المنوزي ينصح “اليسار” بالاهتمام بالتدين وبتجار الدين

مصطفى المنوزي

نصح المحامي، مصطفى المنوزي من وصفهم “ببعض اليسار الذي يريد بناء ذاته على الأنقاض” أن يهتموا بالتدين وبتجار الدين.

وقال الفاعل الحقوقي في مقال له :”فهم يقتاتون من تربة محافظة و إقطاعية، وهي نفس معين الأصولية الدولتية، ومن ثناياها يتسرب الاختلال بمزيد من المحافظة والتخلف، ليقع شبابنا خارج منطق التواصل التاريخي”.

وأضاف المنوزي أن “الخيار التقدمي ذاب، كفص الملح، واينع شبح الإرهاب الفكري، وتضخمت فاتورة الفداء والتضحية، وكان الرهان قويا على مقتضيات العهد الجديد دون جدوى”.أما مطلب الحداثة، الذي كان من الممكن ان يكون وقودا لمحرك الإنتقال الدمقراطي، يضيف الكاتب “فقد صار متقادما في ظل الهجانة واللبرالية المتوحشة العابرة للاقطار. والثقافات..”.

وشدّد المتحدث على أن المرء لكي يتحرر من أحلام رأسمالية الدولة، عليه النبش في مقومات ما بعد الحداثة، أيننا إذن، من عودة الفكر الذي يقود السياسة ويؤطر الطموح العقلاني”، وزاد المحامي “فهاهو الثامن من اكتوبر يخلد ذاته بطعم خاص وبمنظور خصوصي عشية يوم ثاني جمعة من اكتوبر، موعد خطاب التصحيح والتطهير والإصلاح الذاتيين ، المفترضين طبعا او المتطلبين، والذي كان على شتات اليسار أن يستبق بتقديم عرض سياسي يدعو فيه إلى دمقرطة نمط الاقتراع وسيلة وغاية دون المساس بجوهر مطلب تحديث النظام والعمل السياسي”. وفق ما جاء في مقاله.

في مايلي نص المقال كاملاً:

في الحاجة إلى تعددية سياسية بدل تعدد حزبي

( في ظلال ذكرى بيان 8 أكتوبر 1972 )
“”” الخطيون هم الأسمى منزلة بين هذي الجموع ..
المؤمنون بالنسب ( ولاشيء سواه)
ومن يحتل المرتبة الأسمى شأنا بين الآلهة والبشر ..
هو من يفيض حكمة وفضيلة..”””
منقولة عن الأستاذ مصطفى غلمان مشكورا .

ما بين 16 غشت 1972 و 3 مارس 1973 كان الصراع واضحا والتسويات واضحة ، بتبادل النار او الحوار ، كان العرض والإيجاب والقبول والرفض ، بين القصر والمعارضة ، على أمل نهاية حالة الإستثناء ، وعودة سؤال الاخطاء الثلاثة التي طرحها ” النقد الذاتي ” للمهدي لبنبركة الذي حل محله ” التقرير المذهبي ” لعبد الله إبراهيم لتعود معه أسئلة تقليدية في صيغة إحياء مطلب التحرر السياسي والإقتصادي ، في العلاقة مع الخارج والسلطة السياسية ، وكان بيان 8 اكتوبر جوابا على عرض الرسالة الملكية ، جوابا تببن من خلال ما تلاه من احداث ان الرهان الإتحادي يروم التغيير الجذري لهياكل الحكم ، خاصة بعد أن فقد النظام جزء مهما من قاعدته الإجتماعية ، إثر الإنقلابين العسكريين.

وبالنظر إلى تسويات ما بعد فشل انتفاضة 3 مارس 1973 ومنع الإتحاد الوطني لطلبة المغرب وحل حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وإرسال تجريدتين من مشاة وضباط الى الجولان وسيناء ، وإعدام خيرة الأطر هنا وهناك او ترحيلهم إلى المعتقلات السرية على إمتداد ربوع الوطن ؛ فجاء جيلنا الشبيبي كمشروع بديل ونم التخلي عن الإزدواجية والإختيار الثوري ، وثيقة وسلاحا ، وعشنا مرحلة ” القمع والوحدة الترابية ” بدل ” الوحدة والدمقراطية “.

وكان الشرط الأساسي تبني خيار النضال الدمقراطي ببعد اجتماعي ، في افق التأسيس لملكية برلمانية ، مقابل الإنفتاح السياسي و التخلي عن نزوات الحكم الفردي المطلق ، ليظل السؤال مطروحا : ما الذي تحقق ، وما دور جيلنا، ودون ان اجيب خارج المقاربة التشاركية.

وحتى لا اكون وصيا على الشباب وجيلنا بالذات ، اكتفي بالتذكير بما تم تفصيله أعلاه، مساهما بملاحظات بسيطة ومشروع خلاصة : فعلا انه زمن لا يليق بنا ولذلك علينا ألا نعيش زمننا وزمن غيرنا ، دعونا نرتاح، فأغلب الذين يعادوننا هنا وهناك، سياسيا او فكريا ، كانوا غير مكترثين لمخططات الإجهاز على المكتسبات الوطنية، قاومنا مشاريع الإصلاحات المزعومة ، في التربية والإقتصاد، والقاتلة للكرامة الوطنية ، وظلوا جمهورا من المتفرجين يحصون عدد الضربات التي تليقناها من قوات القمع وعدد السنين التي قضيناها في سجون الحكم الفردي المطلق.

والآن بعد أن امتدت جثامين ذوينا عبر ربوع الوطن الجريح ، تستعمل جسورا للإرتقاء السياسي والإجتماعي ، فتبا لمشهد تطوقه تمثلات نفعية اقتصاد الكسل والخنوع والريع ، فنحن سائرون إلى تكرار عناق قدرنا ، عشية كل محطة إستفتاء و انتخابات دورية، ليست هي الأولى ولا الاخيرة في التاريخ الوطني التي عرفت مماريات احتيالية وتزوير للإرادات، ونصيحتي لبعض اليسار الذي يريد بناء ذاته على الأنقاض أن يهتموا بالتدين وبتجار الدين ، فهم يقتاتون من تربة محافظة و إقطاعية، وهي نفس معين الأصولية الدولتية، ومن ثناياها يتسرب الاختلال بمزيد من المحافظة والتخلف ، ليقع شبابنا خارج منطق التواصل التاريخي.

فقد ذاب الخيار التقدمي ، كفص الملح ، واينع شبح الإرهاب الفكري ، وتضخمت فاتورة الفداء والتضحية ، وكان الرهان قويا على مقتضيات العهد الجديد دون جدوى ، أما مطلب الحداثة ، الذي كان من الممكن ان يكون وقودا لمحرك الإنتقال الدمقراطي ؛ فقد صار متقادما في ظل الهجانة واللبرالية المتوحشة العابرة للاقطار. والثقافات..

فالمرء لكي يتحرر من أحلام رأسمالية الدولة ، عليه النبش في مقومات ما بعد الحداثة ، أيننا ، إذن ، من عودة الفكر الذي يقود السياسة ويؤطر الطموح العقلاني ، فهاهو الثامن من اكتوبر يخلد ذاته بطعم خاص وبمنظور خصوصي عشية يوم ثاني جمعة من اكتوبر ، موعد خطاب التصحيح والتطهير والإصلاح الذاتيين ، المفترضين طبعا او المتطلبين ، والذي كان على شتات اليسار أن يستبق بتقديم عرض سياسي يدعو فيه إلى دمقرطة نمط الاقتراع وسيلة وغاية دون المساس بجوهر مطلب تحديث النظام والعمل السياسي.

ولعل بعض ما تم اقتراحه في هذا السياق لا يفي بالمطلوب كغاية ديموقراطية ، ولكن يكفي أن يخلخل نزعات التحكم والسيطرة والإستئصال المتبادل ؛ شريطة الانتباه إلى أن البلقنة قد تكون أفظع من الهيمنة واحتكار السلطة ، مما يستدعي تأهيل المشهد الحزبي على أساس تعددية فكرية وسياسية حقيقية عوض تعددية حزبية كمية لا تخدم سلطان إرادة التعبير الحر وبالأحرى حقيقة جوهر الديموقراطية التمثيلية .

اقرأ أيضا

ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك

نظمت شعبة الفلسفة، بالتعاون مع مجتمع الخطاب وتكامل المعارف وماستر الفلسفة المعاصرة: مفاهيم نظرية وعملية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *