في ذكرى إغتيال المطرب الأمازيغي معطوب الونيس بالجزائر سنة 1998 من قبل الأصوليات المتشددة بالجزائر بتواطؤ مع نظام الجنرالات المستبد. سنكتب للحرية كتيمة إنسانية راقية وكهم لكل الأمم والشعوب وكحاجة ومطلب تناضل من أجلها وتسعى لتجسيدها وتحقيقها كمشترك إنساني، ضدا على كل أشكال العبودية والتحكم من قبل كل الأشكال السلطوية والدينية والإقطاعية وتعزيزا لكرامة وحرية الإنسان، وضرورة تحرره من كل الأوهام والأغلال الظالمة التي أهانت وتهين الإنسان كذات حرة وعاقلة ومميزة تستفيد من كل حقوقها الإنسانية الأساسية. في مثل هذا اليوم إغتيل الفنان الراقي الإنساني معطوب لونيس الذي بدأ حربه مع القوى المتطرفة بغيتارته وكان ضحية لمعركة الحرية التي خاضتها كل الأصوات الحداثية والديمقراطية وهي معركة ممتدة في الزمان والمكان ضد كل أشكال السيطرة والتحكم.
مناسبة ثانية لكتابة المقال هو المستجد السلبي الذي عرفه المشهد الحقوقي المغربي في هذا الشهر من إنتكاسة وردة حقوقية بإمتياز، المتمثلة في متابعة النيابة العامة لإنزكان لفتاتين بتهمة الإخلال بالحياء العام وفق مقتضيات المادة 238 من القانون الجنائي التي تنص على تجريم الإخلال العلني بالحياء، لباس الفتاتين العادي هو الذي أثار حفيظة وسعار ملتحي إنزكان مما جعلهم يعتدون ماديا ولفظيا على الفتاتين واللتان اختبأتا في محل تجاري حتى وصول عناصر الشرطة والتي للأسف إعتقلت الفتاتين وتابعتهما في صراح مؤقت ومتابعة قضائية في خرق سافر للحق في التجول والحق في السلامة الشخصية والحرية الفردية في اختيار اللباس وكل ما يتعلق بالفرد في علاقته بحاجياته واختياراته، هذه الانتكاسة الحقوقية والتي تأتي في سياق تنامت فيه أشكال الوصاية على القيم والحريات من قبل أصوليات دينية تعادي حقوق الإنسان وتكرس وتحن إلى الإضطهاد والتضييق، مما حذى بفعاليات نسائية وحقوقية بأكادير إلى التعبئة من أجل التضامن مع الفتاتين والتنديد بكل أشكال التضييق على حريات وحقوق المواطنين والمواطنات بالمغرب، خصوصا بعد مكاسب ومعارك وطنية من أجل حقوق الإنسان وحرية وكرامة المواطن المغربي ومن أجل بناء وطن حر يسع الجميع.
هذه القوى النكوصية والرجعية التي تهدد الدين كمشترك لجميع المغاربة وتهدد السلم والاستقرار الاجتماعي والتي تحاول التغلغل في أوساط المجتمع المغربي، عبر قنوات الدين ومؤسساته الإجتماعية وإستغلال مناسبات دينية كرمضان وبعض المساجد والعديد من المنازل وتخصيصها للوعظ والإرشاد، إن لم نقل التذجين والإستلاب، بالإضافة إلى إستغلال المستوى الدراسي والإجتماعي لفئات عريضة من المواطنين للتأثير في قناعاتهم الفكرية وخلخلتها، وتلقينهم أفكار متطرفة من شأنها غرس قيم العنف والتكفير في نفسية هؤلاء الضحايا، مما سيشكل صعوبة أمامهم في الإندماج الإجتماعي مع أسرهم والمجتمع، مما سيؤدي بهم إلى الإنخراط في خلايا إرهابية سرية تنشط في الأحياء والأسواق الشعبية، هذه الخلايا النائمة بدأت تتنامى داخل المجتمع وتنتشر نظرا لعوامل منها الخارجة عن دائرة الوطن كالتأثر أو التنسيق مع تنظيمات جهادية أخرى تعمل على إستقطاب الشباب وتدجين الأهالي، من أجل مشروعهم الرجعي في ضرب لقيم ونموذج عيش المجتمع المغربي المحب للتعايش والتسامح والحامل لقيم الحداثة والحرية، كل هذه التهديدات وتنامي مثل تلكم الخطابات وانتشارها داخل المجتمع يستدعي من كل الفعاليات الحقوقية والأصوات الديمقراطية أن تستنفر جهودها، من أجل فرملة هذا المد عبر نشر قيم الحرية والتعايش والإحترام بين مكونات المجتمع المغربي، وتفنيد وإسقاط كل المشاريع الإيديولوجية للتيارات الإسلاموية، التي تستغل الدين من أجل تنفيد أجنداتها السياسية عبر إشاعة الكراهية والتطرف بالمجتمع، بالإضافة إلى المسؤوليات الملقاة على عاتق الجهات الأمنية بضرورة التدخل من أجل حماية حقوق وحريات المواطنين الفردية والجماعية، وضرورة التفكير الجماعي لكل المتدخلين من أجل تنقيح ترسانة القوانين الوطنين المكرسة لكل ميز وتضيق على الحريات الفردية للمواطنين.