انهيار الدبلوماسية الجزائرية وانتهاء النفوذ الفرنسي واقتراب استقلال أزواد

قراءة خاطفة لحالة كيدال أزواد 2023م القضية الأزوادية من القضايا السياسية والإنسانية المركبة التي تصل مستوى القضية الفلسطينية وتتجاوز قضية دارفور وطالبان في تشابكها، وخطورتها وعمقها الاستراتيجي لذلك راح الأزواديون ضحية التعقيد الشديد والصراع العالمي القديم والحديث، وأكبر اللاعبين في ذلك المسرح هما فرنسا والجزائر، ولكل خطته وخطيئته اختلفت الخطة، واتفقت الخطيئة ولكن في النهاية انتصرت القضية الأزوادية على الباطل وسقط القناع عن القناع وانهارت الدبلوماسية الجزائرية على صخرة الصحراء الأزوادية وانكشفت ألاعيب فرنسا، وانتهت صلاحيتها وازداد شموخ القضية وضراوتها وقد تجلى ذلك بقوة صبيحة احتلال الروس والأتراك، ومالي والنيجر وبوركينا لكيدال على مرأى ومسمع من الجزائر وفرنسا.مما يؤكد فشل الجزائر في احتواء الأزمة وإدارة الملف الأزوادي المشتبك ويكشف الحدث من جانب آخر مدى انتهاء النفوذ الفرنسي في المنطقة وهذان مؤشران كبيران على اقتراب استقلال أزواد، وفيما يلي توضيح موجز لهذه المقاربة.

انهيار الدبلوماسية الجزائرية في افريقيا

منذ تخطيط فرنسا لحدودها الاستعمارية في الغرب الإفريقي 1960م وإعلان شبه الاستقلال رفض الأزواديون فكرة ضمهم القسري إلى جسم غريب عنهم لغة، وفكراً وعرقا وتاريخا هو جنوب مالي ومن ذلك الوقت ظلت الجزائر حريصة على وصايتها واستحواذها على الإقليم وظلت فرنسا راضية أو مشجعة لتلك الوصاية، ونسي كل من الجزائر وفرنسا أنه سيأتي يومٌ ينفلت فيه الإقليم منهما بواسطة أطراف أخرى تطمع في الخيرات العظيمة التي تزخر بها الأرض الأزوادية ومع كل ثورة تفرض الجزائر نفسها الحكم والقاضي، والضحية، والمدعي والمتهم في الآن نفسه وفي الحالة الأخيرة 2014م ظن الأزواديون ومعهم جمع غفير من المجتمع الدولي أن الجزائر جادة في إدارة الملف، وقادرة على إيجاد حلٍّ يرضي كل الأطراف ومستعدة لتحمل كامل المسئولية لتطبيق رؤيتها، وضامنة لما شهد ووقع عليه أطراف النزاع بحضور العالم وهي صفات طالما عقدت لقاءات ومناظرات سرية وعلنية بين الأزواديين حول إثباتها ونفيها، لمضي ما يقارب عقدا من الزمن دون تطبيق أي بند من بنود اتفاقية الجزائر وهي اتفاقية الجزائر الثالثة وأكبر دليل للظانين بالجزائر خير الظن أن دولة بحجم الجزائر لن تسمح بفضيحة الفشل للمرة الثالثة في إدارة ملف مالي ازواد لأن ذلك الفشل يعني عجزاً حقيقيا في فن الدبلوماسية، وفقرا مدقعا في إدارة النزاعات وهو وضْعٌ يحرم الجزائر من أية مكانة لدى الطرفين المالي والأزوادي ويقلل من سمعة الجمهورية الشعبية لدى المجتمع الدولي واليوم بعد احتلال الروس والأتراك لجنوب الجزائر عن طريق احتلال كيدال من يوم 14 نوفمبر 2023م يتضح جليا صدق المتنبئين بفشل الوساطة الجزائرية منذ الأيام الأولى من توقيع الاتفاقية، وكان كاتب هذا المقال ممن يعارضون هذا التوقع السلبي بحجة أن الجزائر أعظم من أن تعرض سمعتها الدبلوماسية لعارٍ ثقيل كهذا الذي كشفته حالة كيدال التي تعني بكل بساطة نعي اتفاقية الجزائرللمرة الثالثة على التوالي وهو يعكس انهيارا مدويا لمقام الجزائر أمام الرأي العام، بنفس حجم الفضيحة الكبرى التي تطبع جبين فرنسا فور انهزامها المخزي أمام روسيا في افريقيا.وهو فشل جزائري استنبطه النيجريون قبل واقعة كيدال وأعربوا عن قلقهم من مبادرة الجزائر في الوساطة بين الفرقاء النيجريين.

انتهاء النفوذ الفرنسي ومعه المحور الغربي في افريقيا

لقد كنتُ بين قلة من الأفارقة الذين يكرهون الاحتلال الفرنسي، ولكن بنفس الوقت ندعي أن فرنسا ما زالت بلدا من أقوى أعضاء الناتو، والاتحاد الأوروبي، ولا يتوقع أن تمرغ أنفه شركة فاغنر الروسية، وبعض القوميين الأتراك فهي لم تتصارع في غرب افريقيا مع روسيا كدولة، ولا مع تركيا، ولكن انكشف غباؤها السياسي، وعجزها العسكري، وضعفها الاستخباراتي، وجرّت ذيول الخيبة والعار منهزمة أمام الروس، والأتراك، والأفارقة دون أدنى مقاومة، وهو الأمر الذي ينبغي أن يشجع الأزواديون ويلهمهم بأنه لا يوجد مستحيل، فمن يتخيل انتصار السياسة التركية الروسية على السياسة الفرنسية في هذه الدول التي صنعتها فرنسا، وربتها، وكونتها، ومولتها، وحضنتها فترة طويلة من الزمن؟!.

اقتراب استقلال أزواد:في المثل الطارقي أمدن هرتن غور كراض أي تنتهي الشئون عند ثلاثة فشلت الوساطة الجزائرية الثالثة وفشلت السياسة الفرنسية وجرّب الأزواديون ضرائب التفاهم مع عاصمة المحتل بماكو وجرب المحتل المالي 3 أشكال من الحرب على أزواد:

1. الحرب المالية الأولى: الاعتماد على الجهود الذاتية للجيش المالي من القتل والتشريد والحرمان والتجهيل وتسميم الآبار واستخدام الصراع العرقي بين البيض والسود من خلال تسليح الأزواديين السود ضد البيض عبر ميليشيات غاندوكوي من 1963م إلى 2010م

2. الحرب المالية الثانية: استخدام القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وخاصة حركو موجاو واستخدام الصراع القبلي من خلال تجنيد بعض الطوارق والعرب أنفسهم ضد الأزواديين عبر ميليشات جاندي إيزو، وغاتيا، و ام ا و إم س أ من 2012م إلى 2022م في ظل غياب شبه كلي للجيش المالي عن مسرح الأحداث.

3. الحرب المالية الثالثة: تجنيد أكبر شركة ارتزاق في الحروب (شركة فاغنر الروسية) بالتعاون مع تركيا والنيجر وبوركينا فمن المخجل أن يتم تصوير جيش وطني لدولة ما وهو محروس بالمرتزقة الأجانب روسيين وسوريين، وتونسيين ثم يفتخر أبناء تلك الدولة بذلك الجيش ويذكر ذلك باستبدال مستعمر غربي قديم بمستعمر شرقي جديد كما عملت بماكو 2023م وكل هذه الحروب الثلاث جربتها مالي على الشعب الأزوادي لعلها تقضي على الشعب أم على قضيته فتمت كل تلك الحروب والشعب الأزوادي في ازدياد وتطور وازدهار وقضيته الأزوادية في نموٍّ وارتقاء وانتشار فلا شك أن مآل المحتلين هو الزوال، ونهاية الثوار هي الأنتصار.

*وكالة أزواد للأنباء أزواد برس

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *