القديس أوغسطين… إرث فكري ثقافي من تقاليد التربية الأمازيغية

تعتبر شخصية القديس أوغسطين (354-430 م) والتي ستكون محور أشغال لقاء دولي السبت والأحد المقبلين بسوق أهراس، إرث فكري وثقافي نابض بالمنطقة التي أنجبت عدة أعلام في الفكر والفلسفة والدين وسائر ضروب الإبداع.

يشير دارسون إلى مزاوجة شخصية “القديس أوغسطين” بين الفلسفة والدين والبلاغة وما جاءت به كتاباته من رؤى فلسفية، وما حفلت به أفكاره عن الزمن والخلود، وهي كلها عوامل جعلته “أحد حلقات الموروث الفكري والثقافي لمنطقة طاغست وأحد أعلام الفكر والفلسفة والدين”.

وُلد القديس أوغسطين بسوق أهراس، مثله مثل أبوليوس المادوري صاحب رواية “الحمار الذهبي” وشهاب الدين التيفاشي وغيرهم من أعلام منطقة سوق أهراس.

واستنادا للدكتورة ويزة قلاز الأستاذة الباحثة بالمركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ بالجزائر العاصمة، فإنّ “عائلة أوغسطين كانت من البرجوازية المحلية، ووالده باتريسبوس كان ضابطا في الجيش وتمنى أن يرى ابنه في مقام مهم في الإدارة الإمبراطورية، فيما كانت والدته مونيك امرأة تقية وحازمة متمسكة بتقاليد التربية الأمازيغية، وكانت تتمنى أن يسير ابنها على خطاها الدينية”.

ويعتبر أوغسطينوس من أهم المراجع الأفلاطونية المعترف بها عالميًا ومن أهم أفكاره أنّ “الله يوجد فوق كل البشر وفي أعماقهم، كما كان يتحدث عن الذاكرة والذكاء والإرادة والبداية والامتنان لله وهو يؤكد على القدرة التي يمنحها العقل للاقتراب من حقيقة الأشياء”.

قلاز التي تعد أيضا باحثة وخبيرة في التراث لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، ذكرت أنّ سانت أوغسطين من مؤسسي الأفلاطونية المحدثة التي منها جاءت فكرة “مدينة الله” وقد كان متمكنا من اللاتينية ونوعا ما من اللغة اليونانية, مبرزة أن أوغسطين وفكره يدرس بأكبر جامعات العالم كألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية خاصة وهناك كراسي مخصصة لفكره.

من جهته، أوضح الأستاذ ياسين خذايرية باحث بجامعة سوق أهراس بأنّ أوغسطين يعدّ “من أكبر الفلاسفة الذين عرفتهم الإنسانية، حيث كان أسقفا لهيبون لمدة 34 عامًا كما كانت تلك الشخصية تفيد العالم بمحاضراتها وخطبها البليغة أدبيًا ودينيًا”.

وأضاف الأستاذ خذايرية أنّ أوغسطين ألّف عدة كتب أشهرها “الاعترافات” و”مدينة الله” وينتمي إلى العصر الذهبي لآباء الكنيسة, مشيرا إلى أنّ تلك الشخصية تلقت تعليمها بمدرسة طاغست، حيث كانت آنذاك برامج التعليم تشمل مواد متنوعة مثل اللغة اليونانية واللاتينية والعلوم الطبيعية والرياضيات والموسيقى.

ويبقى على المهتمين بفكر أوغسطين الذي ترجمت أعماله إلى عشرات اللغات، الاطلاع والاستفادة من تراثه الفكري والأدبي والفلسفي, حسب الأستاذ خذايرية الذي أضاف بأن تلك الشخصية تناولت عدة مواضيع منها أهمية القيم والتعايش السلمي والتسامح والدفاع عن الحرية والعدالة والكرامة.

وأبدع أوغسطين في مجال الحب والمحبة بين البشرية, حيث “كان كلامه عن المحبة جدير بأن يناقش ويحلل لأنه عنصر تلاقٍ بين تعاليم المسيح ابن مريم وتعاليم محمد عليه الصلاة والسلام”.

بدوره، اعتبر عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة سوق أهراس، رضا سلاطنية، أوغسطين (فيلسوفا مسيحيا عاش في العصور الوسطى وكان تأثير وجهات نظره بالغًا على الثقافة الغربية حيث دافع بقوة على مذهبه حول اعتماد الإنسان بصفة جذرية على النعمة الإلهية وهي قناعة تم الإفصاح عنها بالفعل في “الاعترافات”.

.الإذاعة الجزائرية

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *