“التجمع العالمي الأمازيغي” يراسل الرئيس التونسي لتغيير اسم “اتحاد المغرب العربي”

وضع رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا بمقر ما يسمى “الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي” بالعاصمة الرباط، رسالة موجهة إلى الرئيس التونسي، قيس سعيد، يطالب من خلالها بتغيير هذا “المصطلح العرقي” إلى اتحاد المغرب الكبير الذي يحترم الخصوصية الثقافية والهوياتية لبلدان شمال إفريقيا. 

وبعد أن هنأ رئيس الهيئة الأمازيغية، الأمين العام الجديد، أوضح في رسالته أن “مقر الاتحاد موجود في الرباط، عاصمة المملكة المغربية، ويخضع تلقائيًا للقانون المغربي، أطلب منكم بإسداء النصح لممثلكم الدبلوماسي لمواءمة تسمية الاتحاد مع القانون الأسمى للمملكة، الذي استبدل في ديباجته مصطلح “المغرب العربي” بمصطلح “المغرب الكبير”.

واعتبر الراخا أن هذا “المصطلح هو أكثر تعبيرا عن التكامل والوحدة وأكثر احتراماً لهوية شعوبنا المتعددة، خاصة بعد الاعتراف باللغة والهوية الأمازيغية الأصلية في الدستور المغربي الصادر يوم فاتح يوليو 2011 وفي الدستور الجزائري المعدل سنة 2016، في انتظار أن تحذو بلادكم، وموريتانيا وليبيا حذو المغرب والجزائر، وتقوم بدورها برفع هذا الظلم والتصالح مع التاريخ العظيم لهذه الأرض المضيافة الممتدة من جزر الكناري إلى البحر الأحمر!”

فيما يلي نص الرسالة:

 

إلى السيد قيس سعيد،

 رئيس الجمهورية التونسية

الموضوع: رسالة تهنئة بمناسبة تعيين الأمين العام الجديد “لاتحاد المغرب العربي” (UMA) وطلب تغيير تسميته إلى “اتحاد المغرب الكبير”

السيد الرئيس،

بادئ ذي بدء، نود أن نهنئكم بمناسبة تعيين الدبلوماسي طارق بن سالم أميناً عاماً جديداً “لاتحاد المغرب العربي” (UMA) لمدة ثلاث سنوات، وذلك اعتباراً من الأول من يونيو 2024.

ونود أن نعرب لكم عن أسفنا لأن هذا التعيين لا يثير أي أمل لدى شعوب شمال إفريقيا، والتي تُسمى باللغة الأفرو-أمازيغية الأصلية “تمازغا”، كما لن ينجُم عن ذلك أي إنتعاش للعلاقات بين الدول الأعضاء الخمس. إن هذا الاتحاد الميت محكوم عليه بالبقاء كقوقعة فارغة منذ تأسيسه في مراكش (عاصمة الإمبراطورية الأمازيغية الموحدية التي حكمت من موريتانيا إلى ليبيا) في 17 فبراير 1989، طالما لم يعمل على مواجهة التحديات الحقيقية لشعوب شمال إفريقيا، ولا يتوافق مع هويتها الحقيقية ويصحح تاريخها المغتصب.

وبما أن مقر الاتحاد موجود في الرباط، عاصمة المملكة المغربية، ويخضع تلقائيًا للقانون المغربي، أطلب منكم بإسداء النصح لممثلكم الدبلوماسي لمواءمة تسمية الاتحاد مع القانون الأسمى للمملكة، الذي استبدل في ديباجته مصطلح “المغرب العربي” بمصطلح “المغرب الكبير“. وهو مصطلح أكثر تعبيرا عن التكامل والوحدة وأكثر احتراماً لهوية شعوبنا المتعددة، خاصة بعد الاعتراف باللغة والهوية الأمازيغية الأصلية في الدستور المغربي الصادر يوم فاتح يوليو 2011 وفي الدستور الجزائري المعدل سنة 2016، في انتظار أن تحذو بلادكم، وموريتانيا وليبيا حذو المغرب والجزائر، وتقوم بدورها برفع هذا الظلم والتصالح مع التاريخ العظيم لهذه الأرض المضيافة الممتدة من جزر الكناري إلى البحر الأحمر!

السيد الرئيس،

كما سبق أن أشرت إلى ذلك، في رسالة لوزراء خارجية دولنا الشمال-إفريقية[1]، يجب علينا جميعاً التفكير جدياً في إعادة بناء اتحادنا المغاربي على أسس جديدة، أكثر واقعية وبراغماتية، وذلك في توافق مع قيمنا، باستلهام الرؤية الأفريقية والأمازيغية، والقطع بكل شجاعة مع الاعتبارات الأيديولوجية العربية-الإسلامية البالية التي كان المفكر الجزائري الراحل محمد أركون لا يكف عن انتقادها[2]. اتحاد جهوي جديد على غرار الاتحاد الأوروبي، يستند إلى التاريخ العريق لهذه القارة ويستمد أصوله من الحضارة الأمازيغية. اتحاد يعاد بناؤه في احترام تام لمضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948، وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية الصادر في 13 سبتمبر 2007. اتحاد يجعل من أولوياته الدفاع عن حقوق المرأة، ومكافحة جميع أشكال التمييز، واحترام التنوع الإثني واللغوي، وتعدد المعتقدات الدينية والتعددية السياسية.

ولم لا، اتحاد يرفع قيم الإنسانية والمبادئ الديمقراطية على غرار الأوروبيين. إذا كان هؤلاء يفتخرون بأن أصل الديمقراطية يعود إلى إنشاء مدينة أثينا اليونانية حوالي 800 قبل الميلاد، فنحن كشمال-أفارقة يجب أن نفتخر بأجدادنا الأمازيغ في تونس الذين كان لهم الفضل في اختراع مفهوم “الديمقراطية” بإنشاء “الأڭورا” (أڭراو باللغة الأمازيغية) في مدينة قرطاج تحت حكم الملكة “أليسا ديدون”، مؤسسة الحضارة القرطاجية، وذلك أربعة عشر عاماً قبل تشييد أثينا، في 814 قبل الميلاد.

الاتحاد الجهوي لشمال إفريقيا يجب أن يراهن على إنشاء نظام سياسي فيدرالي، في توافق مع مشروعنا السياسي الطموح “بيان تامازغا” القائم على حق الجهات في الحكم الذاتي[3]، المستوحى من مؤسساتنا المحلية السوسيو-اجتماعية القديمة المتعلقة بالكونفدراليات القبلية. نظام فيدرالي من شأنه أن يحل نهائياً قضية الصحراء المغربية الغربية، والتطلعات الانفصالية في منطقة القبائل، ويضع فضلا عن ذلك حداً للحرب الأهلية والصراعات القبلية في ليبيا.

السيد الرئيس،

نأمل أن تشاطرونا الرأي بأن إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، وحتى القوى الاستعمارية الأوروبية السابقة (فرنسا، وإسبانيا وإيطاليا) ليست هي التي تعرقل انبثاق هذا الاتحاد المأمول لدولنا منذ معاهدة مراكش عام 1989، والتي تمنعها من تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية المهمة، ولضمان الرفاه الاجتماعي والسلام لجميع شعوب تامازغا. والحقيقة أن من يصر على إعاقة هذا التكامل الإقليمي “للمغرب الكبير” هم الجنرالات الجزائريون، الذين حاولوا حشركم في مغامرة سيئة لاتحاد ثلاثي مناوئ للمغرب!

لا بد أن نتذكر أن بلدكم، تونس، كان أول دولة جنوب البحر الأبيض المتوسط وقعت اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995، تلاها بعد ذلك كل من المغرب والجزائر، والتي تنص على : “تشجيع التكامل المغاربي من خلال تعزيز التبادل والتعاون داخل الكتلة المغاربية وبينها وبين الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء“[4].

ورغم هذه الاتفاقية، المندرجة في إطار مسلسل برشلونة الأورو-متوسطي الذي انطلق في عام 1995، فإن التكامل المغاربي يواجه العديد من العراقيل بسبب هؤلاء الجنرالات الجزائريين الفاسدين، الذين يتشبثون بقوة بالأيديولوجية العربية-الإسلامية المتجاوزة، ويصرون على إنشاء دويلة انفصالية صغيرة “عربية” في الصحراء المغربية، لا لشيء سوى لمواصلة “حربهم القذرة” ضد المغاربة، الذين يعتبرونهم أمازيغاً، منذ هزيمتهم في حرب الرمال عام 1963[5]. ولتأبيد بقائهم في السلطة، لجأ الجنرالات الجزائريون إلى فزاعة العدو الخارجي (المغربي) والعدو الداخلي، المتمثل في أمازيغ منطقة القبائل، والمزاب وغيرها من الساكنة الناطقة بالأمازيغية!

السيد الرئيس،

وإذ نتذكر المقولة المشهورة للزعيم الأمازيغي الأفريقي ماسينيسا “إفريقيا للأفارقة”، فإننا نطلب منكم الاعتراف بالأصول الأفريقية والأمازيغية لتونس بكل السبل، ليس لأننا أمازيغ، بل لأن ذلك يصب في المصلحة العليا لتونس التي ستكون وفية لتاريخها، لحضارتها وهويتها السيادية، رغم اننا نشعر بخيبة أمل من دستور ما بعد الثورة، الذي يعتبر تونس بلداً “عربياً”، رغم أن غالبية التونسيين هم في النهاية أمازيغ معربين، وضمنهم أقلية تحدت الفاتحين “العرب” وما زالت تحتفظ بلغتها الأمازيغية العريقة في الجنوب.

ليكن في علمكم أن تسمية “المغرب العربي”، منذ سقوط جدار برلين والثورات الديمقراطية لربيع الشعوب (المسمى خطأ “الربيع العربي”)، التي بدأت بثورة الياسمين في 17 ديسمبر 2010، تجرح كثيرا شعور وهوية وكبرياء وعزة ملايين المواطنين الأصليين في شمال إفريقيا، كما لا يوجد أي مانع لاستبداله بمصطلح “المغرب الكبير”. يجب أن ندرك أن الاكتشافات الأثرية الحديثة ومعطيات الأنثروبولوجيا الجينية تؤكد أن شمال إفريقيا ليس عربية على الإطلاق. بل يجب أن نفتخر بأن قارتنا تحمل اسما أمازيغيا، “إفريقيا”، والذي كان يُطلق على بلدكم تونس قبل غزو الفينيقيين، والرومان، والوندال، والعرب، والعثمانيين والأوروبيين. إن نتائج الحفريات الأثرية التي قام بها الأستاذ عبد الواحد بن نصر والأستاذ جان جاك يوبلان من معهد ماكس بلانك للأنتربولوجيا المتطورة بألمانيا، حول جمجمة “أدرار إيغود” (باللغة العربية جبل إيغود)، والتي تم الكشف عنها في عام 2017، أكدت اليوم أن “إنسان أدرار إيغود” هو أقدم سلف للإنسان العاقل، والذي يرجع تاريخه إلى حوالي 315 ألف سنة قبل الحاضر. إن تامازغا الآن تُعتبر مهد الإنسانية[6]  وهي أصل جميع الشعوب البشرية، سواء كانوا عرباً، أو إيرانيين، أو أتراك، أو هنودا، أو صينيين أو بقية الشعوب الآسيوية، والأوروبية، والأمريكية، والأسترالية والأفريقية! ومن بين الشعوب الأفريقية بالطبع، يوجد الأمازيغ “الأحرار” في جميع دول شمال إفريقيا، سواء كانوا ناطقين بالأمازيغية أو بالعربية، والذين ينحدرون من سلفهم المشترك ألا وهو “إنسان قفصة”، الذي عاش في جنوب تونس بين 10,000 و 7,000 سنة، والذي كان أصل “الحضارة القبصية”[7].

السيد الرئيس،

وفي الأخير، فإننا ندعو روح الانفتاح لديكم، وحس المسؤولية وواجبكم التاريخي من اجل توظيف كل ما تتمتعون به من تأثير ودبلوماسية لإقناع “الجنرالات الجزائريين” وبقية قادة دول تامازغا للتصالح مع تاريخنا المشترك العريق. وباقتباس عبارات لجلالة الملك محمد السادس، بعد إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية بالمغرب في 3 مايو 2023، يمكننا التأكيد بكل وضوح على ان :”الأمازيغية مكون رئيسي للهوية المغاربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربيين بدون استثناء “.

وتفضلوا السيد الرئيس، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.

رشيد را خا

رئيس التجمع العالمي الامازيغي

 إحالات:

[1]- https://amadalamazigh.press.ma/%d9%81%d9%8a-%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%88%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a7%d8%ae%d8%a7-%d9%8a%d8%b7%d8%a7/

[2]- www.youtube.com/watch?v=M5IV6Y3S05g

[3]- https://amamazigh.org/wp-content/uploads/2018/10/AMA_MANIFESTE-DE-TAMAZGHA_5-langues.pdf

[4]- https://amadalamazigh.press.ma/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%BA%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A7%D9%84/

[5]- https://amadalamazigh.press.ma/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ac%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%a7%d8%b2%d9%8a%d8%ba%d9%8a-%d9%8a%d8%b7%d9%84%d8%a8-%d9%85%d8%b3%d8%a7%d8%b9%d8%af%d8%a9/

[6]- https://amadalamazigh.press.ma/pdf/Origines.pdf

[7]- https://www.jeuneafrique.com/1535233/politique/avec-la-civilisation-capsienne-la-tunisie-se-penche-sur-son-passe-prehistorique/

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *