سجلت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بأسى وقلق وتذمر استمرار الأوضاع المهنية للصحافيات والصحافيين في التدهور، بوتيرة أسرع من الماضي، على كافة المستويات وفي جميع القطاعات بدون استثناء.
وقال بلاغ للنقابة الذي اصدرته على هامش اشغال اليوم الدراسي الذي نظمه المكتب التنفيذي للنقابة بالداربيضاء يوم الخميس 3 اكتوبر الجاري، توصلنا بنسخة منه، بأن الزملاء والزميلات بالصحافة المكتوبة ” الورقية والرقمية” “يواجهون ظروفا صعبة وقاسية أمام حالة الجمود والتدهور الذي يغرق فيه القطاع”.
وأضاف البلاغ بأن “هناك تراجعات خطيرة حتى بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع في الماضي، إذ تمتنع بعض مؤسسات الإعلام المكتوب عن تسديد واجبات الانخراط بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والتقاعد التكميلي، رغم أنها تقتطع هذه المستحقات من أجور العاملين والعاملات”.
وأكد أن تقاريراللجان النقابية، التابعة للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، “ترصد الأساليب الخطيرة التي تمارسها بعض المؤسسات الصحفية في تسديد الرواتب، حيث يوقع الصحافيون على مبالغ أقل مما يتقاضونه فعلا، وبالنسبة للأجور فقد عرفت جمودا مطلقا منذ سنوات خلت والتي أضحت تعتبر من أقل المداخيل المالية مقارنة مع مداخيل باقي الأطر في المجتمع”.
وجددت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبر بلاغها، “التذكير بأن رفع قيمة الدعم المالي لفائدة المؤسسات الإعلامية المهيكلة لم يستفد منه الصحافيون ولا العاملون داخل هذه المؤسسات، ولم ينعكس على رواتبهم ووضعيتهم الاجتماعية، ناهيك أن العديد من المؤسسات المستفيدة من هذا الدعم لا تحترم مقتضيات الاتفاقية الجماعية التي تمثل شرطا رئيسيا للاستفادة من الدعم”.
وسجلت النقابة ب “استياء كبير التخاذل الممنهج على عدم تجديد الاتفاقية الجماعية التي تنص على ضرورة مراجعتها بعد مضي مدة ثلاث سنوات على دخولها حيّز التنفيذ” مؤكدة أنه “مضت أكثر من 15 سنة على إقرار هذه الاتفاقية، الأمر الذي فتح الباب أمام الخروقات الكبيرة التي تعرفها عدد من المؤسسات الاعلامية والتي لا تحترم أبسط حقوق العاملين بها، والذين يشتغلون في ظروف حاطة بالكرامة”.
ونبهت النقابة الوطنية للصحافة المغربية إلى “الخطورة البالغة التي أضحت تهدد مهنة الصحافة بسبب حالة الفوضى والتسيب التي تعيش عليها، وفي هذا الصدد فإن النقابة تقرر فتح ورش تشاور وطني من أجل إصلاح جديد للقانون الأساسي للصحافي المهني وقانون الصحافة والنشر وقانون إحداث المجلس الوطني للصحافة وعلى المرسوم الوزاري المتعلق بمنح بطاقة الصحافة المهنية بما يضمن حماية المهنة من هذه الحالة المتدهورة”.
وفيما يخص الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية نبهت إلى “الخطورة البالغة التي تكتسيها حالة الجمود والانتظارية في هذه المؤسسة الإعلامية الكبرى، في الوقت الذي أوقفت فيه إدارتها وبطريقة غير مفهومة المشاورات والمفاوضات التي كانت تجريها مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عكس ما روجت له الإدارة في بلاغها الأخير وموازاة مع ذلك تستمر الأوضاع داخل هذه المؤسسة في التردي، خصوصا ما يتعلق بظروف العمل التي لم تجتهد الإدارة إلا في اتجاه تشديد المراقبة على العاملين وتتبع خطواتهم”.
في حين دعت النقابة في ذات البلاغ إلى الإهتمام الحقيقي والفعلي بالأوضاع المادية والمهنية للزملاء داخل القناة الثانية” معتبرة أن “الأزمة المالية التي تدفع بها إدارة المؤسسة في كل مناسبة، والتي لا يمكن القبول بها ، والتي هي نتيجة لسياسة الإدارة و لطريقة تسييرها للقناة الثانية ولسنوات خلت، لن تصلح ما تم إفساده” موضحة أن هذا “ليس مبررا لحالة الأزمة العامة التي تعيشها القناة ولا مبررا أيضا لتجاهل المطالَب المشروعة للعاملين هناك”.
ودعت النقابة الوطنية للصحافة المغربية إدارة القناة إلى “الجلوس إلى طاولة الحوار على أساس الاستجابة لمطالب العاملين و فق أجل زمني معقول ومحدد” .
وأشار البلاغ إلى أن الأوضاع داخل وكالة المغرب العربي للإنباء ليست أفضل من سابقاتها، بحيث اكد البلاغ أنها “تزداد سوء وترديا، إذ عوض الاهتمام بالأوضاع المادية والمهنية للعاملين خصوصا الصحافيين، وتحسينها، تلجأ الإدارة إلى استثمارات مضخمة”.
مضيفا أن “الإدارة، وبعد سطوها على جمعية الأعمال الاجتماعية وعدم تطوير وتوسيع خدماتها، وحرمان منخرطيها من الإطلاع على تفاصيل تدبير جمعيتهم، والممولة من المالية العمومية، تجتهد الإدارة الحالية لهذه المؤسسة في ممارستها الاستبدادية لضرب العمل النقابي، وهو الأمر الذي تجلى في التعيينات الأخيرة داخل الوكالة، حيث ألقت الإدارة بالمسؤولين النقابيين في مناطق بعيدة انتقاما منهم وحرصا منها على منعهم من ممارسة حقهم المشروع في العمل النقابي”.
وأكدت النقابة أن “هذه المؤسسات، سواء تعلق الأمر بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أو بالقناة الثانية أو بوكالة المغرب العربي للأنباء باعتبارهم مؤسسات عمومية، أبعد ما تكون عن تقديم الخدمة العمومية وعن أداء المرفق العام، حيث تقدم منتوجا يفتقد إلى ابسط شروط الخدمة العمومية ويتنصل من مسؤوليته المجتمعية باعتبار هذه المؤسسات جزء من المرفق العام الذي يمول بميزانيات متحصلة من المال العام”.
وتطرق بلاغ النقابة إلى أن ” الإذاعات الخاصة، التي كان الأمل معقودا عليها للريادة في مجال إيجاد وتثبيت نماذج مقاولات إعلامية حديثة ومتطورة، تعيش أوضاعا خطيرة جدا تتميز بإذلال العاملين في ظروف عمل قاسية جدا وبأجور هزيلة، بل إن زملاء تعرضوا إلى انتهاكات جسيمة لحقوقهم”.
مشيرة إلى أن “بعض المسؤولين في هذا القطاع يدبر المؤسسة بثقافة الضيعة والقطيع، لذلك لا يجد أي حرج في الطرد والتسريح والانتقال التعسفي والانتقامي، بل إن بعض مؤسسات هذا القطاع تمنع الصحافيين حتى من الحصول على وثائقهم الإدارية العادية”.
وأكدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية أنها ستتابع “الأوضاع المادية والمهنية المتردية في قطاع الصحافة والإعلام بما يجب من مسؤولية وحزم، وأنها ستقدم على خطوات وقرارات تكون في مستوى مواجهة هذه الأوضاع التي تكاد تكون غير مسبوقة”.
وتحمل النقابة “السلطات العمومية المختصة والحكومة وقطاعاتها المختصة، مسؤولية ما قد يترتب على المعاناة القاسية التي يواجهها الصحافيون والصحافيات”. ودعت النقابة الفدرالية المغربية لناشري الصحف إلى تحمل مسؤوليتها في هذه الظروف الدقيقة جدا”.
*رشيدة إمرزيك