هو الإذاعي المتميز، ابن مدينة الناظور أو سلوان تحديدا، صوت أثيري من داخل استوديو 7 بالإذاعة الأمازيغية بالرباط، غزل حروف الأبجدية وراود الكلمة فتأنقت بيتا شعريا ثم قصيدة، ليجد القارئ نفسه أمام مخاض لولادة ديوان “رخزراث ن أوراجي” أو “نظرات الانتظار” المولود الشعري الأول لمحمد بومكوسي.
في هذا الحوار يحدثنا الشاعر بومكوسي عن تجربته الشعرية وبداياته الأولى في الكتابة، فضلا عن تطلعاته من خلالها، ويكشف لنا “أن الكتابة لديه إحساس بالتطهير كما يقول أرسطو، وأن الانتهاء من كتابة قصيدة ولادة جديدة وإحساس جميل”.
كما يؤكد على أن “المكتبة الأمازيغية في حاجة للمزيد من الإبداع والإنتاج، رغم أن هناك صحوة لمجموعة من الشعراء الشباب على مستوى الإنتاج وإصدار الدواوين الشعرية والروايات والقصص”.
قصائدي وأشعاري موجهة لكل الشرائح والفئات وأحاول دائما أن أكون كونيا وأكتب للإنسانية..
نرحب بكم أستاذ على صفحات جريدة “العالم الأمازيغي”، بداية من هو محمد بومكوسي؟
أولا شكرا لجريدة «العالم الأمازيغي» على الإستضافة.
محمد بومكوسي ابن مدينة الناظور بالضبط بسلوان، حصلت على شهادة الباكالوريا بثانوية محمد الخامس بالناظور، وشهادة الإجازة من جامعة محمد الأول بوجدة ودبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط، حاليا باحث بسلك الدكتوراه في قانون الأعمال، لدي اهتمامات بالكتابة والسينما والمسرح، لكن أجد متعتي أكثر في الكتابة خصوصا في الشعر.
بعيدا عن الإذاعة، أصدرتم مؤخرا ديوان شعري “رخزراث ن اوراجي” أي “نظرات الانتظار”، هلا حدثتمونا عن هذا المولود الشعري؟
ديواني الشعري «رخزراث ن أوراجي» هو ديواني الأول والوحيد لحد الآن صدر سنة 2020 تزامنا مع بداية ظهور جائحة كورونا، صراحة هو عصارة لمجهود سنين عديدة، يحتوي على قصيدة لها أكثر من عشرين سنة، كتبها بالضبط في سنة 1999، كنت آنذاك طالب جامعي بوجدة، أغلب القصائد كتبتها بالرباط. وبتشجيع من مجموعة من الأصدقاء والفنانين والشعراء كان لهم الفضل في ولادة هذا المولود، وهنا لابد أن أشكر الدكتور عبد المطلب الزيزاوي الذي قام بالتقديم والشكر موصول كذلك للأستاذ محمد فارسي في ضبط وتصحيح اللغة وتكلف بالطباعة وكذلك المبدع سعيد تريزيت في وضع صورة الغلاف والفنان عبد العالي بوستاتي في إعادة رسم صورة الغلاف باليد والفوتوغراف محمد الحقوني الذي أخذ لي صورة شخصية بالحسيمة..، كل هؤلاء لهم مني كامل التقدير والإحترام.
يحتوي الديوان على 17 قصيدة مواضيعها مختلفة حسب الحالة النفسية والزمكان.
لكل تجربة شعرية تأثيرات، بالنسبة لكم كشاعر أمازيغي، ما هي الاتجاهات الشعرية التي تأثرتم بها؟
طبعا كل تجربة شعرية تخضع لعملية التأثير والتأثر، كنت دائما أسمع لشعراء كبار في الريف مثل الوليد ميمون وسعيد الموساوي وعمر بومزوغ والطاهر جناح وأحمد الزياني رحمه الله… هؤلاء قصائدهم مازالت عالقة بمخيلتي بالإضافة لشعراء شباب آنذاك كالشاعر ميمون الصحراوي وعبد الحميد اليندوزي …
كيف ولجتم عالم الكتابة؟ وما الدوافع والمؤثرات؟
في البداية كانت محاولات فقط في الكتابة وكنت دائما أتردد قبل أن أكتب أي قصيدة لدرجة أكتفي باستظهارها فقط على أصدقائي المقربين، مازلت أتذكر أول قصيدة كتبتها سنة 1995 وشاركت بها بثانوية محمد الخامس بالناظور تلقيت تشجيعا من طرف أساتذتي وزملائي في الثانوية من ثَم ولجت عالم الكتابة، كما أن عشقي الكبير للإذاعة الأمازيغية وسماعي للأغاني الأمازيغية الملتزمة لعبوا دورا كبيرا وكانوا دافعا قويا لخوض غمار الكتابة.
لماذا يكتب محمد بومكوسي، ولمن يكتب؟
سؤال وجيه! لماذا أكتب؟ عندما أكتب أحس بالتطهير كما يقول أرسطو، عندما أنتهي من كتابة قصيدة ما أشعر بولادة جديدة وبمتعة وإحساس جميل.
وإذا قرأت لي قصائدي وأشعاري ستجدها موجهة لكل الشرائح والفئات، للأم والنساء والأطفال والمحرومين والشباب والشيوخ، لكن دائما أريد أن أكون كونيا وأكتب للإنسانية.
عندما أكتب أحس بالتطهير كما يقول أرسطو وحين أنتهي من كتابة قصيدة ما أشعر بولادة جديدة ..
هل يجد الكاتب ذاته من خلال الكتابة؟ ويحقق من خلالها تطلعاته؟
طبعا الكاتب أو الشاعر يكتب من خلال ما يحس به وما يشعر به، وأجد متعة لا توصف في الكتابة، وتبقى هذه الأخيرة وسيلة لتحقيق الذات وإشراك ذلك الإحساس مع الأخرين، ومتعتي تكون أكبر عندما أُلامس أحاسيس وأحلام وآمال الآخرين، آنذاك أحقق إنجازا ذاتيا.
ما هي أهم الركائز الأساسية لنجاح الرواية والقصة والشعر في رأيك؟
لا يمكن أن تكتب دون أن تكون قارئا جيدا وتعرف لمن تقرأ، الكتابة مرتبطة بالأساس بالقراءة ثم القراءة ثم القراءة، والإطلاع على تجارب الآخرين في الكتابة.
فالقراءة تفتح لك آفاق الإبداع، وتوسع مجال الخيال وتكتسب مهارات التعبير …
ما رأيكم في موجة مواقع التواصل الاجتماعي، وهل تساهم في متابعة القارئ للإنتاج الأدبي الأمازيغي؟
ظاهرة الكتابة بمواقع التواصل الإجتماعي شخصيا لا أحبذها وإن كان هناك الكثيرين يفضلون أن يتقاسموا إبداعاتهم عبر هذه الفضاءات، أجد الكتاب الورقي هو الذي يشفي الغليل وتحس أنك قرأت ديوانا شعريا أو رواية أو قصة.
بالرغم أننا في عصر الصوت والصورة والثورة التكنولوجية أجد أن هذه المواقع تساهم في التسويق والدعاية للإنتاج الأدبي أكثر من نشر الإبداع، وأحترم طبعا من يجد ظالته في هذه المواقع.
كيف تقييمون التجربة الشعرية والروائية الأمازيغية؟
مسألة التقييم مسألة نسبية، التجربة الشعرية بالريف مثلا على مستوى الإبداع والصورة الشعرية وبلاغة الكلمات كانت للشعراء الذين سبق أن ذكرتهم سابقا كالوليد ميمون وسعيد الموساوي وعمر بومزوغ… بالرغم أن الكثير منهم لم يصدر لهم دواوين إلا مؤخرا كجناح الطاهر مثلا، لكن تعرفنا على قصائدهم من خلال أغاني الفنانين والمجموعات، حاليا هناك صحوة لمجموعة من الشعراء الشباب على مستوى الإنتاج وإصدار الدواوين الشعرية والروايات والقصص، هي خطوة إيجابية للتوثيق والتدوين، لكن المكتبة الأمازيغية في حاجة للمزيد من الإبداع والإنتاج أكثر، في هذا الصدد أسسنا جمعية «الكتاب الأمازيغي» بالريف هدفها الأساسي تشجيع المبدعين والكتاب على الكتابة والنشر والإبداع.
شاهدكم الجمهور راكحا على خشبة المسرح، عبر مسرحية “يني اشارزن تاغنانت”، حدثونا عن هذه التجربة؟
بالإضافة للكتابة لدي تجارب متواضعة في المسرح والسينما والتلفزيون، صحيح كانت لي تجربة مميزة على خشبة المسرح مؤخرا عبر مسرحية «يني اشارزن ثاغنانت» للكاتب أحمد زاهد، وذلك بمشاركة ثلة من الممثلين المتميزين، صراحة هذه المسرحية أعادتني للركح بعد سنوات من الغياب عن المسرح.
هذه المسرحية هي شكل جديد ومختلفة إلى حد ما عن الأعمال المسرحية الأمازيغية المألوفة عندنا في الريف، تدخل ضمن ما يسمى «مسرح العبث» أو «مسرح داخل مسرح»، حظيت هذه المسرحية بدعم من وزارة الثقافة ونحن بصدد عرضها بعدد من المدن المغربية في إطار الجولات المسرحية.
ما هي مشاريعكم المستقبلية؟
بعد أن انتهيت من كتابة سيناريو أول فيلم قصير، الآن منكب على إصدار ديواني الشعري الثاني وأتمنى أن يرى النور خلال هذه السنة، وكتابة مسرحية جديدة.
كلمة حرة…
شكراً على الدعوة، منحتم لي فرصة ومساحة للبوح والإلتقاء بالقراء والجمهور.
حاوره: خيرالدين الجامعي