وجه محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أخيرا، مراسلة إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تتضمن توجيهات لإعداد الخريطة التربوية للموسم الدراسي 2025-2026.
وتكمن أهمية هذه الوثيقة في أنها تدعو إلى مواصلة ورش تعميم تدريس الأمازيغية في التعليم الابتدائي، انسجاما مع المذكرة الوزارية رقم 028/23 الصادرة في ماي 2023، إلى جانب استكمال تعميم تدريس اللغة الانجليزية في التعليم الاعدادي،تنفيذا للمذكرة رقم030/23، الصادرة في السنة نفسها.
كما تتجلى أهمية الوثيقة، كذلك، في أنها تشكل أرضية لتحسين جودة التعليم من خلال معالجة بعض الاختلالات التي تعانيها منظومة التربية والتكوين، وعلى رأسها مشكل الاكتظاظ، وتعزيز جودة التعليم الأولي.
ورغم أن الوثيقة تكتسي أهمية بالنظر إلى أنها تسعى إلى تكريس مخطط النهوض بجودة التعليم، وتعزيز ورش تعميم تدريس الأمازيغية، إلا أن ما يلاحظ هو أنها غيبت اللغة الأمازيغية في التحرير وفي التواصل، إذ أنها صدرت باللغة العربية فقط، رغم أن اللغة الأمازيغية تعتبر لغة رسمية للبلاد بحكم وقوة الدستور الذي أقرها منذ ما يقرب من عقد ونصف، وكان الأجدر بالتالي أن تحرر المراسلة باللغتين الرسميتين للبلاد: العربية والأمازيغية.
إن تغييب الأمازيغية في المراسلات الوزارية والتواصل الداخلي والخارجي للإدارات والمؤسسات العمومية والقطاعات الحكومية ينم عن استمرار إقصاء الأمازيغية وتهميشها، وهو أمر يتضمن تداعيات سلبية، منها المزيد من التأخير في إدماج الأمازيغية في الحياة العامة، واستمرار هيمنة اللغة العربية، وهو ما يجعل عمليا من اللغة الأمازيغية لغة هامشية، وثانوية، بحيث لا يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة حتى ترقى إلى مستوى لغة رسمية.
إن هذا المشكل يفرض بذل المزيد من الجهود والسعي الجاد نحو تفعيل” المناصفة” بين اللغتين العربية والأمازيغية في الحياة العامة في سياق التنزيل السليم والحقيقي للمقتضى الدستوري والقانوني الذي أقر بالطابع الرسمي للأمازيغية.
إن المسار نحو الارتقاء باللغة الأمازيغية لتكون لغة رسمية للبلاد، لا يمكن أن يكون مضمونا وواضحا وشفافا ما لم يستحضر الجميع الأمازيغية في لغة التخاطب اليومي والرسمي داخل دواليب الدولة والإدارات والمؤسسات،وفي الحياة العامة بشكل عام.
ولا يمكن أن نتحدث عن الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية، في ظل عدم استعمالها في الإدارة والمؤسسات، مثل مؤسسة البرلمان ، التي ما تزال تهمين فيها اللغة العربية في كل المستويات ، بدءا من مراقبة العمل الحكومي، حيث تطرح الأسئلة الشفويةوالكتابية في أغلبيتها الساحقة باللغة العربية ، وحيث تستعمل العربية حصريا في اجتماعات اللجان، و في اللقاءات والندوات والأيام الدراسية..كما تحرر بلاغات المجلس باللغة العربية حصريا، وهو ما يكرس إقصاء الأمازيغية.
جمال بورفيسي