تنظم جريدة العالم الأمازيغي، التي أكملت للتو عشرين سنة من وجودها، ندوة وطنية حول “أفاق ومستقبل الامازيغية“، وذلك بمناسبة مرور عشر سنوات على الاعتراف برسمية الامازيغية في دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
وستشارك في الندوة الوطنية، المرتقب تنظيمها يوم السبت 17 يوليوز 2021، ابتداء من الساعة الثالثة زوالا، بمقر المكتبة الوطنية، بالرباط. فعاليات أمازيغية وبعض من قدماء المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية ومديري بعض المؤسسات التي لها صلة بالأمازيغية.
فيما يلي أرضية الندوة:
أرضية الندوة الوطنية حول “مستقبل الأمازيغية وأفاقها”
رغم مرور عشر سنوات على تصويت المغاربة على دستور فاتح يوليوز لسنة 2011، الذي نصّ في فصله الخامس على كون الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، مازال قطار انصاف الأمازيغية وإدماجها فعليا في الحياة العامة يسير سير السلحفاة بالنسبة للمتفائلين، وهو في تراجع إلى الخلف بالنسبة للمتشائمين من النشطاء الأمازيغ وكل الديمقراطيين التواقين لإتصاف عادل للأمازيغية بكل أبعادها.
إن الوثيقة الدستورية والقانون التنظيمي بشأن مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية رغم أهميتهما الأستراتيجية على كل الأصعدة بالنسبة لبلادنا، مازالا في حاجة إلى بيئة سياسية حاضنة وإلى شجاعة في القرار ومسؤولية في الفعل وإلى ربط النوايا باالأفعال. فتعاطي الكثير من السياسيين مع الموضوع مازال أسير الحذر والمناورات وحرب المواقع، وكذلك الشأن مع أطياف من المجتمع المدني.
لقد انتظر المغاربة بعد المصادقة سنة 2019على القانون التنظيمي رقم 16/26، المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات ادماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الاولوية، تحولا إيجابيا في تعاطي الحكومة مع الشأن الأمازيغي، غير أنهم ووجهوا بضرورة الانتظار حتى يخرج القانون التنظيمي رقم 04/16، المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، إلى حيزالوجود ليحرر الإرادات والعزائم.
بعد أن تحقق ذلك وبعد إالمصادقة على المرسوم رقم 2.60.600، بشأن تحديد تأليف اللجنة الوزارية الدائمة المكلفة بتتبع وتقييم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات سيرها، ظلت الأمور على ماكانت عليه ولم تتململ إلا قلبلا، وبقي الملف حبيس مخططات وزارية تفتقد إلى التواصل بشأنها حتى يتملكها المواطنون والمواطنات ويتتبعوا تقدمها من عدمه.
إن أزمة التواصل بشأن مجريات التدبير الحكومي للملف جعل من اللجنة التقنية المكلفة بتتبع وتقييم ومراقبة عمل الحكومة في ادراج الأمازيغية، مجرد آلية تنظيمية مجهولة الهوية تنتفي فيها أبسط شروط الحكامة الجيدة من شفافية وإشراك للفاعلين المدنيين وربط للمسؤولية بالمحاسبة، الشيء الذي أفرغ كل ما يصدر عنها من حين لآخر من كل مضمون يستحق الاهتمام.
لقد ساهم هذا الوضع الماسوف عليه في تعطيل مسلسل إنصاف الأمازيغية، بل هناك تراجع في الكثير من المجالات ذات الصلة، لعل أهمها ملف تدريس اللعة الأمازيغية، الذي ما زال يواجه كل أشكال مقاومة التغيير والتدبير المزاجي للملف من طرف بعض المسؤولين في الوزارة الوصية على القطاع سواء تعلق الأمر بالإدارة المركزية أو الأكاديميات الجهوية أوالنيابات أوالمؤسسات التعليمية.
يظهر جليا إذن أن ملف ترسيم الأمازيغية ومأسستها يحتاج إلى تحرير بعض السياسيين من أساطير أسست لإلغاء وإقصاء الأمازيغية من المشهد بحجج، الظاهر منها هو الخوف من أن تكون ضرة للغة العربية، والمضمر منها يرتبط بمشاريع سياسية عابرة للحدود لا تؤمن بالإختلاف والديموقراطية إلا تقية. كما يحتاج هذا الملف إلى فاعلين مدنيين وسياسيين يؤمنون بأهمية الأمازيغية في مصالحة الوطن مع ذاته وتقوية العيش المشترك والبناء الديمقراطي وعاملا مهما في تحقيق التنمية والنماء.
إن لقاءنا اليوم ليس فقط مناسبة للوقوف على حصيلة تدبير هذا الملف وأثرها على مستقبل مسلسل ترسيم ومأسسة الأمازيغية بل يروم أيضا استشراف المستقبل، فقد يكون الغد أفضل بعزمكم على المضي قدما بالملف رغم جيوب المقاومة وقوى النكوص.