الإسلام والعلمانية

بقلم: مصطفى مروان

في خضم الصراع الذي تعيشه المجتمعات ذات الغالبية المسلمة و من أجل رفع اللبس عن الاستعمال الكثيف للدين في السياسة، و هنا نحن لا نتحدث عن العلمانية كبديل للإسلام، و إنما عن العلمانية كبديل للممارسة السياسية ذات التوجه الديني، التي تجعل من الدين تجارة رابحة من جهة، والممارسة الدينية ذات البعد السياسي، التي تجعل من الدين حصان طروادة من أجل اعتلاء مناصب سياسية بلبوس دينية.

و هنا لابد من الإشارة إلى أنه ليس هناك تناقض بين العلمانية و الاسلام كما يروج لها البعض، فمن ناحية نجد المتشدد في تدينه يعتبرها كفرا و فجورا و السبب الذي أفضى إلى انحطاط و تدني بعض المجتمعات الإسلامية، و من ناحية أخرى نجد المعادي للتدين و للإسلام بصفة خاصة يعتبرها الحل السحري للتخلص من الاسلام و الانعتاق من الشعائر الدينية المناصرة لقيم التخلف و التقهقر حسب اعتقاده طبعا، وهذا افتراء و تغليط من هذا و ذاك، فالعلمانية تكفل للانسان المسلم كما لغير المسلم أن يمارس شعائره الدينية بكل حرية. و القول بان العلماني نقيض المسلم فهذا قول لا يستقيم و الفكر الحر و المنطق السليم، فمثلا انا مسلم ( الاسلام = ديانة، اي حق الانتماء إلى مجموعة دينية) علماني (العلمانية = نمط العيش + اسلوب في التفكير يخول لصاحبه احترام المختلف و الانتصار للقيم الإنسانية بكل حيادية)، فالعلمانية في مفهومها الخاص تعني فصل رجل الدين عن فعل السياسة، و ابعاد رجل السياسة عن استغلال الدين، فيكون بذلك احترام للمؤسسة الدينية بعدم تدينيس تشريعاتها، و تكون المؤسسة السياسية في مقابل الشعب قابلة للمساندة او المحاسبة حسب نوعية القرارات التي تتخذها بمعزل عن الدين الذي قد يجعل من عملها عملا مقدسا وبالتالي غير قابل للمحاسبة.

و من هنا يجد إقرار العلمانية كفهوم مرن قابل للتكييف مع النمط الثقافي و الاجتماعي للشعوب في دساتير الدول المدنية التي تريد رقي شعوبها و ازدهار أوطانها شرعيته بل و أولويته، حتى تحفظ للأماكن الدينية قدسيتها و تصان تعاليمها و يمنع عنها الساسة و ذوي الفكر التغليطي، في مقابل ربط الفعل السياسي بالمحاسبة و المساءلة الشعبية الصرفة بعيدا عن إخفاء سوء التدبير أو الفساد المستشري في أجهزة الدولة أو أي ممارسة أو فعل لا ديمقراطي يمكن أن يؤثر في مستقبل الأجيال القادمة وراء أقنعة دينية!

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *