الموارد، وتقنين استعمال الماء، وبناء المنشآت المائية، وتنقية الأحواض والابار.
والبداية يجب أن تكون في إعادة الحياة إلى المنشآت المائية، وإعادة الاعتبار لها، وصونها من الضياع والتلف، وتسويق هذا الموروث الذي كان نتيجة وإبداع الأجداد والأباء عبر خبرة من الحياة وعبر الممارسة، والتفاعل الإيجابي مع المناخ وتقلباته.
وأمام تواجد منظومة جمعوية لتدبير وتسيير مشاريع مائية بالمنطقة الجبلية، والتي تقدم خدمة جليلة للساكنة والمجال والوطن، ولضمان هذه الخدمة الإجتماعية، من الضروري اليوم، دعم هذه المشاريع، وتقوية قدرات الفاعلين في هذا الميدان، ومواكبة هذه المشاريع ، مع استحضار التضامن المجالي من أجل تمديد هذه المشاريع وفك عزلة العطش على أكبر عدد من الدواويير.
وهذا كله يتطلب تظافر الجهود، واعتبار مادة الماء أساس الحياة ، والمحافظة عليها ضمان الإستمرارية وسر الإستقرار.
وحتى لا ينضاف العطش إلى أسباب أخرى كانت وراء هجرة ساكنة أدرار، يجب ربح رهان تحدي أدرار بدون عطش مائي.