اكتشاف أثري نواحي الصويرة.. الأمازيغ القدماء كانوا يهتمون بعلم الفلك

اكتشف باحثون مغاربة نقوشا صخرية تعد الأولى من نوعها في إفريقيا والشرق الأوسط بمنطقة أورتي فلاح جنوب مدينة الصويرة في قرية اسمها “إدا أوكازو”، وهي تتحدث عن علم الفلك القديم، مما يدل على أن الأمازيغ القدماء بالمغرب كانوا يهتمون بعلم الفلك.

وبدأ فريق البحث المشرف على الاكتشاف في بداية هذه السنة إجراء تحاليل علمية على هذه الأحجار المنقوشة في مختبر البلورات والنيازك بجامعة ابن زهر بأكادير.

ونشرت نتائج الاكتشاف في المجلة العلمية العالمية لأخبار الشهب (Meteor News) التي تشرف عليها المنظمة العالمية للشهب في 18 نوفمبر 2018.

ويوضح قائد فريق البحث عبد الرحمن أبهي سياق هذا الاكتشاف في تصريح خاص “للجزيرة نت” قائلا إن “الاكتشاف جاء في إطار مؤتمر علمي حول الثقافة العلمية في المغرب الذي عقد بمدينة الصويرة أواخر عام 2017، وهناك عرض علي شيخ من سكان المناطق المجاورة للمدينة أن بحوزته صخورا منقوشة توحي بأن الحجارة تسقط من السماء، لكن لا يعرف على ماذا تدل”.

وتتكون هذه الأحجار من ثلاث صخور منقوشة أطلق عليها “Ida1″ و”Ida2″ و”Ida3” نسبة لاسم المنطقة التي اكتشفت فيها وهي منطقة “إدا أوكازو” (Ida Oukazzou) بمدينة الصويرة.

وتنتمي هذه الصخور إلى فئة الأحجار المنقوشة المتنقلة التي يمكن نقلها إلى مختبرات علمية لإجراء أبحاث علمية عليها وفق قانون وزارة الثقافة التي تعتبر هذا النوع من الأحجار بمثابة تراث لا يمكن بيعه ولا يسمح بالتصرف فيه أو تغيير أحد ملامحه.

ويتعلق الأمر بكل من أبهي قائد فريق البحث أستاذ علم النيازك بجامعة ابن زهر، وفؤاد خيري الباحث في مختبر البلورات والنيازك بجامعة ابن زهر، ولحسن أوكنين باحث بالدكتوراه في علم النيازك بجامعة ابن زهر، بالإضافة إلى المحفوظ أسمهاري الباحث بالمعهد الملكي للغة الأمازيغية بالرباط، وعبد الخالق لمجيدي عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية للنقوش الصخرية (غير حكومية).

وينسق فريق البحث بالمغرب مع المنظمة العالمية للشهب التي أوصت بالاهتمام بهذه النقوش الصخرية، وأكدت أن الأبحاث فيها سوف تستغرق أكثر من عشر سنوات لأنها تحتاج إلى دراسات عميقة ومتنوعة المجالات.

وقال أبهي المشرف على المتحف الجامعي للنيازك في أكادير “سنستعين بباحثين من تونس من أجل تحديد الزمن الجيولوجي لهذه النقوش الصخرية، لأننا لأول مرة نقوم بإنجاز بحث في مجال تحديد الزمن الجيولوجي للصخور من هذا النوع، وقد يتطلب الأمر الاشتغال مع باحثين إيطاليين وإسبانيين وباحثين من روسيا”.

وأضاف في لقاء مع “الجزيرة نت” “نحن الآن في إطار إجراء الاتصالات مع هؤلاء الباحثين لمعرفة من بإمكانه تقديم المساعدة، لكون هذه البحوث باهظة الثمن، ولذلك نبحث عمن يجري هذه التحاليل بثمن مناسب أو عن طريق شراكة علمية”.

ويوضح عبد الرحمن أبهي في حديثه للجزيرة نت أن “ما يبين الإضافة النوعية لهذا الاكتشاف أن المجال الذي يصنف فيه هو علم الأركيولوجيا، وهو غير موجود في الدول العربية والأفريقية”، معتبرا أن هذه الدراسة “ستكون بادرة خير وبمثابة اللبنة الأولى لترسيخ هذا العلم في الدول العربية وأفريقيا”.

وأضاف أنه إلى الآن ليست هناك أي ورقة علمية في هذا المجال “ولهذا نؤكد أن هذه الدراسة ستكون الأولى من نوعها، والمنظمة العالمية للشهب دعت الباحثين العرب إلى الالتفاف حول هذا العلم في الدول العربية والأفريقية”.

وأشار إلى أن لهذا الاكتشاف ميزة مهمة لأنه يجمع بين علم الفلك القديم لدى الإنسان القديم، وعلم الخطوط المرتبط بالأمازيغية (تيفناغ) بالكتابة القديمة للأمازيغ “وهذا ما يعطي لهذا الاكتشاف ميزة كبرى، ونحن في جامعة ابن زهر نسعى لتكوين فريق من الباحثين يهتم بهذا العلم”.

من جهته، أكد عبد المجيد مصدق نائب رئيس جامعة ابن زهر المكلف بالبحث العلمي في تصريح للجزيرة نت أن “البحث العلمي عندما يكون فيه عدد من الشركاء فإن قيمته العلمية تكون كبيرة، لأن النظرة الشمولية التي تخضع للفحص من طرف تخصصات متكاملة ومحددة تجعل الدراسة العلمية أكثر صوابا”.

وكشف أوكنين في حديثه هو الأخر مع “الجزيرة نت” تجليات القيمة العلمية لهذه النقوش قائلا “هذه الصخور توثق لسقوط نيزك، وهذا مؤشر يدل على وجود فوهة نيزكية بالقرب من مكان اكتشاف هذه الصخور المنقوشة”.

ويقول خيري إن أول هذه التحديات يتمثل في كون الصخور المكتشفة عددها ثلاثة، مما يطرح مشكلة تحديد مصدرها والعلاقة فيما بينها، ثانيا عدم وجودها بالعالم العربي والأفريقي، فهي غير مسبوقة، وهذا يطرح مشكلة تأريخها في غياب التأريخ النسبي لها، مما يضطرنا إلى الاعتماد على التأريخ المطلق، خصوصا بالنسبة للقشرة الكلسية التي تغطي هذه النقوش الصخرية، وثالثا هناك تحد متعلق بالكتابة الأمازيغية التي تظهر على سطح الصخرة “Ida3″، وهي حروف قديمة جدا لم تعد تستعمل حاليا.

ويضيف خيري أنه بالإضافة إلى ذلك “واجهنا مشكلة كبيرة وهي تكتم سكان المنطقة التي اكتشفنا فيها الصخور المنقوشة حول مصدرها، وهذا ما يجعلنا نحصل على المعلومات بصعوبة كبيرة”.

وجوابا على سؤال عن آفاق البحث في هذا الاكتشاف، قال أبهي “أولا يجب أن نقوم بإنشاء مختبر خاص بهذا النوع من البحث العلمي لأنه غير موجود بالمغرب، وسنحاول إنشاء فريق مغربي ومنه ننطلق في تأسيس شبكة عالمية تتضمن علماء من أوروبا ومن الدول العربية لنحاول التأكد هل هذه الصخور موجودة في العالم العربي والأفريقي، لأننا لحد الآن من خلال بحثنا لم نجد لها وجود فيهما”.

وأكد أنهم سيكثفون بحثهم مع شركاء لإجراء تحاليل خارج المغرب، وهي تحاليل دقيقة جدا، خاصة ما يتعلق بمعرفة عمر هذه الصخور التي ستعزز مجموعة مهمة من النيازك في المتحف الجامعي للنيازك الأول في الدول العربية وأفريقيا بمدينة أكادير.

وختم لمجيدي في حديثه للجزيرة نت بالقول “أردنا من خلال نشر خبر هذا الاكتشاف في المجلة العلمية العالمية للشهب تحفيز جميع التخصصات التي ترى أنها ممكن أن تدلي بدلوها في هذا المجال لتكوين فريق متعدد التخصصات للوقوف على نتيجة مهمة لهذا الاكتشاف، وبالتالي لا يجب أن تبقى هذه الصخور المنقوشة على الرفوف فقط”.

اقرأ أيضا

اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي

بمناسبة تخليد ذكرى عيد الاستقلال المجيد،وفي اطار برنامجها السنوي ،الجمعية المغربية للجيت سكي بأكادير المنضوية …

تعليق واحد

  1. جميل جدا، استاذ يحترم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *