عقدت فروع الجمعية المغربية لحقوق الانسان ومنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب بالحسيمة سلسلة من اللقاءات خلال الأيام الأخيرة،استشعارا من أطر الحركة الحقوقية بالحسيمة بالمخاطر المحدقة بعموم المنطقة، والتي تتعمق يوما بعد يوم، وبعد المداولات الصريحة والمثمرة بين أطر الحركة الحقوقية الذين استعرضوا الأوضاع العامة بالريف خلصوا إلى المصادقة على الخطوط العريضة لبرنامج حقوقي يتضمن عدة حلقات نضالية: ميدانية، فكرية وحقوقية.. من أجل إطلاق حملة واسعة تستهدف إطلاق سراح كافة معتقلي حراك الريف وحل مختلف الأزمات التي يتخبط فيها الريف، “بعد أن أبانت الدولة عن نيتها في التصعيد بإغلاقها لكل الطرق المفضية لحلحلة الأزمة غير مكترثة بكلفة تعطيل الحوار وتعميق الورطة الحقوقية التي سقطت فيها وأفرزت معه ديناميات خطيرة لعل أبرز مؤشر على ذلك هو الانقضاض على أول مهاجر تطأ قدمه الريف ” الوافي قجوع” وتلبيسه تهما جاهزة ما يفتح المنطقة وهي على أهبة دخول فصل الصيف، يشكل مناسبة لتوافد الجالية الريفية ما يشكل ضربة قاضية للدينامية الاقتصادية التي تعرف انهيارات متتالية وسط صرخات للمواطنين والمواطنات الذين اكتووا بنار الغلاء الفاحش في كل شيء”.
وسجلت الحركة الحقوقية وهي تستحضر بقلق بالغ تطورات الأوضاع الحقوقية وهي تستعيد شريط الأحداث الدرامية التي عرفها الريف منذ سنتين، أن الدولة أخفقت في تدبير الاحتجاجات الشعبية السلمية وشكل استحضارها للهاجس الأمني نكسة كبيرة لحقوق الانسان لما رافقها من علامات صارخة لانتهاكات متتالية مست الحقوق والحريات بعد حملات اعتقالات هوجاء استهدفت استئصال وقتل أمل الشباب في التحرك بشكل مغاير وهم يحذوهم طموح بتغيير الأوضاع، وهو تدبير عشوائي رافقه تهييج وتهويل في صكوك الاتهام بنوع من الجاهزية في تلفيقها للمعتقلين، ومن جملة هاته المفارقات.
– وجود تكتم شديد عن عدد الضحايا وخصوصا المعتقلين الذين اعتقلوا منذ بداية الحراك إلى الآن.
– سيادة منطق السكوت عن عدد من الملفات الحقوقية للحراك، وخصوصا قضية الوفاة المأساوية للشهيد محسن فكري، الذي أشعلت فاجعة موته شرارة الغليان الشعبي، وعدد من الضحايا الذين قضوا أثناء فض الاحتجاجات بالقوة من طرف قوى الأمن، ونشير هنا على سبيل الذكر الوفاة الغامضة للشهيد عماد العتابي التي تتضارب الأنباء حول ظروف وفاته خلال تظاهرة 20 يوليوز 2017 ، والغريب في الأمر أن النيابة العامة بالحسيمة سبق أن أعلنت في بيان رسمي عقب وفاته أن تحقيقا فتح في الموضوع عبر تكليف عناصر من الفرقة الوطنية للقيام ببحث معمق للكشف عن “حقيقة الحدث واسبابه وتحديد المسؤوليات عنه لترتيب الآثار المترتبة عنه” وتعهدت، فضلا عن ذلك ، عن إخبار الرأي بنتائج التحقيق، ومرت الآن عدة أشهر دون إخبار الرأي العام بما تعهدت به، مع استحضار أن الشاهد المفترض في القضية، والذي سبق أن أعلن عن نيته تقديم شهادته حول مجريات الحدث، حوكم بعد ذلك بثمانية سنوات حبسا نافذا قبل أن يرفع الحكم استئنافيا إلى 10 سنوات.
– استعمال مفرط للقوة العمومية، وصلت إلى حد قصف كثيف للأحياء الشعبية بالغاز المسيل للدموع كما حدث بشكل متكرر بإمزورن وتعنيف القاصرين وإلزامهم بتوقيع تعهدات بعدم العودة إلى الاحتجاج فضلا عن كون عدد منهم صرح بأنهم تعرضوا للتعذيب، ناهيك عن يروج من أخبار متواترة حول الشتم والسب للمعتقلين من طرف رجال الأمن وهي رسالة سيئة تحمل إيحاءات عنصرية.
– عدم فتح تحقيق في نازلة التعذيب التي تعرض لها مجموعة من المعتقلين وعلى رأسهم ناصر الزفزافي الذي كشف عن تعرضه لإنتهاك مس كرامته أثناء اعتقاله من طرف عناصر الشرطة. كما لم يجر أي تحقيق في واقعة التشهير بجسده أمام الملا بعد تسريب ملتبس لشريط يظهره شبه عار بنية الإساءة له وايذاءه.
– وجود تناقضات في عدد من المحاكمات التي نظمت للنشطاء بعضهم نال مددا سجنية قاسية عبر تلفيق التهم بطرق عشوائية وصلت إلى حد إصدار أحكام متناقضة في قضايا متشابهة وهو ما يعني أن هناك رغبة لاستئصال حركة الاحتجاج عبر الزج بخيرة الشباب في مختلف سجون المملكة، ما تنطرح حوله أسئلة عن مدى استقلالية القضاء وبعض القضاة في نفس الوقت ..
– وجود معاناة لا حصر لعدد من المعتقلين الموزعين على مجموعة من سجون المغرب يتعرضون لأبشع أنواع الإهانة والتعذيب وصل إلى حد معاقبة بعض هؤلاء في زنازين انفرادية ” الكاشو ” وتحريض سجناء الحق العام عليهم من أجل إيذاءهم والمس بكرامتهم، ما يجعل الحركة الحقوقية تنتابها شكوك حول احترام حقوق المعتقلين والتعمد في تشتيتهم وتوزيعهم على عدة سجون لجعلهم يذوقون مرارة الاعتقال حتى لا يفكروا مرة أخرى برفع الرأس ضد الجور والاستبداد بشكل يتنافى مع القانون والمواثيق الدولية لحقوق الانسان.
– تحميل عائلات المعتقلين أعباء مادية ونفسية لا حصر لها وهي تتكلف من أجل الانتقال لزيارة أبناءها وتعريضها لمختلف أشكال التضييق خلال الولوج إلى السجون في ظروف تتسم بالتضييق الشديد عليها بدعوى المراقبة.
– إغلاق كل مجالات الاحتجاج وتعقب الشباب والأطفال في الشوارع عبر سيارات تجوب مدن الحسيمة بطريقة لا تخلو من النية في نشر أجواء الرعب، فضلا عن وجود أعداد غفيرة من رجال الأمن مدعومين بمختلف الأجهزة الاستخباراتية تحصي أنفاس المواطنين، وهي معززة بصور المشاركين منهم في مسيرات الحراك السابقة وتعقب شباب في مقتبل العمر بمجرد العثور على صور لهم خلال تلك المسيرات ناهيك عن اعتقال عدد منهم بسبب تدوينات تعبر عن رأيهم وصلت حد التفتيش في النوايا، علما أن الحراك الشعبي بالحسيمة كان يشارك فيه آلاف من المواطنين، فهل تريد الدولة اعتقال جل سكان الحسيمة لاستتباب الأمن !؟
-تتابع الحركة الحقوقية مسرحية ما يسمى بمحاكمة قيادات الحراك بالمحكمة الابتدائية الجنائية بالدار البيضاء التي أبانت عن فراغ مضمونها، يُتخوف أن يستخدم القضاء، لتوفير غطاء تجريم هؤلاء بعد أن سقطت كل الذرائع التي روجتها أجهزة الدولة حول وجود تآمر خارجي بنية المساس بما يسمى بالأمن الداخلي والوحدة الوطنية ..وهي عناوين لسجل سياسي سيء لمحاكمات شهيرة عرفها المغرب وقدم كلفة باهظة عن أخطاء الدولة السياسية خلال سنوات الرصاص، وهو أمر وضعه المعتقلون على المحك بسبب زيف الادعاء، مما جعلهم يقاطعون ما تبقى من جلسات المحاكمة ومطالبة هيئة دفاعهم بالتزام الصمت في مواجهة مسرحية ساخرة.
-لقد انكشفت النوايا حول طبيعة المحاكمات التي تنظم لمناضلي حراك الريف ولم يعد هناك ما يخفي طابعها السياسي الصرف بجرعة عالية من التخبط لسياسة الدولة التي شهرت القمع كوسيلة وحيدة لمواجهة الغليانات الشعبية النابعة من عمق المعاناة بسبب سياسات وضعت البلاد والعباد على سكة أفق مسدود.
-إن الدولة بدل أن تتحرك من أجل توفير مزيد من الحريات وتسوية الأزمات بطرق التدبير السلمي، بدل ذلك، وضعت نفسها في زاوية ضيقة باستعمالها للقمع كوسيلة وحيدة لكبح جماح حماس شبابي قلب عليها الطاولة وطالبها بكل شيء دفعة واحدة بعد أن انتظروا ردحا من الزمن دون أن تتغير معالم منطقتهم نحو الأحسن ولا أوضاعهم المعيشية، يحدث هذا في عالم متغير سمته الكبرى طغيان انتهاك حقوق الانسان وتواطؤ الدول التي كانت تسمى عريقة في الديمقراطية مع قوى الاستبداد ولم تعد تستحيي في تغليب مصالحها الاقتصادية والسياسية على نبل رسالة حقوق الانسان، لكن في نفس الوقت تتسم هذه الوضعية بتقدم وعي الشعب ومعرفته الدقيقة بمجريات الأمور، وابداعه لأساليب غير مسبوقة، أربكت حسابات أجهزة الدولة وخلقت متاعب لا حصر لها لسياسة التنكيل المستعملة لإلزام الناس بالطاعة العمياء مقابل التنمية بالمعنى الغرائزي، متناسية أن الشعب المغربي عامة والريف خصوصا لم يعد يقبل أن يعامل بمنطق الرعايا ويريد أن يستعيد مواطنته كاملة لتحقيق سيادته وتقرير مصيره بنفسه.
– إننا نستهجن إصرار الدولة على العناد ضد شعبها الذي صرخ ضد الفساد والمفسدين وطالب بحقه العادل في الثروة والسلطة، وهو عناد لا يُفسر إلا بمنطق الرغبة في الانتقام، بعد أن قام الحراك الشعبي بتضييق الخناق على شرعية زائفة كانت تؤثثها انتخابات صورية نصبت هياكل هلامية تركها الحراك وراءها، وهي في وضعية لا تحسد عليها.
– تنبه من يعنيهم الأمر أن تحركاتها في الوقت الميت وفي الزمن الخطأ، لإعادة الأمور إلى نصابها بالقوة، لن يفلح أبدا في تحقيق مراميه وخصوصا إذا كان المقصود هو تركيع الريف مهما تغولت سياستها القمعية، لأنه ببساطة، فهذه القلعة الحصينة التي تتعايش فيها مرجعيات تاريخية وديمقراطية تتضمن قابلية الانفجار في أية لحظة، ليس في الريف فحسب، بل في كافة أرجاء المغرب العميق، اذا استمرت سياسات الحكرة ومنطق التعامل مع منطقة الريف كمجال محروس بحسابات سياسية محكومة بخلفيات ماضوية.
– تدين أشكال التضييق على أنشطة الحركة الحقوقية بالحسيمة ” منع ندوة منتدى حقوق الانسان لشمال المغرب”، التماطل في عدم تسليم وصل الإيداع القانوني لفرع إمزورن للجمعية المغربية لحقوق الانسان.
– تستهجن سلوك إرغام عدد من النشطاء على توقيع التزامات بعدم العودة إلى الاحتجاج تحت طائلة التهديد بالاعتقال..
وبناء على ذلك فإن الحركة الحقوقية ومعها كافة مكونات الرأي العام ترى أن الحل الجذري للأزمة لا يمكن أن يتحقق إلا:
·بالافراج الفوري جميع معتقلي حراك الريف وكافة المعتقلين السياسيين وإلغاء المتابعات في حق النشطاء سواء بالداخل أو الخارج، ووضع حد لمسلسل مسرحي لمحاكمات صورية لن تزيد الأزمة إلا استفحالا.
·الاستجابة للمطالب المرفوعة من طرف شعب الحراك ولا سيما في الشق المتعلق بالملف المطلبي والحقوقي الذي طالما كان مثار جدل كبير في الريف وخصوصا قضية الشهداء الخمسة والوفاة الغامضة للراحل كريم لشقر وعدد من الضحايا الذين سقطوا خلال فض الأجهزة الأمنية لمسيرات حراك الريف وتسوية أوضاع الضحايا وإعادة الاعتبار لهم لما قاموا به من واجب نضالي رفعوا من شأن مطالب الريف إلى مستوى عال جدا.
·رفع كل أجواء العسكرة عن الريف وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي وتمكين أنباء الريف من العودة إلى وطنهم دون خوف من الملاحقة.
·اعتبار درس الريف مناسبة للقيام بإصلاحات جوهرية من شأنها إطلاق دينامية حقوقية تسمح بالحق في التعبير وتوفير مناخ تعايش وازدهار كل التوجهات والآراء السياسية المجتمعية على اختلاف اختياراتها الحرة.
·إنهاء الحملة المسلطة على رموز المنطقة، وخصوصا علم جمهورية الريف الذي يشكل مصدر اعتزاز أبناء الريف خصوصا والمغاربة قاطبة، بمحطاته التحررية لما يوحي به هذا العنوان من عزة وشموخ وكبرياء تنقل شيفراته من السابق إلى اللاحق من أجيال الريف كاعتزاز بمقاومة قارعت الاستعماريين الإسباني والفرنسي تحت قيادة البطل المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي.
- وعليه؛ فإن الحركة الحقوقية بالريف، وبناء على اجتماع أجهزتها المقررة، تعلن رفضها بشدة للأوضاع الحقوقية والاجتماعية التي يتخبط فيها الريف عموما والحسيمة على وجه الخصوص، وتحمل المسؤولية الكبرى للدولة في كل ما جرى ، وتقرر، تبعا لذلك، تنفيذ برنامج نضالي حقوقي سيستمر إلى حين إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وتسوية الأزمات العميقة التي تعرفها المنطقة، وسيتم البدء في تنفيذ الحلقة الأولى منه باحتجاج يوم الجمعة 22 يونيو 2018 ابتداء من الساعة السابعة مساء وسيُكشف عن باقي التفاصيل في بلاغ سيصدر في الموضوع.
- تدعو القوى الحية وجميع الطاقات المناضلة وكافة عائلات المعتقلين السياسيين من أجل الالتحاق بالمبادرة الحقوقية التي تهدف إلى الضغط الحقوقي من أجل مطلب أساسي ومركزي وهو: الافراج الفوري عن كافة معتقلي حراك الريف دون قيد أو شرط.
عن الحركة الحقوقية:
فروع AMDH وفروع FDHNM
بالحسيمـــــــــــــــــــــــــــــــة