كانت اللحظة المفصلية عند ما نودي المدثر ان قم فانذر بألفاظ جزلة عميقة واعدة ومتوعدة ومتحدية، فقال الملء الاعلى من قومه ان ما جاء به “اساطير الاولين اكتتبها”، فأجيبوا بان اتوا “بسورة مثله”؟. فعجزوا واعجبوا بسبكه، واخباره عن امم من قبلهم بأسلوب اخاذٍ موجز ملخص لكل ما حدث من قبل، فلم يجدوا فيه اختلافا ولا اختلاقا، ثم خلف من بعدهم خلف اقام الصلاة واتبع الشهوات. وقلد الطائفتين من قبلهم ، فدخلوا كل جحر ضلالة دخلوه، فغيروا معاني النص العصية والمحفوظة الفاظه من التغير .فافرغ من شحنته الروحانية ،فبقي كتابا مسطورا ونصا مهجورا قليل الحضور والتأثير في الوعي والشعور ،لغير ثلة موفقة ظلت متمسكة بروحه وهديه عبر العصور.
خاطب القرءان الامتين من قبلنا مبرزا ما يكتمون من الحق، وما يخفون من احداث اممهم مع انبيائهم وعما احدثوا مما لم يأمروا به وعما تركوا مما أمروا به فعموا وصموا.
بحكم الجغرافيا ظللنا نحن وامة النصارى فرسي رهان، يقلونا ونقلوهم (يكرهونا ونكرههم) “كلما كسرنا لهم قرنا طلع آخر” كل منا يتربص الدوائر بالأخر .ايامنا البينية السمحة والمتسامحة كانت استثناء ،وايام سعد اي منا كانت أياما نحسات على الاخر.
في احلك لحظات ضياعنا، وغفلتنا، تفكروا وتدبروا في خلق السموات والأرض، فاتسعت المساحات المعرفية بيننا سنين ضوئية، فأعادوا الكرة علينا مسلحين بمعارف لا تُتخيل، وادوات تدمير أبادوا بها منا مدنا واسقطوا دولا واذلونا وحتلوا اوطاننا واستحيوا نسائنا وشتتوا شملنا حتى اصبحنا اجسادا هامدة وعقولا مبرمجة على ما يحبون ثم حكموا في رقابنا من ارتضوا من بني جلدتنا.
الشيء الوحيد الذي ظل يؤرقهم هو مصحفنا الذي يمثل قوة دفينة ان وجدت من الثلة الخيرة المتبقية فينا من يوقظها، علموا بان التشكيك في مصدره لن يجدي نفعا، فقد فعلها أشياعهم من قبل فرجعوا خائبين، غير أنهم وجدوا انا ازلناه من حياتنا منذ اعزنا الله به قبل قرون، فظل الغيظ والحقد يغلي في قلوبهم على هذا الكتاب المحفوظ من غير البشر، كتاب باعث لأمل النهوض والوحدة في نفوس اتباعه، خاصة أن كل محاولات تغيره لم تنجح رغم نجاح تغير احكامه والتحاكم اليه.
جاء الهجوم عليه ممنهجا وممهدا له بالتعالي والحط من الفذ الرمز رسولنا الذي بلغه عن ربه ، فكانت آيات سلمان الهندي -المستقاة وهذا محزن من كتب بعض مشاهير علمائنا – باكورة كرتهم علينا فوهِنا واستسلمنا وقبلنا المهانة، فاشفعوها بأخريات اكثر تأثيرا لأنها رسوم ومجسمات أسهل فهما ، فحركت شعور شعوبنا التي بها بقية خير ، فانتصرت لمقام هاديها و لكتاب باريها.
سيدي محمد ولد جعفر