الإعلان عن تأسيس فرقة ربيوز باند الموسيقية بالناظور: مصالحة مع ذاكرتنا الفنية واحتفاء بتراثنا اللامادي

تظل الموسيقى وجدان الشعوب ولغة لا تَبْلى على مر الأزمان والعصور، بها نعبر عن مقوماتنا الحضارية، وخصوصية فننا وغنائنا.

ولقد كانت الموسيقى الأمازيغية بالريف ولا زالت متميزة وحاملة لواء التجديد، ومرتبطة بشؤون وشجون الإنسان والوطن، وتعتبر الأغنية الأمازيغية الملتزمة خير ممثل لعمق ورقة هذه الموسيقى.

ففي سنوات السبعين من القرن الماضي ظهرت عدة فرق غنائية أمازيغية تشبثت بشكل كبير بالقضية والهوية الريفية والدفاع عن اللغة المحلية، وحققت تواصلا كبيرا مع جمهورها العريض سواء داخل الوطن أو خارجه، وستعرف بعض هذه الفرق فيما بعد تراجعا في أدائها وكذا اختفاء عن المشهد الفني وهذا راجع أساسا لمجموعة من الأسباب الذاتية والموضوعية المرتبطة بصعوبة المرحلة آنذاك، لكن ربرتوارها الغنائي بقي حيا وخالدا في الذاكرة الجماعية الريفية والمغربية.

وفي هذا الإطار قامت مؤسسة مغاربة العالم، بمناسبة اليوم العالمي للموسيقي، وبعد توقف للأنشطة الفنية بسبب جائحة كورونا، جاء الإعلان عن تأسيس فرقة موسيقية موسومة ب (ربيوز باند (REBYUZ BAND، وبشعار “الموسيقى فن وحضارة”، وذلك يوم الأحد 04 يوليوز 2021 بقاعة نادي المحامين بالناظور، وفي هذا الحفل التأسيسي كان بتسير الفاعل الجمعوي المقتدر السيد سفيان مقدم وبعدها تناول الكلمة بداية الدكتور جمال الدين الخضيري مهنئا الفرقة وكل المساهمين على إخراجها إلى حيز الوجود رغم الإكراهات المادية والمعنوية التي يعرفها الحقل الفني عموما بالمنطقة، مبينا الدور الذي قامت بها الفرق الموسيقية الملتزمة بالريف وتعلق الناس بها، ومن جهته تناول الكلمة الأستاذ حميد قيشوح كاشفا عن أهمية الفنون والموسيقى في القوانين التنظيمية المغربية، وكذا خصوصية الأشعار والأغاني الأمازيغية وارتباطها بكينونة الإنسان في المنطقة، وفي المقابل تسلم الكلمة الفنان فهد بوتكونتار المعروف ب(سيفاكس) القائد ومؤسس الفرقة مرحبا بالجمهور وبأعضاء الفرقة، ومشيرا إلى الجهود المبذولة منذ مدة لإنجاح هذا المشروع الواعد، وكاشفا عن الخطوط العريضة لتوجهات الفرقة مناشدا الجميع مساندتها والدفع بها قدما نحو الأمام. وبعد ذلك انخرطت الفرقة في تقديم معزوفات وأغاني خالدة عالقة بوجدان وعقل الريفيين، وهو ما تجاوب معه الحاضرون بحرارة وتأثر. والحقيقة أن هذه المبادرة مهمة ورائدة، تتوخي الربط بين الماضي والحاضر، وتتولى إحياء التراث الأمازيغي الغنائي، وإعادة إنتاج وتوزيع مجموعة من الأغاني الأمازيغية الملتزمة في قوالب جديدة وبآلات موسيقية حديثة، وذلك صيانة لها من الضياع والاندثار، واستجابة لذائقة المتلقي المعاصر. وتحتوي فرقة ربيوز باند على أسماء فنية وازنة معروفة بإنتاجاتها المتميزة في مجال الغناء الملتزم من مثل: حسن أكراو، زوهير الصقلي، نوري حميدي، عماد العمراني، محمد الوفريني، فهد بوتكونتار (سيفاكس)، فرغم أنها أسماء معروفة حققت شهرة كبيرة، وتراكما فنيا، وبإمكانها أن تشتغل بشكل منفرد، إلا أنها آثرت أن تتجه إلى العمل الجماعي، في صيغة فرقة موسعة ومنسجمة، وهذا النوع من الحس التنظيمي الجماعي المعروف بتظافر الجهود وتنوع الأدوار، من صميم العمل الأمازيغي قديما في مجالات مختلفة، وهو ما يعرف ب(تويزا)، فلا بأس أن ينتقل إلى المجال الفني والإبداعي، لا سيما وأن فرقا غنائية أمازيغية مشهورة سلكت هذا الاتجاه، إذْ كانت تؤلف أغانيها وتلحنها وتؤديها بطريقة جماعية، مما أعطى لها جودة ومصداقية كبيرتين. وتجدر الإشارة إلى أن فرقة (ربيوز باند) عازمة على استقطاب طاقات جديدة وفتح المجال لكل من بمقدوره أن يساهم في الرفع من مستوى الأغنية الأمازيغية الملتزمة بالريف شكلا ومضمونا، كما أن الفرقة تعد جمهورها بقفزة نوعية في مجال تداول وإنتاج الفن الموسيقي بالريف، والانفتاح على قضاياه المصيرية والتعبير عن أماله وآلامه، والسعي نحو توجيهه الوجهة الصحيحة والراقية، وذلك بتنظيم لقاءات وورشات وسهرات، وفق أنشطة وبرامج ستُسطّر لاحقا حسب إمكانات الفرقة.

اسم ربيوز “البُزَاة” الذي اختارته الفرقة، وهو اسم دال وذو حمولة مكثفة في الثقافة الأمازيغية، وهو كناية عن العزة والمناعة والتحليق في الأعالي، لا شك أن قوة هذا الاسم ورمزيته سيطغى على طبيعة الأغاني وتوجهاتها ونمط الموسيقى المقدمة التي ستظل مرفرفة في السماء تتاخم النجوم وتضيء كالقمر لكنها تلامس حنايا القلب والفؤاد بجماليتها ورسالتها الهادفة.

شاهد أيضاً

أكادير تحتضن الملتقى الأول لتجار المواد الغذائية

تحتضن مدينة أكادير من 24 الى 26 يوليوز الجاري الملتقى الأول لجمعية تمونت لتجار المواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *