الحبيب المالكي يترأس اتحاد البرلمانات العربية

بقلم : أحمد الدغرني

عندما اختار  إتحاد البرلمانات العربية أن يجتمع بالمغرب كانت القضية عادية من الممكن لذلك الإتحاد أن يختار مكانا ينعقد فيه بالمغرب أوغيره.

ولكن المشكلة السياسية تطرح عندما نتساءل هل برلمان المغرب هو “برلمان عربي؟”، وعندئذ يصبح من  حق الأمازيغ والأفارقة واليهود المغاربة وغير العرب الذين يحملون  الجنسية المغربية أن يتساءلوا هل هذا البرلمان له هويةخاصة  وهي العروبة “البرلمان العربي”.

كانت المسألة أيضا صغيرة ومهملة سياسيا بالنسبة لشباب المغرب الحالي، الذي يحارب الميز العنصري ، لأن البرلمان المغربي يوجد في حالة جمود، وانتخبته أقلية معروفة من المصوتين ، ولا يتحرك منه الا رئيسان هما الحبيب المالكي، وحكيم بنشماس، ومن تبعهما من الطاقم الاداري،  منذ فرز نتائج انتخابات 7 أكتوبر2017.

وهي فرصة فراغ برلماني مكنت من حضر ممن يسمي نفسه برلمانا عربيا ينتمي إلى هذا “الإتحاد”من تعيين الحبيب المالكي وحده دون استشارة البرلمانيين  رئيسا للإتحاد.

ولاشك أنه في الأيام القادمة سيطرح البرلمانيون الذين يؤمنون بأنهم لايقبلون أن يكون برلمانهم عربيا ينفي الأفارقة والأمازيغ ومن ليس عربيا وهو يحمل الجنسية المغربية، عندما يسمح لهم المخزن بالعودة الى الإجتماعات…..وسيطرحون هل يمكن لرئيس مجلس نواب المغرب  حسب دستور المغرب أن يكون رئيسا لاتحاد البرلمانات العربية؟ وسيطالب الشعب بإقالته ، وباعتبار أن كلمة “برلمانات”تعني أيضا مجلس المستشارين وبالضبط حكيم بنشماس الذي  برمج عدة تحركات نحو الانفتاح على الهوية الأمازيغية لمجلس المستشارين على علاته…

وكل ذلك لايستحق كثيرا من الأهمية، لأن كثيرا من الدول العربية في الشرق الأوسط والخليج ليس لديها برلمانات ، ولذلك فهذا الاتحاد ليس له أهمية و لايمثل الشعوب حتى لدى العرب في شبه جزيرتهم .

ولكن لابد لمن يؤمن  بالتعدد الفكري والعقائدي والسياسي  أن ينتبه إلى خطورة اقحام البرلمان المغربي في قائمة البرلمانات العرقية العربية التي تهدد المساواة بين أفراد الشعب المغربي الذي قدم تضحيات من  أجل احترام الهوية الأمازيغية والجو  السياسي الذي انعقد فيه اجتماع اتحاد البرلمانات العربية بالمغرب يتميز بوجود نصوص دستور 2011 التي تتحدث ولو رمزيا عن حقوق الأمازيغ، واتجاه الدولة المخزنية بكل مكوناتها الى افريقيا وتكريس سياسة تعلن ولو شكليا هوية المغرب كبلد أفريقي ، يفضّل أن ينتمي رغم أنفه الى الإتحاد الإفريقي لكي لايكون منبوذا في هذه القارة التي يوجد فيها جغرافيا و يهدده مشروع الجمهورية العربية في الصحراء.

صدر بلاغ عند انتهاء أشغال هذا الاجتماع المسمى اتحاد البرلمانات العربية، وهو يدوس وينفي كل روح التعدد  الفكري والسياسي بالمغرب، ومن قرأ هذا البلاغ سيشعر أنه قديم ومتجاوز تاريخيا وواقعيا ، كأنماكتب بقلم  معمر الكدافي أو صدام حسين ،أوميشيل عفلق، ويقحم برلمان المغرب في صراع دول الخليج مع ايران ، وصف ثورة الحوثيين باليمن بأنها “ارهاب” وكأن حرب الحوثيين في اليمن والسعودية هي حرب مغربية وهي حرب طائفية بين اليمن والسعودية حول مذهب السنة والشيعة، وليس في البلد من  يرى مصلحة مغربية في هذه الحرب.

صادف انعقاد اجتماع  اتحاد البرلمانات العربية بالمغرب زيارة ملك الاْردن ، وهو آخر من يمثل في الشرق الأوسط حكم أشراف الهاشميين من قبيلة قريش، ولاشك أنه سيهتم باتجاه المخزن المغربي نحو افريقيا على حساب التوجه الشرق أوسطي الذي تورط فيه المخزن منذ عقود مضت، وينوي جر المغرب الى حلبة الحروب الدائرة هناك في سوريا والعراق واليمن وفلسطين ولبنان…وهو مادفع الى منح الحبيب المالكي وظيفة جديدة “عربية” وتحفيز الحكم المغربي نحو التورط في الحضور الى مؤتمر القمة العربي   ليجدد التملص من الالتزامات الثقافية والسياسية والدستورية التي تجعل المغرب بلدا افريقيا تبدأ حياته العادية من كون الأمازيغ شعبا افريقيا لا ينكره الأفارقة..

من حق الحبيب المالكي  كشخص أن يقبل أية رئاسة يمنحها له عرب الشرق الأوسط، وأن يتمتع بدون حسد بأي امتيازات تأتي من اتحاد البرلمانات العربية، ولكن عليه أن لا يقحم البرلمان المغربي في أموره العقائدية والشخصية، ومن مصلحته  الحزبية خاصة أن لا يصنف في هذا الاتجاه الشرقي الذي يعرف أنه سيضاف الى حلقة إضعاف حزبه (الاتحاد الاشتراكي ) أمام  البيجيدي الذي خول لسعد الدين العثماني أن يفتتح تعامله مع الرأي العام بالتحدث بالأمازيغية في أول تصريح له بعد تعيينه كمقترح لرئاسة الحكومة ويمكن له أن يتخلى قبل فوات الأوان عن رئاسة اتحاد البرلمانات العربية، وهو يفهم السياسة بنظرة أوسع مما أشرنا اليه في هذا المقال.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *