انتصارنا الرياضي وطني مغربي وقاري

رشيد نجيب

فرح أبناء وبنات وطننا العزيز في الداخل والخارج بمناسبة فوز المنتخب المغربي لكرة القدم للأقل من 20 سنة بكأس العالم الخاصة بهذه الفئة في نسخة الشيلي 2025. بهذه المناسبة التاريخية والاستثنائية التي عمت بها الفرحة جميع ربوع وطننا، بعث جلالة الملك محمد السادس نصره الله برقية تهنئة إلى أعضاء المنتخب الوطني المغربي، أشاد فيها جلالته بهذا الإنجاز الرياضي العالمي الجديد الذي يعد نوعيا على مستوى تاريخ كرة القدم المغربية.

وفي الوقت الذي انبرى فيه العديد من المعلقين والمحللين والصحافيين الرياضيين، داخل وخارج الوطن، على نسبة هذا الإنجاز إلى ما يطلق عليه “العالم العربي” باستعمال كل العبارات التي تعود إلى زمن الحرب الباردة وزمن حكم أنظمة حزب البعث في المشرق من قبيل: العالم العربي، من الخليج إلى المحيط، أول منتخب عربي، الإنجاز العربي، الانتصار العربي…وغيرها من العبارات التي لم يعد لها معنى وجود في الواقع ولا في التاريخ بعد سقوط الأنظمة البعثية القومية في الشرق العربي.

في هذا الوقت إذن، جاءت البرقية الملكية السامية المذكورة حاسمة وفية مخلصة للواقع الهوياتي الوطني الذي يستحضر المغرب كمملكة راسخة في التاريخ بمكوناتها الهوياتية المتنوعة وبانتمائها القاري الإفريقي العريق والأصيل، وهذا ما تؤكده العبارات الدقيقة جدا والتي تضمنتها برقية التهنئة الملكية السامية، إذ يقول جلالته: “…شرفتم بلدكم وشبابه أيما تشريف، ومثلتموه وقارتنا الإفريقية خير تمثيل”.

هكذا، تنضاف هذه البرقية السامية إلى ترسانة من الوثائق الملكية التاريخية المعززة للطابع الهوياتي المغربي المتميز بأصالته وعراقته وتعدده وتنوعه وانتمائه الجغرافي الإفريقي. بعيدا عن أي تموقع عرقي إيديولوجي معين.

إن إصرار بعض المعلقين والصحافيين على استعمال العبارات التي تحمل في طياتها ومضامينها شحنات تمييزية إن لم نقل عنصرية من مثل: أول منتخب عربي، الوطن العربي، الأمة العربية، العالم العربي وما شابهها للتعليق على الاستحقاقات والإنجازات الرياضية التي حققتها وتحققها بلادنا، تعبر في المحصلة عن استيلاب واضح وتنكر صريح للأبعاد الهوياتية الحقيقة لهذا الوطن العزيز بانتمائه الإفريقي الواضح والجلي.

منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، تحققت العديد من المكتسبات السياسية والثقافية غير المسبوقة في مجال تحصين ورعاية نسيجنا الهوياتي الوطني الموسوم بالتنوع والتعدد، ومن ذلك: تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الترسيم الدستوري للأمازيغية، ترسيم الاحتفال بالسنة الامازيغية…ومنطقيا، فإن الاستعمال الإعلامي للعبارات التمييزية المذكورة أعلاه يعد نوعا من عدم فهم للتاريخ الوطني في أصالته وتميزه وعراقته، وعدم تمثل لكل المكتسبات الثقافية والسياسية التي راكمتها بلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال التحصين الهوياتي لبلادنا.

لقد حان الوقت للانتباه إلى ما تبثه وسائل الإعلام، سواء العمومية أو الخاصة، بالنسبة للحديث عن الهوية الحقيقة لبلادنا وانتمائه الجغرافي الطبيعي الحقيقي كما يتجسد كل ذلك في المرجعيات الملكية الوطنية والاختيارات الديمقراطية والثقافية لبلادنا.

اقرأ أيضا

الفضاء الافتراضي: بؤرة للتوتر ومهدد للتعايش الاجتماعي

أضحت البيئة الرقمية موقعا لانتشار ثقافة الكراهية بين رواده بفعل إمكانية البوح والتعبير عن الآراء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *