السؤال الفعلي: لماذا المؤسسات بدون الأمازيغية، والأمازيغ خارج المؤسسات؟ وهل يمكن أن تفعل هذه المؤسسات المقتضيات الدستورية والقانونية الخاصة بالأمازيغية؟
من الواضح والمؤكد أن الأطر والكفاءات الأمازيغة هي خارج تدبير أو المشاركة في تدبير المؤسسات العمومية ومراكز سن السياسات ووضع المخططات وتقييمها ، وهي تعد بالعشرات وتعج بها العاصمة والجهات. لكن ماذا نقصد أولا بالأمازيغية؟ بكل تدقيق ووضوح الأطر والكفاءات من باحثين وخبراء ومثقفين وفنانين وتقنيين ومدبرين..في مختلف المجالات الذين تشكل وعيهم الثقافي ومسارهم العلمي والمهني في إطار الفكر وبرديغم التعدد اللغوي والتنوع الثقافي الذي تعتبر الأمازيغية في صلبه، وعملوا من خلال خطابهم وانتاجهم العلمي والثقافي وتدبيرهم ومسؤولياتهم ومسارهم على التأسيس لهذا التحول الكبير في الحياة السياسية والثقافية والمؤسساتية الوطنية، بل وساهموا فيه ويحرصون على إرسائه وتفعيل المقتضيات الدستورية والقانونية والمؤسساتية المرتبطة به.
هؤلاء تم وضعهم خارج التدبير الرسمي للدولة والحكومات للمؤسسات، كما اتضح من خلال العديد منها بما في ذلك المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، وجل الوكالات والهيئات والجامعات المرتبطة بالحكومة والوزارات وجلها مؤسسات عمومية وتحظى بالشخصية المعنوية والاستقلال التدبيري والمالي، وتقرر في التخطيط والتدبير والتقويم، ولها علاقة مباشرة بتفعيل المقتضيات الدستورية والقانونية الخاصة بالأمازيغية، بما في ذلك وزارات الثقافة والاتصال والشباب، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي، وزارة التعليم العالي، وزارة المالية والاقتصاد، وزارة العدل، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة التجهيز، وزارة النقل، وزارة الفلاحة، وزارة الصيد البحري، وزارة الإدارة والرقمنة…
أثير النقاش حول إحدى هذه الوكالات والهيئات، وهي بالعشرات، واختزل في تعيين فنانة دون الانتباه وإثارة الإشكال الأكبر الذي يرتهن به مستقبل الأمازيغية ووضعها المؤسساتي باعتبارها لغة وثقافة وطنية ورسمية، فماذا يمنع رؤساء الحكومات السابقين، على الأقل ما بعد دستور 2011، ورئيس الحكومة الحالية ووزير التعليم العالي من اختيار إطارين أمازيغيين أو أكثر بهذه المواصفات والكفاءة والنزاهة الثقافية في مجلس وكالة تقييم التعليم العالي الذي يترأسه رئيس الحكومة؟ نفس الشيئ بالنسبة للعديد من الهيئات والمجالس والوكالات والمؤسسات العمومية الأخرى التي تعج بها الرباط؟ اتضح أن هناك مانع وموانع…
فيتوفر المغرب بلادنا على عشرات من الأطر والكفاءات والخبراء الأمازيغ بالمواصفات المطلوبة وبالتعريف المذكور والكفاءة والنزاهة الثقافية والديمقراطية والحس الوطني السليم، ومن أقاليم ومدن اكادير ووارززات والحسيمة وطنجة ومكناس وخنيفرة والراشيدية ووجدة وتارودانت وبني ملال وتزنيت وكلميم والناظور والدارالبيضاء والعيون ومراكش…وغيرها من جهات المملكة وليس الرباط فقط، ولكن يظلون خارج مراكز القرار وسن السياسات ووضع المخططات وتقييمها وتدبير الإدارات والمؤسسات، بل بدأ يتضح أنهم غير مرغوب فيهم ومقصيون من مؤسسات بلادهم، ولا تتوفر إرادة حقيقية لتوظيف كفاءاتهم وحسهم الثقافي والوطني النزيه في تقوية المؤسسات وحكامتها والرفع من مردوديتها، والتمكين للأمازيغية وتفعيل المقتضيات الدستورية والقانونية التي تعاقدت عليها الدولة والمجتمع في كل مجالات الحياة العامة والمؤسسات والإدارات.