استمرّ التظاهر ضد نظام عبد العزيز بوتفلقية بالجزائر، وتشهد ساحة البريد المركزي وسط العاصمة وعدد من الولايات الجزائرية، منذ الساعات المبكرة من صباح الجمعة السادسة، تجمع الآلاف الجزائريين المطالبين برحيل النظام الجزائري بأكمله،
ورفع المتظاهرون في بداية التجمع شعارات “جيش شعب خاوة.. خاوة”، وذلك في سياق تتباين فيه المواقف بشأن دعوة قائد أركان الجيش الفريق قايد صالح لتفعيل المادة 102 من الدستور، التي تنص على إثبات المانع الصحي للرئيس، وإعلان شغور المنصب.
كما رفع المتظاهرون شعارات مطالبة برحيل ‘كافة رموز النظام عن الحكم’، وردد محتجون “صامدون للنظام رافضون”.
وقال الناشط السياسي ضمن الحراك الشعبي، سمير بن العربي لـ”أصوات مغاربية”، إن رحيل النظام، هو الشعار الوحيد الذي سيغلب على مسيرات اليوم.
وكان رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح دعا الثلاثاء إلى تفعيل إجراء دستوري لتنحية بوتفليقة من السُلطة، وسرعان ما انضمّ إليه المسؤولون الذين لطالما تحمّسوا لبقاء رئيس الدولة في الحكم.
وجاء دور حزب التجمّع الوطني الديموقراطي، إحدى ركائز التحالف الرئاسي الحاكم، للتخلّي عن بوتفليقة، من خلال طلب استقالته الذي أطلقه أمينه العام أحمد أويحيى ورئيس الوزراء المُقال قبل أسبوعين.
وحتّى الأمين العام للاتّحاد العام للعمّال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، أحد أكثر المادحين للرئيس والداعين إلى استمراره في الحكم رغم مرضه، أعلن أنّه يدعم اقتراح الجيش بتنحيته.
وأعلن رئيس منتدى رجال الأعمال في الجزائر علي حداد، المعروف بقربه من بوتفليقة، استقالته مساء الخميس من منصبه.
وكتب موقع “كلّ شيء عن الجزائر” الإخباري الخميس، أنّ أولئك الذين “أيّدوه في جميع قراراته وأشادوا بكل أقواله (…) هم أيضًا أوّل من طعنه في الظهر: وحتى قبل أن يسقط بوتفليقة بالكامل، اندفعوا لتسريع سقوطه، دون حياء”، مندّدين بـ”النظام البشع”.
وما زال حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه بوتفليقة وصاحب الأغلبية في البرلمان، الوحيد الذي لم يعلن تخلّيه عن الرئيس، لكنّ أصوات المنشقين أصبحت مسموعة أكثر فأكثر.
وكما كتب الصحافي مصطفى حموش الخميس في تعليق له في صحيفة “ليبرتي”، فإنّ “السلطة هي التي تخلق الداعمين لها وليس الداعمون من يعطون السلطة”.
وكتبت صحيفة يوميّة “المجاهد” الحكومية الخميس، أنّ رحيل بوتفليقة “هو الآن بين أيدي المجلس الدستوري، وهو الهيئة الوحيدة لتفعيل” الإجراء الذي اقترحه الفريق قايد صالح لإعلان “ثبوت المانع بسبب المرض الخطير والمزمن” إلا إذا قرّر الرئيس الاستقالة.
وبعد 48 ساعة من إعلان رئيس الأركان، ما زال بوتفليقة رئيسًا للجمهورية. وأشارت افتتاحية صحيفة “ليبرتي” إلى أنّ “حكم بوتفليقة يحتضر حتّى وإن حاول فريقه المقاومة”.
وبحسب صحيفة الخبر الصادرة الخميس، فإنّ “ميزان الحرارة الحقيقي” لقياس “التطورات المستقبلية هو الحراك الشعبي نفسه. وفي حال بقي متمسّكًا بمطالبه الأخيرة في تغيير المنظومة، سيفرض على الجميع، جيشًا وسياسيين، مواكبته”.
وتابعت الصحيفة “ستكون الجمعة المقبلة فرصة لاكتشاف التوجّه الشعبي العام من تطبيق المادة 102 وما إذا كانت هذه الدعوة قد أحدثت شرخًا حقيقيًا في الحراك أو لا”.
ورفضت وجوه عدّة بارزة في الحراك الشعبي، مثل المحامي مصطفى بوشاشي، وكذلك الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، تفعيل المادة 102 كما اقترح رئيس الأركان، وهي التي تنص على حالات الوفاة والمرض الخطير والاستقالة.
وأوضحت رابطة حقوق الانسان أنّ الآجال جدّ قصيرة لضمان تنظيم انتخابات رئاسيّة حرّة ونزيهة، مندّدة بـ”حيلة أخرى” من السلطة “للابقاء على النظام الذي رفضه الشعب”.
وندّدت صحيفة الوطن من جهتها بـ”الفخ الكبير”، وحذّرت من “تصديق أنّ وجوه الماضي ستتبنّى آمال المستقبل”.
وأشارت صحيفة ليبرتي إلى أنّ “النظام أصبح مع رحيل بوتفليقة، لكنّ الشعب مع رحيل النظام”.