قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضى شامي في اللقاء التواصلي لتقديم مخرجات رأي المجلس حول موضوع:” شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين “NEET”: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي؟”، إن حوالي 1.5 مليون شابة وشاب مغربي ما بين 15 و24 سنة، لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة أو خارج الساكنة النشيطة ( أي لا يبحثون عن الشغل لسبب من الأسباب).”
وأضاف “بلادُنا تَتَمَيَّزُ بِبِنْية سكانية شابة، فإن قُرْبَ موعدِ “انغلاق النافذة الديموغرافية” أَصبحَ وَشيكًا في أفق سنة 2040. وبالتالي لا بُدَّ من تكثيف الجهود لاستغلال طاقات ومؤهلات شباب NEET بشكلٍ إيجابي ومُنْتِجٍ قبل إهدار فرص الامتياز الديمغرافي (aubaine démographique).
وأشار الشامي إلى أن “المؤشرات تفيد بأن معدل بطالة الشباب ارتفع إلى 35,8% في سنة 2023، وانخفضت نسبة نشاط هذه الفئة إلى 22.6%، وذلك بالموازاة مع مظاهر أخرى كالانخفاض المستمر لمشاركة النساء في سوق الشغل (19% (واستمرار معضلة الهدر المدرسي )أكثر من 331.000 تلميذة وتلميذ سنويا).”
وخَلُصَ المجلس، بعد تشخيصِهِ لواقعِ حال شباب NEET ، وتَحليلِه لوضعية مختلف الشرائح المُكَوِّنة لها، وفق الشامي، إلى أن الشبابَ من هذه الفئة العُمرية قد يَتَعرَّضُون في مسارهم الحياتي لثلاثة انقِطاعات حاسِمَة ruptures décisives) 3):
– يتعلق الانقطاع الأول بالهدر المدرسي ما بين مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي، وذلك لأسباب متعددة من أهمها الرسوب المدرسي والصعوبات المرتبطة بالوصول إلى المؤسسات التعليمية، لاسيما في الوسط القروي، فضلا عن نقصٍ في عروض التكوين المهني لا سيما في العالم القروي. وهناك حَوَاجِزْ سوسيو-اقتصادية أخرى تُساهم في حِدَّةِ هذا الوضع ( مِنْها الإكراهات الاجتماعية والثقافية والعائلية، وتزويج الطفلات، وتشغيل الأطفال، ووضعية الإعاقة، وغيرُها).
– يتعلق الانقطاع الثاني بالانتقال من الحياة الدراسية إلى سوق الشغل، حيث يصطدم الباحثون عن أول فرصة شغل، أي 6 من كل 10 (عَشْرِ) شبابٍ عاطلين، بالعديد من الإكراهات في مُقدِّمتِها عَدَمُ ملاءمةِ التكوين مع متطلبات سوق الشغل، والفعالية المحدودة لخدمات الوساطة في مجال التشغيل.
أما بالنسبة للنساء التي تشكل حوالي 73 % من شباب NEET ، فهناك عواملُ أخرى مثل التمييز بين الجنسين في بعض الأحيان، وضَغْط الأعباء المنزلية.
– ويتعلق الانقطاع الثالث في مسار الشباب بالفترة التي يَتطلَّبُها الانتقالُ من وظيفة إلى أخرى. وهذا الانقطاع يكونُ إما نتيجةَ فقدانِ الشغل بسبب تقلبات الظرفية وهشاشة النسيج المقاولاتي، أو نتيجةَ التَّخَلّي الاختياري لعدمِ احترام شروط الشغل اللائق، أو تدني مستويات الأجور بالمقارنة مع الديبلومات والكفاءات.
انطلاقا من هذا التشخيص، ومن أجل معالجة ظاهرة شباب NEET وتسريع وتيرة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لهذه الفئة من الشباب، يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتبني مقاربة دامجة ترتكز على خمسة محاور أساسية:
1. أولا: تعزيز قدرات رصد وتتبع شباب NEET والفئات الهشة من الشباب من خلال إنشاء نظام معلوماتي وطني له امتداد جهوي لرصد وتتبع مساراتهم، ويَضُمُّ معطيات متقاطعة من مصادر متعددة (السجل الاجتماعي الموحد، إحصائيات مستمدة من القطاعات المعنية، وغيرُها).
2. ثانيا : إرساءُ منظومة موسعة لاستقبال وتوجيه شبابNEET إلى حلول ملائمة لوضعياتهم المختلفة، وذلك من خلال تطوير شبكة مكثفة من بِنْيَات الاستقبال والاستماع والتوجيه في مختلف الجماعات الترابية، وتَخْضَعُ لميثاقٍ مُوَحَّد يُحَدِّدُ أدوارَ وأنشطة ومسؤوليات مختلف الفاعلين المعنيين.
3. ثالثا: تحسينُ خدمات وبرامج الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لشباب NEET من حيث الجودة والفعالية، وذلك من خلال إعادة إدماجهم في منظومة التعليم أو التكوين، والرفع من قُدُرَاتِهم المهنية وقابِليتِهِم للتشغيل، ومساعدتهم على إيجاد فرص الشغل مع إرساء إطار تعاقدي يتلاءم مع القطاع الخاص أو القطاع الثالث. وهذا فَضْلًا عن توفير المواكبة القبلية والبعدية لإنشاء المقاولات.
4. رابعا: وضع تدابير وقائية تفاديا لوُقوع فئات جديدة من الشباب في وضعية NEET، وذلك من خلال:
• ضمان فعلية إلزامية التعليم حتى سن السادسة عشرة، وتوفير خدمات الدعم المدرسي، ومدارس وأقسام الفرصة الثانية الضرورية للتأهيل وإعادة الإدماج، مع دعم الأُسَر المعوزة، وتعميم التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة، وتعزيز أدوار الفاعلين العموميين والمجتمعي المدني المعني على المستوى المحلي؛
• تعميم المدارس الجماعاتية في العالم القروي لمحاربة الهدر المدرسي، مع تحسين مستوى تجهيزها بالمرافق الضرورية، وتوسيع نطاق خدمة الإِطْعَام والنقل المدرسي؛
• تعزيز العرض العمومي في التكوين المهني بالمناطق القروية، مع ملاءمة التخصصات مع الاحتياجات الخاصة بكل جهة وبكل مجال ترابي.
5. المحور الخامس يتعلق بوضع إطار للحكامة يرتكز على تقوية التقائية وتكامل البرامج القطاعية الموجهة إلى هذه الفئة من الشباب، فضلا عن التنسيق المستمر بين مختلف الفاعلين المعنيين.
وخلص التقرير إلى أن:
– 83٪ من المشارِكات والمشاركين صرحوا أنهم يعرفون عددًا من الشباب المنتمي إلى هذه الفئة في محيطهم الاجتماعي.
– 61٪ اعتبروا أن وضعية NEET تمس بالأساس شباب الوسط الحضري.
– 60٪ من الإجابات اعتبرت أنها تَهُمُّ الشباب الذين لم يَحْصُلوا على شهادات دراسية.
– 75٪ أَرْجَعُوا أسباب هذه الظاهرة إلى صعوبات الإدماج المهني وغياب فرص الشغل.
– يرى حوالي 60 ٪ أن الهدر المدرسي يؤدي إلى وضعيةNEET، في حين يشير حوالي واحد من كل خمسة ( 1/5) مشاركين إلى أن الزواج المبكر للفتيات يشكل أحد أسباب هذه الظاهرة.
– 78٪ لا يعلمون بوجود برامج عمومية أو مبادرات من المجتمع المدني موجهة إلى دعم شباب NEET.
– في إطار التدابير المقترحة لتسهيل عملية الإدماج الاجتماعي والمهني لهذه الفئة، اقترح 67٪ من المشاركات والمشاركين إعطاء الأولوية لوضع سياسة عمومية مندمجة تستهدف هذه الفئة.
– و64٪ بدعم المقاولة والتشغيل الذاتي، بينما يرى حوالي 35٪ أنه من الأَنْسَب تشجيع الإدماج من خلال مجالات الفنون والرياضة.