الفن الأمازيغي بين الأصالة وضجيج الرداءة

لم يعد خافيًا على أحد أن سكتة قلبية تراود جسد الفن الأمازيغي واصبح اليوم مهدد بالموت السريري و يعيش أسوأ مراحله، رغم أن القلب ما زال يقاوم، ويبحث عن ومضة أمل تعيده إلى النبض من جديد، بعدما كان في الأمس القريب مدرسة قائمة بذاتها تحمل الذاكرة الجماعية واللغة والهوية ، إلا أنه يجد نفسه اليوم أمام منزلق خطير وصل إلى الحضيض، حيث صار الباب مفتوحًا لكل من يبحث عن الشهرة السهلة والربح السريع حتى صار الفن الأمازيغي عند البعض مهنة لمن لا مهنة له و أصبح المجال مفتوحًا لكل من هبّ ودبّ، ولم يعد الفن رسالة كما كان مع الرواد.

فبدل أن يكون الفنان حامل رسالة، صار اليوم مجرد “مؤدي” يبحث عن الأضواء بأي ثمن، ويوجه ما يمكن تسميتهم بـ أشباح الفنانين، أشخاص بلا تجربة ولا رؤية ولا مشروع إبداعي، يملؤون الساحة بأغاني بلا مضمون، ومنهم من يكررون اغاني الرواد بلا حسيب ولا رقيب، أصوات بلا إحساس، وكلمات تافهة لا علاقة لها بجذور الهوية ولا بعمق الثقافة الأمازيغية بالإضافة الى ضجيج فارغ لا يترك أثرًا، و كل ما يهمهم هو الظهور في الأعراس والمهرجانات…، أو حصد المشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي وبهذا يتحول الإرث الفني الأمازيغي العريق والاصيل إلى مجرد سلعة استهلاكية تافهة…

فهذا الوضع لا يعني غياب الأصوات الأصيلة، فهناك أسماء و أصوات مخلصة من ما زالوا يقاومون ويحافظون على عمق الأغنية الأمازيغية ورسالتها النبيلة، لكنهم أصبحوا قلة قليلة وسط تيار جارف من التفاهة التجارية، فالمخلصون للأغنية الأمازيغية يحتاجون إلى دعم حقيقي من الجمهور والمؤسسات الرسمية والإعلامية ، حتى لا يضيع صوت الهوية وسط ضجيج أشباح الفنانين.

ويبقى الأمل معقودًا على عودة الوعي بدور الفن، وأن يُدرك الفنان الأمازيغي أن مكانته ليست مجرد شهرة عابرة، بل مسؤولية تجاه اللغة، الهوية، والتاريخ، والارض، وان خطورة هذا الوضع تكمن أن البعض يقدَّمون للجمهور الوجه الجديد للفن الأمازيغي، في حين أنهم في الحقيقة يشوهون صورته.

ولهذا فان إنقاذ الفن الأمازيغي من هذا الحضيض يحتاج إلى دعم النقابات الفنية و الوزارة الوصية في تقديم الدعم لمن يستحقه، وتوفير فضاءات إنتاج وتوزيع حقيقية للفنانين الحقيقيين، وإرادة جماعية من الفنانين بالعودة إلى الجدية والإبداع الصادق، و من الجمهور بالتمييز بين الفن الأصيل والزائف، ومساندة الفنانين الحقيقيين، لان الفن الأمازيغي ليس مجرد أغانٍ للترفيه، بل هو ذاكرة وهوية، وإذا استمر الحال كما هو عليه، فإن الخطر الأكبر الذي يهدد الاغنية الامازيغية هو ضياع هذه الرسالة وسط طوفان من التفاهة والسطحية.

أكادير : إبراهيم فاضل

اقرأ أيضا

نشطاء أمازيغ يستنكرون إقصاء الأمازيغية من الهوية البصرية للمشاريع التنموية بالمغرب

عبّرت فعاليات ونشطاء الحركة الأمازيغية عن استيائهم من استمرار تهميش الأمازيغية وإقصائها من مختلف المشاريع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *