منذ سنة 1994 ودولة المغرب تقدم ملفها لإحتضان أكبر تظاهرة رياضية عالمية، يتعلق الأمر بكأس العالم لكرة القدم؛ إلا أن ملف المغرب طيلة خمس مناسبات يتم رفضه أحيانا، أو بالتصويت لصالح دولة منافسة أحيانا أخرى؛ هذا وتم يوم الأربعاء 13 يونيو 2018، الحسم في اسم الملف الذي سيحظى بشرف استضافة مونديال 2026، وذلك عن طريق التصويت الإلكتروني الذي شارك فيه 204 اتحادا كرويا منضويا تحت لواء “الفيفا”، من أصل 211، مع منع الدول الأربع المتنافسة من التصويت، يتعلق الأمر بالمغرب ودول الملف المشترك “الولايات المتحدة الأمريكية ـ كندا ـ المكسيك”، إضافة لثلاث دول تابعة سياسيا للولايات المتحدة الأمريكية.
بعد هذا الفشل للمرة الخامسة لدولة المغرب في احتضان نهائيات كأس العالم 2026، وحصول الملف المشترك على 134 صوتا، مقابل 65 صوتا لفائدة الملف المغربي؛ رصدت جريدة “العالم الامازيغي”، أراء مختلفة ومواقف من تصويت أغلبية الدول لصالح “التحالف الاشتراكي”، لإحتضان كأس العالم لمونديال 2026، وكيف يرى النشطاء قرار بعض دول الخليج التي إختارت التصويت لأمريكا بدل ملف المغرب؟.
في تصريح “أبوبكر حديد” أستاذ وناشط امازيغي، يرى أن المغرب من الناحية التقنية واللوجستيكية لا يستحق تنظيم محفل كروي ضخم مثل كأس العالم، لهذا فموقف الدول المصوتة لصالح ملف أمريكا شيء منطقي. لكن حسب رأيه “ما فعلته السعودية ومعها دول الخليج يعبر عن زيف شعارات، كشعار الوحدة العربية. لذا وجب على المغرب الرجوع لأصوله الحقيقية وهويته الامازيغية بعمقه الإفريقي”.
من منظور “أيت الجود مقران” من الدولة الشقيقة الجزائر، صرح لجريدة “أمضال” أن قرار تصويت السعودية لصالح الملف المشترك بالنسبة له لم يكن مفاجئا، إذا ما أخذنا تصريحات رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية “تركي آل الشيخ” بعين الاعتبار، والذي قال بالحرف “مصالح بلده فوق كل اعتبار واللون الرمادي لم يعد مقبولا بيننا”، لكن المفاجئ حسب الناشط الجزائري “حشد السعودية أتباعها، لتفرض عليهم الوصاية للتصويت لنفس الملف، مما لا يدع مجالا للشك أن الديبلوماسية المغربية والسياسة الخارجية فشلت حتى في ضم أصوات من تعتبرهم إخوة وأشقاء وأمة واحدة وتجمعهم مصالح مشتركة”.
في ما ذهب رأي “احماد بويسان” ناشط مغترب بأوربا، رغم عدم ولعه بكرة القدم، إعتقد أن”نتيجة التصويت لصالح الملف الامريكي/ الكندي/ المكسيكي، لتنظيم كأس العالم لكرة القدم سنة 2026 كانت متوقعة، ومن يتوقع العكس كمن يصدق خرافة كنز بولمان! لأن المغرب كان منفردا في مواجهة ملف ثلاثي جماعي لدول كبرى، تتمتع ببنية تحتية قوية. وخلص “بويسان” إلى أن التصويت لصالح احد المتبارين لتنظيم المونديال، ليس معيارا حاسما في رسم خارطة العلاقات الدولية.
هذا ووصف “خالد الوعزاني” أستاذ اللغة الامازيغية، التصويت للملف المشترك، “بالتصويت الصائب نظرا لمكانة الدول المنافسة حول التنظيم، فلا مقارنة بين دولة لها نصيب الاسد في التصنيف العالمي، سواءا من حيث الحقوق والحريات وكذا الاقتصاد.. وبين شبه دولة تحكمها عصابات تنهب كل شيء لصالح اعضاء عائلتها دون حسيب ولا رقيب. بلادنا هاته حسب “الوعزاني” تحتوي على خيرات لا تملكها المنافسة، لكنها تفتقر لضمير وطني غيور ومسؤول، مما يجعلها يتيمة في شتى المجالات.. فلا بنيات تحية ولا وعي مجتمعي يشرفنا، وخير دليل على ذلك، اعتبارنا “جزء لا يتجزأ من الوطن العربي في مقابل ذلك يصيفوننا أهل الخليج الذين يُعتبرون العرب الحقيقيين ـ بالبربر ـ كشهادة منهم أن الشمال الافريقي ليس عربيا ورغم ذلك لم تستفق العقلية المروكية من استلابها الفكري”.
في ما ذَكَّرنا “محمد العمراني” بصفته باحث، بأحد تصريحات رئيس لجنة ترشيح المغرب لاحتضان مونديال 2026 لكرة القدم، حين قال “أن الخط السككي الفائق السرعة ـ تيجيفي ـ سيتم توسيعه ليربط بين الدار البيضاء وكل من مراكش ووجدة، في حال فوز الملف المغربي بتنظيم المونديال، كما أن أي مدينة ستحتضن مباريات كأس العالم سيُشيَّد فيها مستشفى جامعي مكتمل التجهيز. مشددا على أن جميع الاستثمارات التي سيقوم بها المغرب في التجهيزات والبنيات التحتية ستكون بهدف استفادة المواطنين منها ولن تكون مقتصرة على كأس العالم فقط”، مما سبق يتسائل الباحث، بعد أن خسر المغرب الرهان: هل لا تزال هذه المشاريع قائمة إلى اليوم؟ وهل المغرب هو المناطق التي تصل إليها سكك الحديد فقط؟ لماذا سننتظر سنة 2026 من أجل أن يُشيَّد مستشفى جامعي بورزازات التي تقرر أن تحتضن ملعبا لهذه التظاهرة؟.
ويضيف “العمراني” في تصريحه “لأمضال”، لولا ما وقع مؤخرا في بولمان، وما تم ترويجه بمكناس، وفضائح أخرى لا يتسع المجال لذكرها، لقلت بأن المغاربة واعون تماما بأن بلادهم وقعت بين أيدي لصوص وعائلات فاسدة. لكن حينما وجدت بأن معظم الشعب “مكلخ” (ولا أعمم بطبيعة الحال). فأنا أرفع القبّعة لحفيظ العلمي وللوزير بوسعيد وللداودي والعثماني… وغيرهم كثير، فالمداويخ أثبتوا صحة ما نعثوا به غير ما مرة. وبالنسبة لتصويت بعض الدول العربية للملف الأمريكي يختم الباحث، “هذا أمر عادي جدا، نحن أمازيغ فل يصوت العرب لمن شاؤوا ! نحن نطرح سؤال من له الحق في استثمار أموال الشعب خارج رغبته؟ ومن أين له الشرعية في فعل ذلك؟ لأننا شعب محكوم وليس بحاكم. لذلك قلت غير ما مرة بأننا رغم وعينا بالأزمة نعتقد بأننا نقوم بالنضال من أجل حلها! لكن في الحقيقة نحن أبحنا جزءا من هذه الأزمة، لأننا تشرّبنا مفاهيم المستعمر (العسكري والديني)”.
من جانبه إعتبر “احماد نايت موحى” أستاذ بالسلك الابتدائي، تصويت الدول الخليجية و غيرها ل “USA” أمر جد عادي، لأن السياسة و الاقتصاد يتحكمان في الكرة، ولا لوم على من صوت ضد الملف المغربي خاصة السعودية والإمارات… لأنه حسب رأي “احماد”، “لو قمنا بتبادل الأدوار بين هذه الدول والمغرب، كان المغرب أكيد سيصوت ل USA، فلا أجد مبررا لكل هذا اللوم والتخوين للسعودية والإمارات… على عدم تصويتها لصالح الملف المغربي، لأن الكرة مصالح غير مستقلة عن المصالح السياسية والاقتصادية، ولا علاقة لها بالانتماء الهوياتي أو الديني أو اللغوي أو العاطفي”، والسؤال الذي يجب طرحه حسب “نايت موحى”، ماذا كان سيمنح المغرب للسعودية أو لغيرها في مقابل التصويت له؟ طبعا لا شيء …إضافة أنه وبتحكيم العقل وبعيدا عن العاطفة فملف “USA” ملف أقوى بكثير من الملف المغربي، فالفرق واضح بين الملف الذي يتضمن ملاعب على أرض الواقع، ويمكنه أن ينظم البطولة العالمية من اليوم، و بين ملف يتضمن ملاعب على الورق.
في ما لم يتفاجئ “يوسف بن اعمر” ناشط جمعوي بنتائج التصويت، حيث حسب رأيه “إذا رجعنا الى أم الاستحقاق، فلا أحد ينكر أحقية الملف الثلاثي على الملف المغربي: تقنيا وعرضا وجاهزية وأملا في عائدات مالية مهمة، مع العلم أن الامر لم ينبني على هذه النقط بتاتا، فلو كان كذلك لحصل المغرب عن أقل مما حصل عليه من الاصوات بكثير”. معتبرا التصويت يكون سياسيا وسياديا ومصالح اقتصادية، مضيفا أن من صوت للمغرب إما أنه ينافقه لعلمه المسبق أنه لن يفوز أصلا، وبالتالي التصويت للمغرب كان عبارة عن كسب ثقة المغرب في أمور أخرى كحال الجزائر، أو لأمله في كسب صفقات في حالة فوزه، كحال فرنسا مثلا، باعتبارها الخاسر الاكبر من صفقات البناء والتشييد، شأنها شأن تركيا التي كانت شركاتها تغزوا المغرب في مشاريع الاوراش الكبرى كميناء الناظور المتوسط.
لكن ما خلقه ما يسمى بخيانة الاخوة (دول الخليج)، حسب الناشط الجمعوي هو “فهم بكل بساطة، راجع الى دعم قطر للملف المغربي ومحاباة المغرب لهذه الاخيرة في الاونة الاخيرة، وهو ما خلف استياء لدى هذه الدول ليتبين ان العرب ليس لهم مبدأ اصلا. في مقابل ذلك هناك دول صوتت لصالح المغرب لعلاقتهم المبنية على الاحترام المتبادل والصداقة التاريخية ـ السينغال ومالي ـ كمثال”.
في ما ذهب رأي الفاعل الأمازيغي “يَسَانْ أملاگو”، إلى دخول غمار المنافسة، على تحدي يستوجب فيه استحضار إمكانيتي النصر والإخفاق، خصوصا حين تكون في مواجهة بلدان لها من الإمكانيات المادية والبشرية ما يجعلها مستعدة للتحدي الآني.
ورغم عدم فوز المغرب بشرف تنظيم مونديال 2026 يضيف الفاعل “فإن المغرب استطاع الاستفادة من اشهار لن توفره له أي مناسبة أخرى ولا نفق أموال طائلة، لإشهار لمؤهلاته السياحية والثقافية والحضارية وتسويق صورة بلد يحاول الانفلات من الفقر والتخلف، مركزا على انتمائه الأفريقي والمتوسطي أمام ملايير المشاهدين وآلاف قنوات التلفزة.
والسؤال المطروح وبحدة يسترسل “يسان”، هل سنستفيد من تراكم التجارب ويتجه المسؤولون بالبلد نحو إنزال كل المشاريع المبرمجة في إطار مخطط مغرب 2026؟ وإتباع سياسة تنموية تستهدف الرفاهية الاجتماعية ومنح الحرية للشعب ودمقرطة المجتمع؟ أم انها فرصة ضائعة اخرى مع التاريخ؟، في ما خلص الناشط الامازيغي في تصريحه لجريدة “أمضال” إلى وصف تصويت العرب، على الملف الثلاثي هو إنسجام مع طبيعتهم وتأكيدهم أنهم مجرد دول مارقة داخليا، عميلة خارجيا لحاميها. كل هذا لا يرسخ، لمن يحتاج الى دليل، إلا اختلافنا معهم في كل شيء انتماءا و هويتا و مصيرا.
هذا ووصف “كريم باقشيش” مهاجر مغترب بأمريكا، التحالف المشترك بالقوي والابرز بشكل واقعي، جاهزيته واضحة للعرس الكروي العالمي من جميع النواحي ـ ملاعب ذات جودة ـ بنية تحتية ضخمة ـ الامن والانضباط.. هو إذا ملف جاهز واقعيا، وهي عوامل حصدت نقط المصوتين.
أما ملف المغرب من منظور المغترب” فقد استعان بالشروحات الشفوية المجسمة للملاعب والبنية التحتية، كما حصل في الملفات السابقة والفاشلة طبعا، استمالة الاصوات بطرق ملتوية، الاخفاق هي النتيجة، وعلي المغرب العمل والاستثمار لتجسيد واقعية ملف الترشيح، بعيدا عن الخمول والركون.
نشير أن ميزانية تنظيم المونديال ترتفع في كل تظاهرة، حيث أنفقت فرنسا في مونديال 1998 ما يعادل 360 مليون يورو، وفي مونديال 2006 رفعت ألمانيا المزانية إلى مبلغ 430 مليون يورو، ليرتفع المبلغ في جنوب إفريقيا بمونديال 2010 إلى 3 مليار يورو، لتستقر الميزانية بمونديال البرازيل 2014 في 13 مليار يورو، هذا وتشير التوقعات إلى أن مونديال روسيا 2018 سيكلف21 مليار يورو، في ما أعلنت قطر استعدادها لضخ 200 مليار يورو لإنجاح دورة 2022.
أمضال أمازيغ: حميد أيت علي “أفرزيز”
تقرير رائع تحياتي أمضال بريس