بقلم: اسماعيل المالكي
منذ مدة طويلة والعلاقات المغربية الجزائرية تعيش أزمة كبيرة، وسيزداد منسوب التوتر مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو الأمر الذي أصاب النظام الجزائري بالسعار، حيث سخر كل الأساليب الممكنة لتشويه صورة المملكة لدى المنتظم الدولي، لكن هذا الشيء لم يتأتى له، ليصاب بجنون الأخبار المفبركة والكاذبة، في خرق سافر للمواثيق الدولية، ومبادئ احترام الجار.
فقد اعتاد النظام الجزائري أن يوجه أصابع الاتهام للمغرب كلما وقعت في مشكلة، وإن صح التعبير كلما افتعلة مشكلة وانقلبت عليه، وكان آخرها الحرائق التي شهدتها منطقة القبائل، والتي لم تستطع الجارة الشرقية السيطرة عليها، لعدم توفرها على المعدات اللازمة لذلك، فما كان من المغرب إلا مد يد المساعدة، بتسخيره لطائرتين من نوع “كنادير” لإخماد الحرائق، لكن اليد الممدودة قوبلت بالرفض، فماذا يمكن توقعه من نظام يتاجر في الكذب والبهتان، إلا التنكر ليد امتدت له منذ الاستعمار إلى الآن.
في وقت اشتدت فيه الحرائق في شمال الجزائر، ادعى النظام هناك أنه لا تريد أي دولة مساعدته، فكيف سنصف موقف المغرب إذاً؟، أليست تلك مساعدة، أم أن الحقد الدفين في صدورهم دفع بهم للتنكر لذلك، دائما ما كانت أيادي المملكة ممدودة لهم لطي صفحة الماضي والبدء من جديد، وهو ما أكد في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على العرش، الذي استبشر به الجميع خيرا، فما كان من النظام الجزائري إلا عدم الاستجابة لدعوة المملكة.
لازال نظام الجارة الشرقية يعيش في زمان القرون الوسطى، حيث بقي متشبثا بنفس السياسة التي كان عليها، فقد كان المغرب أول الداعمين لاستقلال الجزائر عن فرنسا، وقبل ذلك قدمت المملكة كل الدعم والعتاد للمقاومة الجزائرية لطرد المستعمر، كما خاضت المغرب في عهد السلطان المولى عبد الرحمان معركة اسلي ضد الفرنسيين، في ال4 من غشت سنة 1844، لطرد فرنسا من الجزائر، أعقبت المعركة توقيع معاهدة لآلة مغنية سنة 1845، بعد هزيمة الجيش المغربي، وكان بموجبها اقتطاع أراضي مغربية لصالح الجزائر، وفي هذه الفترة بالتحديد كان المغرب مستقلا.
كان المغرب دائما يأمل مد أواصر التقارب والأخوة بينه وبين الجزائر، لكن تعنت الجارة الشرقية يحيل دون ذلك، كان نظام الجنرالات يتهرب من ربط نفسه بقضية الصحراء المغربية، ويقول بأنه ليس طرفا مباشرا في الصراع الذي أفتعله بنفسه واعلن قيام جبهة مزعومة، لضرب مصالح المغرب والسعي وراء تقسيم المملكة، إلا أن العالم سيعرف أنها طرف رئيس في النزاع، مع الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء، وكذا بعد استقبال إسبانيا للزعيم الانفصالي بن بطوش وهو ما خلق أزمة دبلوماسية بين المغرب وإسبانيا.
فقد رفض نظام الجنرالات رجوع العلاقات المغربية الاسرائلية إلى طبيعتها، حيث اتهم المغرب بأنه يريد تقسيم المنطقة، وبيعها القضية الفلسطينية، فكلنا يعرف أن المملكة كانت ومازالت تساعد وتساند الفلسطينيين قولا وفعلا، ليس كما يفعل البعض شعارات رنانة لا أساس لها من الصحة، أليس من الأجدر أن يساعد هذا النظام الشعوب المستضعفة بدلا من تسليح جماعة موجودة على أراضيها؟، أم أنهم يقولون ما لا يفعلون؟
ففي الوقت الذي تواجه فيه المنطقة تحديات جمة، سواء في منطقة الساحل والصحراء، هناك تهديد الجماعات الإرهابية، وكذا التحديات المناخية، بالإضافة إلى الاتحاد المغاربي الذي فرمل نظام الجزائر تقدمه، فهي لا تهتم بهذه الأشياء همها الوحيد والأوحد هو المغرب، مسخرة كل إمكانياتها للمس بأمن وسلامة المملكة الشريفة، لكن المغرب دائما ما يرد بتعقل وتبصر، احتراما لأواصر الدم والقرابة بين الشعبين الشقيقين، فما تحققه المملكة من تقدم على مستوى جميع الأصعدة، يتسبب في السعار الكبير للجنرالات، الذين لا يهمهم شيء سوى وقف التقدم المغربي.
مالا يريد هذا النظام معرفته أن الدنيا تتقدم والدول تتقدم، إلا عقول الجنرالات ظلت حبيسة دهاليز القرون القديمة، تذكرت ذلك المثل الذي يقول: ” وريه وريه وإيلا عمى سير وخليه”، هذا هو حالهم، يتعامل المغرب بمنطق الأخوة، لكنهم لا يؤمنون بذلك.
تتهم الجزائر المغرب أنه يدعم حركة الماك التي تطالب بانفصال القبائل عن الجزائر، والجميع يعلم أن المملكة دائما ما تسعى لحفظ سلامة وأمن الجارة الشرقية، أليس من الأجدر أن المغرب من عليه أن يغضب وبشدة من دعم الجنرالات للجبهة الوهمية البوليزاريو منذ سبعينيات القرن الماضي إلى الآن، فلا يمكن أن تمر مناسبة دولية إلا وتذكر فيها الجزائر الجبهة المزعومة، حتى وإن كان موضوع الاجتماع حول الصحة أو بعيد كل البعد عن الأمن، لابد أن تذكر الانفصاليين.
فالأحداث الأخيرة التي عرفتها الجزائر من نقص المياه وكذا الحرائق، وجهت فيها أصابع الاتهام للمملكة، فكل الأحداث هناك سببها حسب الحكام هو المغرب، حيث صعدت الجزائر في توترها أو نقول ربما في انزعاجها ضد المغرب، وأعلن وزير خارجيتها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، هذا القرار الأحادي ما هو إلا نتيجة للهزائم المتتالية لهذا النظام أمام الدبلوماسية المغربية.
فالجنرالات لا يهمهم لا البوليزاريو ولا الشعب الجزائري، هم الوحيد خدمة مصالحهم فقط، كما يقول المثل: “أنا ومن بعدي الطوفان”، فماذا يمكن انتظاره من نظام يحكمه الشيوخ والعجائز، ففيهم يصدق قول: إن أكرمت الكريم…