خرج آلاف المواطنين الجزائريين بولاية تيزي وزو صبيحة أمس السبت 20 أبريل، للمشاركة في مسيرة سلمية، شارك فيها ممثلو المجتمع المدني، أحزاب سياسية، مواطنون، جمعيات وغيرهم لتجديد مطلب مصالحة الجزائر مع تاريخها وهويتها، استجابة لنداء الذاكرة من أجل إحياء “تافسوث إيمازيغن 1980″، الذكرى الـ 39 للربيع الأمازيغي.
وانطلقت المسيرة، حسب ما أوردته المساء الجزائرية، من جامعة مولود معمري في حدود العاشرة والنصف صباحا، حيث انقسمت إلى مجموعات، تحمل كل مجموعة شعارات داعية لترقية الأمازيغية وتخليد ذكرى من سقطوا من أجل الجزائر بدءا من الثورة التحريرية، إلى غاية النضال من أجل الأمازيغية، والعشرية السوداء وكذا الربيع الأمازيغي، منها «ثمازيغث ثلا آسا ثلا آزكا»، «الأمازيغية لغتنا والجزائر وطننا»، «ضرورة مصالحة الجزائر مع تاريخيها وهويتها».. كما حمل المتظاهرون صور لضحايا الربيع الأسود، حيث جدد سكان تيزي وزو الموعد لتنظيم مسيرة إحياء لتاريخ 20 أبريل 1980 الرمز في وقفة ترحم واستذكار.
وسار المتظاهرون الذين قدموا من مختلف قرى وبلديات تيزي وزو للمشاركة في إحياء هذا التاريخ الرمز ولم تتسع لهم شوارع «الإخوة أوعران» وشارع لعمالي عبر شارع عبان رمضان إلى غاية ساحة الزيتونة، مخلدين ذكرى الرجال والنساء الذين ماتوا من أجل ترقية الأمازيغية، التي كانت مبدأ نضال من جيل إلى آخر، مؤكدين أن أفريل 1980 يواصل هيكلة النضال السياسي ليس فقط حول مسائل خاصة وإنما من أجل مجتمع متحرر من التقليد الأعمى، ليتفرق المتظاهرون فيما بعد من دون تسجيل أية حوادث تذكر.
وذكرت “المساء” أن قوات الأمن الجزائرية تدخلت قبل بداية المسيرة لمنع أنصار الحركة الانفصالية من المشاركة في المسيرة، ليتم التراجع في نهاية الأمر بعدما تبين أن المسيرة شعبية ليست من تنظيم «الماك»، وقد التحق أنصار «الماك «الذين كانوا في بداية الأمر في مقدمة المسيرة ليجدوا أنفسهم فيما بعد في الخلف، وحاولوا الاختلاط مع المتظاهرين، لكن سرعان ما انقسمت المسيرة إلى مسيرتين، وظهر ذلك جليا في المطالب المرفوعة والمسموعة في كلتا المسيرتين.
هذا، وانطلقت، السبت 20 أبريل، مسيرات عبر عدّة ولايات بالجزائر، إحياء لذكرى المزدوجة لأحداث “الربيع الأمازيغي” (1980) و”الربيع الأسود” (2001)، المتزامنة مع الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ 22 فبراير الماضي تحت شعار “جزائر حرة ديمقراطية”.
وذكر موقع “ TSA عربي” أنه “من ساحة البريد المركزي التي باتت تسمى “بقصر الشعب”، إلى بجاية وتيزي وزو والبويرة .. خرج مئات المواطنين موشحين بالأعلام الوطنية والرايات الأمازيغية مستذكرين عبر شعاراتهم وهتافاتهم بأحداث الربيع الامازيغي التي شهدتها منطقة القبائل عندما منعت السلطات الجزائرية في 20 أبريل 1980، الكاتب مولود معمري، من إلقاء محاضرة في جامعة “تيزي وزو”، متسببة في استفزاز سكان المنطقة الذين خرجوا في مظاهرات اتبعت بإضراب انته بسقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى في منطقة القبائل.
ولم ينسى المتظاهرون ضحايا “الربيع الأسود” وشّح منطقة القبائل يوم 20 أبريل من العام 2001، بعدما خرج المئات من شباب وقتها إلى الشوارع فيما سمي بـ”خريف الغضب” لعام 1988، ليكون رد السلطة وقتها قتل 126 شاب.
الرايات الامازيغية تأخذ مكانها وسط الحراك
أحداث أعادها الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر منذ 22 فبراير بلون وطعم جديدين، يفوح بعبق النضال المتجدّد من مسيرات الكرامة والحرية والاعتراف بالهوية الأمازيغية يقول موقع “ TSA عربي” ” إلى مسيرة إسقاط النظام الفاسد واسترجاع الجزائر من قبضة العصابة. وفيما عادت الراية الامازيغية التي ظلت ممنوعة لزمن طويل من الشوارع الجزائرية لتأخذ مكانها في قلب الحراك. ظل الشارع وفيا لمطالب ضحايا ومناضلي “الربيع الأمازيغي” الذي يعود إلى 39 عاما، والتي تتخذ من الحرية والديمقراطية والسليمة مبادئ لا حياد عنها في “ثورتها البيضاء” من اجل جزائر حرة تأخذ سيادتها من إرادة الشعب”. وفق ما جاء في ذات المصدر
وشهدت باقي مدن وولايات الجزائر، مظاهرات حاشدة شارك فيها الآلاف من الجزائريين، تخليدا لذكرى الربيع الامازيغي، أو “تافسوت ن ئمازيغن”.
وانطلق “الربيع الأمازيغي” يوم 10 مارس 1980، حينما كان الكاتب الدكتور مولود معمري، يستعد لإلقاء محاضرة حول الشعر الأمازيغي بجامعة تيزي وزو، إلا أن السلطات الجزائرية رفضت الترخيص لتنظيم المحاضرة من دون تقديم تبريرات، وفي صباح اليوم الموالي، خرج الآلاف إلى شوارع تيزي وزو وحتى في الجزائر العاصمة، يندّدون بالمنع الذي طال محاضرة مولود معمري، وجابت مسيرة غاضبة تيزي وزو، كما شل إضراب عام منطقة القبائل، وفي تيزي وزو أغلقت جميع المدارس التي تُدرس بالعربية، وأتلفت لوحات الإشارات والإعلانات المكتوبة بالعربية، ممّا دفع بالعسكر الجزائري إلى عزل المدينة عن العالم، وارتكاب جريمة بشعة في حق المحتجين الأمازيغ، بلغت أكثر من 120 قتيلا وخمسة آلاف جريح.
وكانت مظاهرات الأمازيغ بتيزي وزو والجزائر العاصمة وإضراب القبائل.. أول مظاهرات غاضبة احتجاجية شعبية تعرفها الجزائر منذ الاستقلال، ومع الدخول المدرسي لسنة 1981، استطاعت الحركة الأمازيغية بالجزائر، إنشاء هيئات ثقافية أمازيغية في كل الجامعات المتواجدة في وسط الجزائر، كما استطاع الطلاب الأمازيغ تنظيم أنشطة ثقافية وندوات ولقاءات حول القضية الأمازيغية، وفي نفس السنة عرفت مدينة بجاية المجاورة لمنطقة تيزي وزو تنظيم احتجاجات أمازيغية شارك فيها الآلاف من أبناء المدينة والمناطق المجاورة احتجاجا عن تراجع السلطات الجزائرية عن إقامة جامعة في المدينة .
وفي سنة 2001، استعد النشطاء الأمازيغ بمختلف مناطق الجزائر لإحياء ذكرى الربيع الأمازيغي، إلا أن السلطات الجزائرية كان لها رأي مخالف، إذ عمدت إلى نسف التظاهرات والاحتجاجات الأمازيغية بقوة وعنف مفرط، استعملت معه الغاز المسيل للدموع والأسلحة النارية، راح ضحيتها الطالب الأمازيغي ذو 18 سنة ماسينسا كرماح ، بعد تعذيبه بوحشية وهو قيد الاعتقال، ليتم تصفيته بإطلاق الرصاص الحي على جسده.
استشهاد كرماح وحملة الاعتقالات التي طالت المئات من الأمازيغ، دفعت منطقة القبائل بالجزائر لتنفض عن بكرة أبيها في وجه السلطات الجزائرية، وتنزل للشوارع بالآلاف، وهو ما قابلته السلطات من جديد بالحديد والنار، وهو ما خلف ما يزيد عن 126 قتيلا و أزيد من 5000 جريحا، وهو ما حوّل الربيع الأمازيغي المطالب بالحقوق الأمازيغية، إلى “ربيعا أسودا” تخلد ذكراه يوم 20 أبريل من كل سنة تحت اسم “تافسوت ن إمازيغن”.