وافقت المحكمة الدستورية، أمس الخميس 12 مارس 2020، على القانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، المحال إليها يوم 17 فبراير 2020، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور.
وأوضحت المحكمة أن المواد 2 (الفقرة الأولى) و3 و6 (الفقرة الأولى) و9 (المقطع الأخير من الفقرة الأولى) و10 و19(الفقرة الأولى) ، ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير والملاحظات المسجلة بشأنها؛
وأضافت أن باقي المواد مطابقة للدستور؛ وأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية .
وفي ما يلي قرار المحكمة الدستورية:
المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المحكمة الدستورية
ملف عدد: 055/20
قرار رقـم: 103/20 م.د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المحكمة الدستورية،
بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، المحال إليها برسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بأمانتها العامة في 17 فبراير 2020، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛
وبعد اطلاعها على مذكرة ملاحظات السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 28 فبراير 2020؛
وبعد الاطلاع على باقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 ( 29 يوليو 2011)، لا سيما الفصل 132 منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)، لا سيما المادة 25 منه؛
و بعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولا – فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه هذه المحكمة مختصة بالبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛
ثانيا – فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:
حيث إنه، يبين من الوثائق المدرجة في الملف، أن القانون التنظيمي المذكور، اتخذ في شكل قانون تنظيمي، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد في 26 سبتمبر 2016، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وأودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب في 30 سبتمبر 2016، ولم يشرع في التداول فيه من قبل هذا المجلس، إلا بعد مضي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه بالإجماع في قراءة أولى، بجلسته العامة المنعقدة في 10 يونيو 2019، وبعد ذلك تداول فيه مجلس المستشارين، وأدخل تعديلات على بعض مواده، ووافق عليه بالأغلبية، في جلسته العامة المنعقدة في 23 يوليو 2019، ثم وافق عليه مجلس النواب بالإجماع في إطار قراءة ثانية في 26 يوليو 2019 بعد تعديل بعض مواده، ثم بعد ذلك تداول فيه مجلس المستشارين، ووافق عليه بالإجماع في 31 ديسمبر 2019، ُثم أحيل مجددا إلى مجلس النواب الذي صادق عليه نهائيا في قراءة موالية في 11 فبراير 2020؛
وحيث إن الفقرة الأولى من الفصل 85 من الدستور، نصت على أن التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية يتم وفق المسطرة المشار إليها في الفصل 84 الذي أقر في فقرتيه الأولى والأخيرة على أنه ” يتداول مجلسا البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو مقترح قانون بغية التوصل إلى المصادقة على نص واحد…”، وعلى أنه “يعود لمجلس النواب التصويت النهائي على النص الذي تم البت فيه…”؛
وحيث يستفاد من هذه الأحكام، من جهة، أن مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية، وكذا مشاريع ومقترحات التعديلات المدخلة عليها، التي تعد من مشمولاتها، يتعين عرضها وجوبا على كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين لتدارسها ومناقشتها والتصويت عليها، وذلك قصد التوصل بشأنها إلى المصادقة على نص واحد، ومن جهة أخرى، أن كل مجلس من مجلسي البرلمان يتداول في نص مشروع أو مقترح القانون التنظيمي الذي صوت عليه المجلس الآخر في الصيغة التي أحيل بها إليه، بما في ذلك التعديلات التي تكون قد أدخلت عليه؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على الأعمال التحضيرية للبرلمان، بخصوص القانون التنظيمي المعروض، أن:
– مجلس النواب أدخل خلال القراءة الثانية، تعديلا على المادة 10، التي صادق مجلسا البرلمان بشأنها،على نص واحد في القراءة الأولى، إذ وافق على استبدال تسمية “الهيئة الخاصة بتنمية استعمال اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم والترجمة” بتسمية “الهيئة الخاصة بتنمية استعمال اللغات الأجنبية والترجمة”، وأن مجلس المستشارين وافق، خلال القراءة الثانية، على هذه المادة بالصيغة التي أحيلت بها إليه،
– مجلس النواب أدخل، خلال القراءة الثانية، تعديلا على المادة 17 التي صادق مجلسا البرلمان عليها،على نص واحد في القراءة الأولى، إذ وافق على إضافة بندين إلى المادة المذكورة يتعلقان بالصلاحيات المسندة إلى “الهيئة الخاصة بتنمية استعمال اللغات الأجنبية والترجمة” ويهمان، على التوالي “إعداد الدراسات والأبحاث ومشاريع الآراء الكفيلة بتطوير الترجمة بين اللغتين الرسميتين واللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم” و”اقتراح التدابير التي من شأنها تعزيز حركة الترجمة”، وأن مجلس المستشارين وافق، في القراءة الثانية، على البندين المذكورين بنفس الصيغة التي أحيلا بهما إليه،
– مجلس المستشارين، أدخل خلال القراءة الثانية، تعديلا على المادة 51 التي صادق مجلس النواب، بشأنها، في قراءة ثانية، على نص واحد، إذ وافق على حذف أحكام الفقرتين الثالثة والأخيرة من المادة المذكورة، اللتين تنصان على التوالي على أنه” يتم حل معهد الدراسات والأبحاث والتعريب المحدث بالمرسوم رقم 2.59.1965 الصادر في 15 من رجب 1379(14 يناير 1960)، و تنقل مجانا بصفة تلقائية الممتلكات العقارية والمنقولة الموضوعة رهن إشارته وكذا الموارد البشرية العاملة به إلى المجلس الوطني وذلك وفق الكيفيات المحددة بنص تنظيمي”، وعلى أنه “تستفيد الموارد البشرية التي تزاول مهامها بمعهد الدراسات والأبحاث والتعريب من نفس المقتضيات المنصوص عليها في المادة 49 من هذا القانون التنظيمي”، وأن مجلس النواب أدخل خلال قراءة موالية، تعديلا على نفس المادة بإعادتها إلى صيغتها التي أحيلت بها، في قراءة ثانية، إلى مجلس المستشارين؛
وحيث إنه، لا يعتد إلا بأحكام الدستور، فيما يخص البت في دستورية قانون تنظيمي، سواء تعلق الأمر بالإجراءات المتبعة لإقراره، أو بتلك المتعلقة بجوهره؛
وحيث إن حق التعديل المكفول على السواء لأعضاء مجلسي البرلمان وللحكومة، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 83 من الدستور، الذي قد يكون إما بالإضافة أو الحذف أو التغيير أو التنقيح أو التصحيح، يجب أن يمارس في تقيد بباقي أحكام الدستور، لاسيما ما تتطلبه قاعدتا التداول بين المجلسين، والتصويت النهائي الذي خص به الفصل 84 من الدستور مجلس النواب، وأوكل إليه تقدير إعماله؛
وحيث إن القاعدتين الدستوريتين المشار إليهما، تحددان، أيضا، نطاق ما يجوز لمجلسي البرلمان من تعديل لمقتضيات سبق أن توصلا بشأنها إلى المصادقة على نص واحد؛
وحيث إنه، يجوز لمجلسي البرلمان، ضمن هذا النطاق، إدخال تعديلات على مقتضيات سبق أن توصلا بشأنها إلى المصادقة على نص واحد، متى كانت التعديلات المذكورة تروم التقيد بأحكام الدستور، أو ملاءمة المقتضيات المصادق عليها، أو تصحيح خطإ مادي، أو الملاءمة بين مقتضيات تشريعية معروضة على البرلمان، أو لها صلة مباشرة بمقتضيات لم يتم بعد التوصل إلى المصادقة على نص واحد بشأنها؛
وحيث إنه يبين، من جهة، أن التعديلين المدخلين من قبل مجلس النواب، خلال القراءة الثانية، على المادتين 10 و17 لهما صلة مباشرة، من حيث موضوعهما، بأحكام المادتين 12 و14 من القانون التنظيمي المعروض واللتين لم يتوصل المجلسان بشأنهما إلى نص واحد خلال القراءة الأولى؛
وحيث إنه، من جهة أخرى، فإن مجلس النواب، الذي يعود له التصويت النهائي على النص المعروض، أدخل خلال قراءة موالية، تعديلا على المادة 51 بإعادتها إلى صيغتها التي أحيلت بها إلى مجلس المستشارين، وهي نفس الصيغة التي توصل كل من المجلسين بشأنها إلى المصادقة على نص واحد خلال القراءة الثانية بمجلس النواب؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق، تكون التعديلات السالفة الذكر، من حيث موضوعها، ونطاقها، وكيفيات التداول فيها، والتصويت عليها، تقيدت بالحدود الدستورية المقررة لممارسة حق التعديل، مما يكون معه شكل تقديم القانون التنظيمي المعروض، وإجراءات إعداده والتداول فيه والتصويت عليه، مطابقا لأحكام الفصول 83 و84 و85 من الدستور؛
ثالثا – فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن الدستور نص في الفقرة الأخيرة من فصله الخامس على أنه يحدث مجلس وطني للغات و الثقافة المغربية، يحدد قانون تنظيمي صلاحياته و تركيبته و كيفيات سيره؛
وحيث إن القانون التنظيمي المعروض على أنظار هذه المحكمة، يتكون من 51 مادة موزعة على عشرة أبواب، يتضمن الباب الأول أحكاما عامة (المادتان1 و2)، ويتعلق الباب الثاني بصلاحيات المجلس الوطني (المواد 3-5) والثالث بتأليف المجلس الوطني (المواد 6-9) والرابع بمؤسسات وهيئات المجلس الوطني (المواد 10-17) والخامس بأجهزة مؤسسـات وهيئـات المجلس الوطني (المواد 18-29) والسادس بكيفيات سير أجهزة مؤسسـات وهيئـات المجلس الوطـني (المـادة 30) والسـابع بأجهـزة المجلـس الوطـني (المواد 31-35) والثامن بكيفيات سير المجلس الوطني (المادتان 36 و37) والتاسع بالتنظيم الإداري والمالي للمجلـس الوطني (المواد 38-44) والعاشر يتضمن أحكاما مختلفة وانتقالية (المواد 45 – 51)؛
وحيث إنه، بعد دراسة أحكامه، مادة مادة؛
في شأن المادة الثانية (الفقرة الأولى):
حيث إن المادة الثانية نصت في فقرتها الأولى، على أنه “يعتبر المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، بصفته مؤسسة دستورية وطنية مستقلة مرجعية في مجال السياسة اللغوية والثقافية، شخصا اعتباريا من أشخاص القانون العام، يتمتع بالاستقلال الإداري والمالي”؛
وحيث إنه، لئن كان الدستور لا ينص صراحة على استقلال المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، على غرار مؤسسات أخرى، فإن الفقرة الأخيرة من الفصل 5 من الدستور، أسندت إلى قانون تنظيمي تحديد صلاحيات هذا المجلس، وتركيبته وكيفيات سيره، وأوكلت إليه على وجه الخصوص، مهمة “حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا”، مما يستفاد منه أن الغاية التي من أجلها نص الدستور على إحداث المجلس المذكور، يتوقف تحقيقها، على توفره على استقلال مؤسساتي، يعود للمشرع تحديد مداه وشروطه؛
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أحكام القانون التنظيمي المعروض، أن المشرع اختار، استنادا إلى سلطته التقديرية، إضفاء صفة الشخصية الاعتبارية للقانون العام على المجلس المذكور، وخوله استقلالا إداريا وماليا (المادة 2) يسمح له بالنهوض، على أفضل وجه، بالمهام التي حددها له الدستور، وأسند لجمعيته العامة صلاحية المصادقة على مشروع ميزانية المجلس، وعلى مشروع النظام الأساسي للموارد البشرية العاملة به (المادة 32)، وحدد أبواب ميزانية المجلس من موارد ونفقات (المادة 41)، وأوكل لرئيس المجلس صفة الآمر بقبض مداخيل المجلس وصرف نفقاته (المادة 41)، و أخضعها للمراقبة القضائية والمالية المطبقة على سائر أجهزة الدولة (المادة 42)، مما يكون معه المشرع، قد باشر سلطته التقديرية، إعمالا لما يتطلبه تمكين المجلس من استقلال مؤسساتي لازم للقيام بمهمته الدستورية؛
وحيث إنه، مع مراعاة ما سبق، ليس في الفقرة الأولى من هذه المادة ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة الثالثة:
حيث إن المادة الثالثة من القانون التنظيمي المعروض، حددت المهام التي يضطلع بها المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والصلاحيات المسندة إليه لإنجاز المهام المذكورة؛
وحيث إن الفقرة الأولى من هذه المادة تنص على أنه ” يضطلع المجلس الوطني بمهمة اقتراح التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال السياسة اللغوية والثقافية، والسهر على انسجامها وتكاملها، ولاسيما ما يتعلق منها بحماية وتنمية اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية وكذا الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، وبتنمية الثقافة الوطنية والنهوض بها في مختلف تجلياتها، وحفظ وصون التراث الثقافي المغربي وتثمينه، وتيسير تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، والمساهمة في تتبع تنفيذ هذه التوجهات، بتنسيق مع السلطات والهيئات المعنية.”؛
وحيث إن التشريع، وفق القانون التنظيمي، يتم في نطاق الموضوعات المحددة له، احتراما لسمو الدستور؛
وحيث إنه، لئن كانت الفقرة الأخيرة من الفصل 5 من الدستور أسندت إلى المجلس الوطني، على وجه الخصوص، مهمة “حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا”، فإن ذلك لا يحول، دون إمكانية إسناد المشرع، في نطاق سلطته التقديرية، مهام أخرى لهذا المجلس، شرط ارتباطها عضويا بالمهمة الدستورية الموكلة إليه، وتقيدها بنطاق الالتزامات الدستورية للدولة في مجالي السياسة اللغوية والثقافية، وعدم مساس المهام المذكورة في طبيعتها ومداها، بالاختصاصات المسندة إلى مختلف السلط بموجب أحكام الدستور؛
وحيث إن المهمة الموكولة للمجلس، طبقا لأحكام الفقرة الأولى من المادة الثالثة المشار إليها، ثابتة الصلة بالمهمة الدستورية المسندة إليه بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 5 من الدستور، ومرتبطة ارتباطا عضويا بالتزامات الدولة المتعلقة بالسياسة اللغوية والثقافية، المقررة، بأحكام الفقرة الخامسة من الفصل 5 من الدستور، ولا تتعدى نطاق الاقتراح، والسهرعلى انسجام وتكامل السياسة المذكورة، والمساهمة في تتبع تنفيذ التوجهات الاستراتيجية للدولة المتعلقة بها، والتنسيق مع السلطات والهيئات المعنية؛
وحيث إنه، إضافة إلى ما تقدم، فإن مهام المجلس، على النحو الذي وردت به في الفقرة الأولى من المادة الثالثة السالف ذكرها، راعت تنوع مختلف التعبيرات الثقافية المغربية، إذ أناطت بالمجلس مهمة النهوض بالثقافة الوطنية في مختلف تجلياتها، في تلاؤم وانسجام مع الفقرة الثانية من تصدير الدستور، التي أقرت تنوع مقومات الهوية الوطنية الموحدة “بانصهار كل مكوناتها، العربية-الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”؛
وحيث إن الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس من الدستور، أسندت تحديد صلاحيات المجلس الوطني للغات والثقافة إلى قانون تنظيمي؛
وحيث إن الصلاحيات المخولة للمجلس، بمقتضى أحكام الفقرة الثانية من المادة الثالثة المعروضة، جاءت، من جهة أولى، منسجمة مع المهمة الدستورية الموكلة إليه، ولم تتعد، من جهة ثانية، نطاق إبداء الرأي (البنود الأول و4 و13)، والاقتراح (البنود 2 و5 و6 و9 و10 و11)، والدراسة والرصد والتحليل (البنود 3 و7 و8 و12) وتيسير التشاور والحوار والتعاون بين الفاعلين في مجال التنمية اللغوية والثقافية (البند 14)، ولا تمس باختصاص باقي السلط الدستورية ولا تتداخل مع الاختصاصات المخولة لمؤسسات أوهيئات استشارية أخرى؛
وحيث إن ما نصت عليه أحكام البند الثاني من الفقرة الثانية من هذه المادة، من تخويل المجلس صلاحية “اقتراح التوجهات الاستراتيجية للسياسة اللغوية والثقافية التي سيتم اعتمادها في مختلف مجالات الحياة العامة”، لم يتجاوز نطاق المهمة الدستورية المسندة إلى المجلس، ولم يتعده إلى التداول في التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في المجالين اللغوي والثقافي، وهو اختصاص يعود للمجلس الوزاري طبقا للفصل 49 من الدستور؛
وحيث إنه، مع مراعاة هذا التفسير، ليس في هذه المادة ما يخالف الدستور؛
في شأن المادتين السادسة (الفقرة الأولى) و19 (الفقرة الأولى):
حيث إن الفقرتين الأوليين من هاتين المادتين، نصتا على التوالي على أنه “يتألف المجلس الوطني، علاوة على رئيسه الذي يعين بظهير شريف، ….من تسع وعشرين (29) عضوا مع العمل على احترام مبدإ المناصفة كما هو منصوص عليه في الفصل 19 من الدستور…” وعلى أنه ” يعين بظهير شريف مدير كل مؤسسة أو هيئة من مؤسسات المجلس الوطني وهيئاته …مع مراعاة مبدإ المناصفة كما ورد في الفصل 19 من الدستور”؛
وحيث إنه، يتعين على المشرع، وفق سلطته التقديرية، تحديد كيفيات إعمال الهدف الدستوري المتمثل في السعي إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، المقرر بمقتضى أحكام الفقرة الثانية من الفصل 19 من الدستور، بكونه وسيلة لضمان الطابع الفعلي للمساواة بين الجنسين، على النحو المقرر في الفقرة الأولى من الفصل 19 والفقرة الثانية من الفصل 6 من الدستور؛
وحيث إن السعي من أجل تحقيق مبدإ المناصفة، لا ينحصر مجال إعماله، على المقتضيات التشريعية التي من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية، وإنما يشمل أيضا، سن القواعد وتحديد السبل التي من شأنها تعزيز ولوج النساء إلى المهام العمومية غير الانتخابية؛
وحيث إن مقتضيات الفقرتين الأوليين من المادتين السالف ذكرهما، جاءت لإعمال هدف مقرر في الدستور، و ليس فيها ما يخالف أحكامه؛
في شأن المادة التاسعة ( الفقرة الأولى، المقطع الأخير)
حيث إن هذه المادة تنص على أنه ” تنتهي العضوية في المجلس الوطني” … “أو عند القيام بأعمال أو تصرفات تتنافى مع الالتزامات المرتبطة بالعضوية في المجلس الوطني.”؛
وحيث إنه، إذا كان من الواجبات المنوطة بالعضو في المجلس الحرص على القيام بما تتطلبه مهمته من التزام وجدية، فإن تحديد الأعمال و التصرفات المتنافية مع التزامات العضوية في المجلس ينبغي أن لا تمس بالحقوق و الحريات المضمونة دستوريا؛
و حيث إنه مع مراعاة ذلك، ليس في هذا المقتضى، ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة العاشرة:
حيث إن المادة العاشرة من القانون التنظيمي المعروض تنص على أنه ” تطبيقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 5 من الدستور، يضم المجلس الوطني كلا من أكاديمية محمد السادس للغة العربية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وتحدث لديه الهيئات التالية : – الهيئة الخاصة بالحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية الأخرى؛ – الهيئة الخاصة بالتنمية الثقافية وحفظ التراث؛ – الهيئة الخاصة بتنمية استعمال اللغات الأجنبية والترجمة”؛
وحيث إن إعمال التزام الدولة بالسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، على النحو المنصوص عليه في الفقرة الخامسة من الفصل 5 من الدستور، يقتضي، فيما يخص هيكلة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وجوب ضمه لكل المؤسسات المعنية بمجالات مهمته ، طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 5 من الدستور؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على أحكام القانون التنظيمي المعروض، أنها خولت صفة الشخص الاعتباري للقانون العام للمجلس الوطني وحده، دون غيره ، من المؤسسات والهيئات المضمومة إليه، أو المحدثة لديه (المادة 2)، وأقرت، تبعا لذلك، صفة العضوية بالمجلس لمسؤولي المؤسسات والهيئات المذكورة (البند ب، الفقرة الثانية من المادة 6)، وحددت لتلك المؤسسات والهيئات، بمقتضى المواد 12 و14 و15 و16 و17 اختصاصات ذات طبيعة تحضيرية لعمل الأجهزة التداولية والتنفيذية للمجلس من جمعية عامة، ورئيس المجلس الوطني ومكتب تنسيق (المادة 31)، وأحدثت ضمن الهيكل المؤسساتي للمجلس، هيكلة تنظيمية متجانسة تنطبق على كافة مؤسسات المجلس وهيئاته (المواد 18 و19 و20 و27 و28 و29)، وأقرت مبدأ تولي مدير المؤسسة أو الهيئة المعنية مهمة تدبيرها تحت سلطة رئيس المجلس الوطني (الفقرة الثانية من المادة 19)، وكذا مبدأ ممارسة جميع مؤسسات المجلس وهيئاته للاختصاصات المسندة إليها “تحت سلطة رئيس المجلس الوطني ووفق توجيهات الجمعية العامة، في إطار تناسق المهام المسندة إلى المجلس الوطني وتكاملها” (المادة 21)؛
وحيث إنه، بالإضافة إلى ما تقدم، فإن أحكام القانون التنظيمي المعروض منحت صفة العضوية بمكتب تنسيق أشغال المجلس الوطني لمديري المؤسسات والهيئات التي يضمها (المادة 34)، وأجازت للرئيس تفويض، تحت مسؤوليته، جزءا من صلاحياته إلى أعضاء مكتب تنسيق أشغال المجلس أو أي مسؤول آخر بالمجلس (الفقرة الأخيرة من المادة 33)، وأناطت بالمكتب المذكور تنسيق عمل مؤسسات المجلس الوطني وهيئاته (الفقرة الأولى من المادة 35)، ونصت على تعيين رئيس المجلس الوطني مديري مؤسسات المجلس وهيئاته آمرين بالصرف مساعدين، كل واحد فيما يخصه (الفقرة الأخيرة من المادة 41)، وقضت بنسخ مقتضيات النصوص المحدثة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وأكاديمية محمد السادس للغة العربية ابتداء من تاريخ تنصيب المجلس الوطني ومؤسساته وهيئاته، ونصت على حل معهد الدراسات والأبحاث للتعريب ابتداء من نفس التاريخ(المادة 51)، إعمالا للمتطلب الدستوري، المتمثل في ضم كل المؤسسات المعنية، من حيث موضوع نشاطها، بمجال مهام المجلس، كيفما كانت درجة النصوص التي أحدثت بموجبها المؤسسات المذكورة، في التراتبية القانونية؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون اختيارات المشرع، فيما يتعلق بالهيكلة المؤسساتية للمجلس، تقيدت بالمتطلب الدستوري المتمثل في إقامة مجلس يضم كل المؤسسات المعنية بالمجالات المندرجة ضمن مهامه، ولم تحدث، داخل المجلس المذكور، هياكل قائمة لمؤسسات مستقلة، وراعت المستلزمات التنظيمية والمؤسساتية المترتبة عن إعمال مبدإ انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، مما تكون معه أحكام المادة العاشرة غير مخالفة للدستور؛
لهذه الأسباب:
أولا – تصرح :
1- بأن المواد 2 (الفقرة الأولى) و3 و6 (الفقرة الأولى) و9 (المقطع الأخير من الفقرة الأولى) و10 و19(الفقرة الأولى) ، ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير والملاحظات المسجلة بشأنها؛
2- بأن باقي المواد مطابقة للدستور؛
ثانيا – تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية .
وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الخميس 17 من رجب 1441
(12 مارس 2020)
الإمضاءات
اسعيد إهراي
عبد الأحد الدقاق، الحسن بوقنطار ، أحمد السالمي الإدريسي، السعدية بلمير
محمد بن عبد الصادق، مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي
محمد المريني، محمد الأنصاري، ندير المومني، محمد بن عبدالرحمان جوهري