شهدت منطقة القبائل الجزائرية مقابلة ودية نسوية لكرة القدم جمعت لاعبات من مختلف الأعمار من أجل إبراز دور المرأة الأمازيغية في المجتمع الجزائري. وشهدت المباراة حضورا مكثفا لنساء القرى في المنطقة، اللواتي وجدن فيها متنفسا في زمن وباء فيروس كورونا.
ونظمت جمعية نسائية محلية بمناسبة مهرجان التين الذي يقام سنوياً بمنطقة القبائل، مباراة الودّية في رياضة كرة القدم النسائية، بقرية ساحل الواقعة بأعالي قرى الأمازيغ بولاية تيزي وزو شرقي الجزائر.
وتأتي المباراة النسائية ضمن نشاطات عديدة لهذه الجمعية في قرية ساحل، من ضمنها تنظيم المهرجانات المختلفة والمشاركة في تنظيف القرية للمشاركة في المسابقة السنوية الولائية لأنظف قرية، والعمل على جلب السياح وإحياء التراث الأمازيغي، ودفع المرأة للمشاركة جنباً إلى جنب مع الرجل في كل مناحي الحياة.
وجاءت الفكرة في تأسيس فريق لكرة القدم تشارك فيه النسوة اللاتي تفوق أعمارهن الأربعين سنة، تغيير الكثير من المفاهيم النمطية عن المرأة القبائلية كما أوضحت رئيسة الجمعية فضيلة باكوش لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي.
وأضافت باكوش أنهن بدأن بإدخال المرأة في الأنشطة الثقافية والاجتماعية والبيئية عام 2018، فقاموا بإنشاء فريق لكرة اليد حينها، تلاه في العام الماضي إنشاء فريق لكرة القدم هدفه التسلية للنساء، كما له جانب صحي ونفسي أيضاً.
من جانبه، قال عمر شبيني وهو مدرب الفريق النسوي لقرية ساحل، لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني إن تنظيم هذه المباراة بين فريق قرية ساحل وقرية تابودة المجاورة يدخل ضمن برنامج القرية لإحياء المناسبات الموسمية، ومنها موسم مهرجان التين الذي يغرس بكثرة في منطقة القبائل، فضلاً عن المساهمة في إحياء مختلف المهرجانات التي تشارك فيها القرية، كمهرجان التين الشوكي، وغيرها.
كما لفت إلى أن المبادرة هذه تهدف كذلك إلى إخراج المرأة القبائلية من النمطية السائدة، وجعلها شريكة للرجل في مختلف مناحي الحياة، وكسر التابوهات والنظرة النمطية التي يراها بها المجتمع.
وبدأت هذه المبادرة سنة 2018 بمناسبة مهرجان التين حين أقيمت مباراة لكرة اليد في صالة مغلقة بين نساء قرية ساحل وقرية تابودة. ومن هناك كان التفكير في تطوير هذه الفكرة وتنظيمها في الهواء الطلق، وفي ملعب يتسع لعدد كبير من الجمهور. فتم تنظيمها في الموسم الموالي سنة 2019 بمناسبة مهرجان التين الشوكي، لكنها هذه السنة حققت صدى واسعاً لدى الجمهور، وحضوراً فاق التوقعات حتى من السيدات من المدن البعيدة لمتابعة المباراة وحضور هذا الاحتفال الفريد من نوعه في الجزائر.
ويتشكل فريق كرة القدم لقرية ساحل من نساء تجاوز سنهن الأربعين سنة. وقد تدربن على يد عمر شبيني لمدة 15 يوماً فقط قبل المباراة. ومراعاة لسن اللاعبات، تم تقليص مدة اللقاء إلى ثلاثين دقيقة، مع إمكانية تدعيم الفريق بثلاث لاعبات شابات رفقة المسنات. وكانت هذه المباراة مصيرية، إذ انتهت مباراة الذهاب بقرية تابودة بالتعادل الأبيض، وتلعب نساء قرية ساحل من أجل الفوز، والذي كان لهن بفضل ركلات الترجيح.
تم الإعلان عن المبادرة في صفحة قرية ساحل على وسائل التواصل الاجتماعي. ويوم المباراة كانت الجماهير من النساء والفتيات القادمات من مختلف القرى المجاورة وحتى من المناطق البعيدة واسعة، إذ اصطففن أمام الملعب لتشجيع فريقهن، فيما علت الزغاريد والأهازيج الحماسية.
وقالت عايدة، وهي واحدة من مشجعات فريق قرية ساحل، إنها خرجت من البيت من أجل مشاهدة المباراة، وتشجيع نسوة قريتها، بينما أوضحت صليحة أنها ستهنئ الفريق الفائز مهما كان.
أما تينهينان، فرأت أن ما قامت به النسوة يستحق الاحترام، لأنهن شققن طريقاً للصغيرات، وكنّ مثالاً ستقتدي به كل القرى من أجل إدخال المرأة في الرياضة. من ناحيتها، بيّنت السيدة لويزة، وهي من فريق قرية تابودة، أنه كانت هناك حواجز تمنع المرأة من الخروج في السابق، لكن الآن تم ترسيخ ثقافة المشاركة النسائية في هذه النشاطات.
وقالت إحدى اللاعبات، حورية حمزة، لوكالة “رويترز”:”لم تكن المرأة حرة من قبل، ولم يكن يُسمح لها بالعمل خارج المنزل… الآن، أصبح لدينا حقوق، باستطاعتنا أن نكون محاميات أو طيارات أو نقوم بأي وظائف أخرى، ونحن متساويات مع الرجال”.
وساهمت حمزة، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 37 عامًا، في فوز فريقها باللقب بعد هزيمة قرية “تابودا” بركلات الترجيح، ما أسعد الفريق والمشجعات، اللاتي استقبلنها بالأغاني والزغاريد.
وقالت فضيلة بكوش، رئيسة جمعية النساء في القرية:”هناك الكثير مما يمكن للنساء تحقيقه مثلهن مثل الرجال. ربما أكثر من الرجال”.
*وكالات