حاوره: حميد أيت علي “أفرزيز”
بحرقة يتحدث الطالب الجامعي محمد خوي، أحد ضحايا العنف داخل الجامعة، لجريدة “العالم الأمازيغي”، عن المعاناة التي يعيشها هو وزملاءه بسبب العنف الممارس ضدهم من طرف الطلبة القاعديين بجامعة فاس، “نحن طلبة أمازيغ، لا علاقة لنا بأي تنظيم، أو حسابات في جامعات أخرى، نحن طلبة اخترنا شعبة الأمازيغية وفقط، وكرسالة لأي فصيل لديه مشاكل مع إطار معين أو تنظيم بحد ذاته، في جامعة مغربية، لينهي مشاكله بعيدا عنا، نحن مستقلين، جئنا لفاس من أجل العلم وكسب المعرفة، اختيارنا لهذه الشعبة نابع من حبنا للغتنا الأم وهي الأمازيغية”.
يسترسل طالب السنة الأولى بماستر اللغة والثقافة الأمازيغية بجامعة فاس – سايس، “الأمازيغ يعانون منذ التسعينات داخل جامعة فاس، هكذا وجدنا من سبقنا للجامعة” مضيفا “لم نكن نظن أن الأمر جدي وصحيح، كنا نعتقد أن ما يروج من أخبار واعتقال وضرب و”زبارات”، ما هو إلا إشاعة زائفة يرددها البعض، لكن بعد حصولي على شهادة البكالوريا كباقي أقراني بقرية “تَازُولاَيْتْ” نواحي ألنيف جهة درعة تافيلالت، المطلة على الحدود المغربية الجزائرية، سافرت باتجاه جامعة فاس كونها أقرب جامعة تتوفر على تخصص الدراسات الأمازيغية، ولسوء حظنا أن شعبة الأمازيغية غائبة في جامعة مولاي اسماعيل بالراشيدية، لأسجل في جامعة سايس سنة 2014 وكُلِّي أمل أن أُوَفَّقَ في دراستي”.
ويضيف الطالب محمد يحكي عن تجربته في الاعتقال والضرب الذي تعرض له بجامعة سايس بفاس “نلت نصيبي من الاعتقال والضرب من طرف ما يسمى فصيل النهج الديمقراطي القاعدي ”البرنامج المرحلي”، مفسرا “يتم إرسال شخص معين إلى غرفتك بذريعة احتياجه لشاحن، أو قضاء حاجة، لكن هدفه من دخول الغرفة هو معرفة تصرفاتك داخلها، ماذا تناقش أو تدرس؟ هل في غرفتك علم أمازيغي أو صور للرموز والشهداء؟ ما هي الكتب التي تدرس وطبيعة الصور التي تعلقها في جدران غرفتك؟ حتى وصل بهم الحد لمراقبة ما تنشره في مواقع التواصل الاجتماعي! إنهم عصابة إجرامية بما تحمله الكلمة من معنى”.
وعن الأجواء العامة بجامعة سايس يشبه خوي الحياة فيها بسجن ”تازمامارت” أو ”گوانتنامو”، كونها حسب المتحدث تشبه سجنا مرعبا “نستيقض أحيانا من نومنا وفي جوارحنا فزع، إننا نعيش ترهيب في مؤسسة تابعة للدولة”، مضيفا “منذ ولوجي لجامعة سايس، أسجل يوميا تعرض طلبة شعبة الأمازيغية للعنف، بغية زرع الفشل والخوف في صفوف من اختار هذه الشعبة ومن قُدِّر له أن يولد في أسامر (الجنوب الشرقي)، وفي سنة 2013 تعرض كذلك طلبة بذات الشعبة، لنفس الممارسات والعنف، وخاصة أوقات الامتحانات، حيث أن العصابة تراقب حتى ملابسنا التي نرتديها، هل فيها إشارة للأمازيغية، وهل في عنقك قلادة أمازيغة تحمل حرف ⵣ “.
وأضاف خوي “التقيت بأصدقاء مسجلين بذات الجامعة حكوا لي ما عاشوه منذ سنة 2012 إلى سنة 2014، في هذه السنوات تم اختطاف 12 طالبا بتخصص الشعبة الأمازيغية بجامعة سايس، كلهم من أسامر “الجنوب الشرقي”، تم اعتقالهم واستخراج البطاقة الوطنية من جيبهم، وبمجرد رؤية “وارزازات، القلعة، بومالن دادس، تنغير، الراشيدية، ألنيف و أرفود وباقي مناطق أسامر في البطاقة الوطنية، يتم تهديدهم بالسيوف و”الزبارات”.
في سنة 2015 يتحدث الطالب الأمازيغي محمد خوي يروي أحداث عاشها عند قيام المعتقل السياسي حميد أعطوش بالتسجيل في شعبة الدراسات الأمازيغية بجامعة فاس، ساعتها لا يزال داخل السجن، كان محمد أنذاك في الجامعة، وفي لحظة إجتياز الإمتحانات يضيف ” كانت هذه العصابة مسلحة تمشي في مجموعات مكثفة، إذ عرفت الجامعة إنزال كثيف لهؤلاء الإرهابيون، ظنا منهم أن المعتقل السياسي حميد أعطوش يجتاز الإمتحانات، مزقو إسم حميد أعطوش في لائحة تحمل أسامي الطلبة الذين سيجتازون الإمتحانات، إقتحمو قاعة، كَسَّرُو الطاولات والكراسي مع تهديد الطلبة وتسجيل أسمائهم مرددين ‘هذا من الشوفين’ “.
يضيف الطالب الأمازيغي في حديثه “للعالم الأمازيغي” أن من بين الإغراءات التي يتم إخبار الطلبة بها من طرف هذه “العصابة” للإنظمام لفصيلهم من قبيل، تقديم بطاقة الأكل مجانا، وتوفير سكن بالحي الجامعي. مردفا “هي عصابة تتكون من طلبة ومعطلين، عمال ومجازين، أشخاص لا علاقة لهم بالجامعة، تجدهم يسيرون “حلقيات” ويقررون شؤون الطلبة، فحتى العنصر النسوي لم يسلم من جبروتهم، اعتقلن عدة مرات وجردوهن من ممتلكاتهن مع الضرب والتهديد بالاغتصاب وسحب شهادة البكالوريا والطرد من الجامعة، ذنبهن اختيارهن لشعبة الأمازيغية أو لباسهن ذو دلالة أمازيغية “.
وفي حديث الطالب الأمازيغي عن الاختطاف الذي تعرض له الطلبة الأمازيغ مؤخرا بجامعة سايس، عبر عن أسفه للحادث، واعتبر الأمر كارثيا، موضحا “بمجرد إطلاق سراحهم من طرف العصابة المجرمة، التي اعتقلتهم ليلة الخامس من يناير 2018 لمدة خمس ساعات، وكنت بجانبهم، كانت آثار الضرب بادية في جميع أنحاء أجسادهم، مما أدى لثقب في طبل الأذن لأحدهم ويحتاج لعملية جراحية مستعجلة، عيونهم كانت تسيل دمعا بعد كثرة الضغط عليها من طرف العصابة، كمحاولة لفقع عيونهم كي يصبحوا عُمْيا بعد أن صموا آذانهم”.
وفي كلمته الأخيرة قدم محمد خوي شُكره لجريدة “العالم الأمازيغي” التي عَبْرَها حكى ما يعيشه الطالب الأمازيغي بجامعة سايس، محملا المسؤولية للسلطات، مع تمنيه أن يتدخل عميد الكلية بفاس، وباقي أساتذة الدراسات الأمازيغية، لينقذوا هذه الجامعة، مشيرا أن ممارسة العنف ليس إلا ضعفا من طرف المُمارِس، “العنف قد ولى زمانه، وحل مكانه النقاش والمقارعة الفكرية، ولن ينتهي العنف بالجامعة المغربية ما دام هناك فصيل داخلها يعلن تبنيه للعنف ويمارسه كمبدأ”.