إلى المندوبية السامية للتخطيط… تصحيح مغالطة اللغة الأم المعتمدة في الإحصاء 2024 ومحاولة لاستيعاب المفهوم في السوق اللغوية المغربية

وديع سكوكو
وديع سكوكو

عُرف المغرب منذ القدم بتعدد اللغات المستعملة في مجموعة من السياقات المتباينة، والتي تحدد الوضعية السوسيولسانية لكل لغة، سواء أكانت لغة وطنية / رسمية أو أجنبية. وتمثل هاته اللغات في : اللغة الأمازيغية بتنوعاتها الجهوية، والدارجة المغربية بمتخلف تحققاتها، ثم اللغة العربية الفصحى، واللغة الفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية.

الحديث عن مفهوم اللغة الأم بالمغرب يتعلق باللغة الأمازيغية، والدارجة المغربية. لاعتبار أن المفهوم يرتكز على اللغة التي يكتسبها الفرد داخل جماعته اللغوية، التي تبتدأ بالأم، فالأسرة، ثم الجماعة التي يتنمي إليها، ويتقاسم معها عواطفه وأحاسيسه وهمومه.

بالتالي، فاللغة الأمازيغية بمختلف تنوعاتها اللهجية من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، تنسجم وجدانيا وعاطفيا وسوسيولسانيا مع التعريف الذي تتحدد به اللغة الأم. نفس الشيء ينطبق على الدارجة المغربية (التي تعتبر لغة مزدوجة، ببنية لسانية أمازيغية ومعجم أمازيغي – عربي – فرنسي)، هذه اللغة لا تختلف في تحديدها مع اللغة الأمازيغية، باعتبارها لغة يحتك بها الفرد مع أمه وأسرته منذ ولادته، ومع جماعته التي يتقاسم معها أفراحها وأحزانها.

تجدر الإشارة هنا، أن هنا بعض العائلات التي قد تكون ثنائية اللغة، إما أمازيغية – دارجة، أو أمازيغية – فرنسية، أو دارجة – فرنسية.

فيما يتعلق باللغة العربية الفصحى، وفي مقارنتها بتعريف اللغة الأم، وبالوضعية السوسيولسانية في السوق اللغوية المغربية، فيصعب اعتبارها لغة أم، لأنه ليس هناك أي فرد مغربي وجد نفسه في وسط تتحدث فيه أمه ووالده وإخوته بالعربية الفصحى، كما أن هذه اللغة لا يجدها في حياته اليومية التواصلية مع جماعته، بل هي لغة قراءة وكتابة في سياقات رسمية، ودينية، وتعليمية، وإعلامية، وإدارية على مستوى الوثائق (التي أصبحت تعتمد الدارجة المغربية في السياقات الشفهية)، فلم نصادف يوما شخصا في الشارع أو حتى داخل الإدارة وغيرها ونتبادل معه أطراف الحديث باللغة العربية الفصحى، لكن يمكن فعل ذلك باللغة الأمازيغية وبالدارجة المغربية…

هذا ليس تحاملا على اللغة العربية الفصحى، بل هي محاولة مبسطة لفهم مفهوم اللغة الأم في علاقته باللغات بالمغرب. وبه فاللغتين الأم اللتين يمكن الحديث عنهما في المغرب هما الأمازيغية والدارجة، وإهمال هذه الأخيرة على حساب العربية الفصحى، سيدفع بالتناقض اللغوي في الدفاع عن اللغة الأم “الشكلية” واللغة الأم الحقيقية حسب التعريف.

*أستاذ اللغة الأمازيغية بالمدرسة العليا للتربية والتكوين – برشيد.
جامعة الحسن الأول – سطات.

اقرأ أيضا

سعيد بنيس يقترح تصورا جديدا للجهوية المتقدمة في المغرب

هذا التصور يربط فيه الأستاذ بنيس بين التعددية اللغوية والثقافية وبين التنمية الترابية، ويتمثل هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *