الفضاء الافتراضي: بؤرة للتوتر ومهدد للتعايش الاجتماعي

بقلم: سعيد بنيس

أضحت البيئة الرقمية موقعا لانتشار ثقافة الكراهية بين رواده بفعل إمكانية البوح والتعبير عن الآراء التي تتيحها مساحة الحرية وهامش التسامح التي خلقها العالم الافتراضي، والتي لا يستطيع الفرد أن يعبر عنها في العالم الواقعي. فتحول الفضاء الافتراضي من مساحة للحرية وهامش للتسامح إلى بؤر للتوتر الرقمي، حيث تسود من خلاله حروب ذات طبيعة هوياتية وأخرى لغوية وأخرى دينية وأخرى ثقافية وأخرى ذات بعد إيديولوجي وعنصري …، يمكن اعتبارها صنفا من أصناف التصادم المجتمعي وبالتالي توصيفه والإحالة عليه من خلال مصطلح “التصادم الديجيتالي”.

لهذا في حالة انتقال هذا التصادم الديجيتالي إلى العالم الواقعي، فستنتج عنه تداعيات وتبعات وخيمة على التعايش الاجتماعي والتساكن المجتمعي. وكمثال على هذا التصادم يمكن سرد لا للحصر النعوت القدحية المتبادلة بين الناطقين بالأمازيغية والناطقين بالعربية، والحروب الدائرة بين أنصار فرق كرة القدم أو التعبيرات الديجيتالية المعادية للإسلام أو المترافعة عنه أو التدوينات التمييزية ضد المرأة أو النزوعات القدحية بين المنتمين لجهات ترابية مختلفة أو المدافعين عن الدولة أو المنتقدين لها …

من هذه الزاوية يمكن استنتاج أن البيئة الافتراضية انزاحت عن دينامية الاتصال المعولم وممارسات الانفتاح والتداول والتسامح والتعايش والعيش المشترك والحرية والتفاوض إلى جسر ووعاء لانتعاش وتوغل ثقافة الاختزال السياسي والعنف الديجيتالي وخطاب الكراهية والاكزينوفوبيا المجانية والإقصاء الثقافي والتنافر الوطني والتنمر الإيديولوجي.

بقلم الاستاذ بنيس

اقرأ أيضا

نداء استغاثة من واحة تينزرت: تخريب ونهب منظم يهدد نقوش جبل بودايو المصنفة تراثا وطنيا إنسانيا

تم توجيه نداء عاجل ومؤثر من واحة تينزرت التابعة لجماعة تغجيجت بإقليم كلميم، يكشف عن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *